050710 Türkei Außenpolitik EU
٥ يوليو ٢٠١٠يحتار خبراء السياسة في الوقت الراهن في تحليل السياسة الخارجية التي تتبعها تركيا منذ فترة وتعطي الانطباع بأنها تسعى إلى تعزيز علاقاتها مع الشرق، ومع الدول الإسلامية بصورة خاصة، في الوقت الذي بذلت كل ما تملكه من جهد ليس للتقرب من أوروبا فقط، بل وللانتساب إلى الاتحاد الأوروبي في ظل وجود أطراف أوروبية فيه رافضة لهذا المنحى: والسؤال الكبير الذي يطرح حاليا يتمثّل في ما إذا كانت السياسة الخارجية لأنقرة تعيش زمن التحول الكبير فيها من الغرب إلى الشرق.
"تركيا أصبحت دولة واثقة من نفسها"
تشير تحاليل الخبراء إلى انقسامهم بين من يجيب ب "نعم" أو ب "لا" وبين من يجيب بنعم نسبية وبلا نسبية أيضا. وفي مطلق الأحوال يرى الدكتور هاين ـ يورغن أكست من معهد علوم السياسة في جامعة دويسبورغ ـ إسّن أن تركيا "أصبحت دولة واثقة بنفسها وتعي أهميتها الاقتصادية التي تستغلها في سياستها الخارجية التي تعكس من جهة ثقة في النفس، وتطرح من جهة أخرى على شركائها مثل أوروبا والولايات المتحدة أسئلة عديدة حول ما إذا كانت توجهاتها الجديدة ستؤدي إلى توتر ما". وفي ألمانيا على سبيل المثال يجري النظر إلى الجهود التي تبذلها أنقرة للتقليل من مشاكلها مع جيرانها نظرة إيجابية، لكن العلاقات الخارجية بين الدول لا تتطبع بين ليلة وضحاها كما نرى ذلك مع أرمينيا حيث ترفض تركيا الاعتراف بارتكابها مجزرة ضد الأرمن مطلع القرن العشرين الماضي. وإلى جانب هذا النزاع يوجد نزاع منطقة قره باخ الأرمنية في جمهورية أذربيجان التي تحتلها قوات أرمنية.
ولتركيا نزاع آخر مع اليونان العضو في الاتحاد الأوروبي عنوانه قبرص التي احتل الجيش التركي الجزء التركي منها عام 1974، وهي بدورها عضو في الاتحاد الأوروبي باستثناء الجزء المحتل. ولا بد لأنقرة من العمل مع البلدين لحل مشاكلها بصورة ترضي الاتحاد الأوروبي وتزيل بعض العقبات القائمة أمام دخولها الاتحاد.
وعلى الحدود مع العراق تنشط الدبلوماسية التركية من أجل منع انشطار البلد وتفتته، وتعتقد أنقرة أن نشوء دولة كردية على جزء من العراق هو عمل انقسامي سيشجع الأكراد الأتراك على ممارسة نشاطات انقسامية بدورهم. وتعرف أنقرة أنها غير قادرة على ممارسة نفوذ على العراق، إلا إذا ساعدتها الولايات المتحدة. وفي منطقة الشرق الأوسط حاولت تركيا في السنوات الماضية أكثر من مرة الظهور بمظهر الحكم والوسيط بين إسرائيل والبلدان العربية، لكن هذا الدور تغيّر فجأة بعد مهاجمة الجيش الإسرائيلي سفن "أسطول الحرية" الحامل مساعدات طبية ومعيشية إلى غزة وأسفر عن مقتل تسعة ناشطين. واتهم رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان العملية العسكرية الإسرائيلية ب "المجزرة" وطالب بمعاقبة إسرائيل.
"يمكن تفهم غضب أنقرة على إسرائيل"
وعلى عكس الخبير في الشؤون التركية في الكتلة النيابية للاتحاد المسيحي، توماس بارأيس، الذي حذّر أنقرة من إضاعة شراكتها الجيدة مع إسرائيل حمّل خبير الشؤون التركية في الحزب الاشتراكي الديمقراطي ديتمار نيتان إسرائيل أسباب التوتر بينها وبين تركيا. وبعد أن أشار إلى الجهود التي بذلتها أنقرة لتحسين العلاقات الإسرائيلية ـ العربية قال إنه "يتفهم جيدا الغضب التركي من الحكومة الإسرائيلية الحالية".
وأضاف أن على الدولتين العمل على تحسين علاقتها بالأخرى. وفي الواقع حصل في نهاية شهر حزيران/يونيو الماضي لقاء بين وزير الخارجية التركي ووزير التجارة الإسرائيلي في بروكسيل. وفي الشرق الأوسط ثمّة نزاع آخر يتعلق بالملف النووي الإيراني اتخذت منه تركيا موقفا مغايرا عن الغرب. ولكن الصفقة التي نفذها أردوغان والرئيس البرازيلي لولا دا سيلفا مع الرئيس أحمدي نجاد في طهران لتبادل اليورانيوم مع الغرب فشلت في إقناع الأمم المتحدة بعدم فرض عقوبات جديدة على طهران. وأغضب تصويت تركيا والبرازيل ضد العقوبات في مجلس الأمن الدولي الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي الذي شدّد بدوره عقوباته الخاصة إزاء إيران.
وهذا الموقف وغيره دفع رئيس اللجنة الخارجية في البرلمان الألماني روبرشت بولنتس إلى التساؤل حول ما إذا كانت أنقرة قررت الابتعاد عن الغرب، لكن سياسيين وخبراء ألمان أجابوا عن ذلك بالنفي القاطع. وقال الخبير نيتان إنه طالما لم تنفذ تركيا عملا عدائيا ضد الغرب أو ضد الديمقراطية فان النشاط الذي تمارسه كدولة "إيجابي ولا بد من الترحيب به".
الكاتب: كلاوس دهمان/اسكندر الديك
مراجعة: حسن زنيند