"تركيا تسعى للتطبيع مع إٍسرائيل".. فلماذا يهاجمها أردوغان؟
٢٠ مايو ٢٠٢١في الوقت الذي التزم فيه الكثير من قادة دول العالم ورؤساء الحكومات بالنهج الدبلوماسي قدر الإمكان فيما يتعلق برد الفعل على التصعيد الدائر بين إسرائيل وحماس، إذ تعالت الدعوات إلى وقف التصعيد، أقدم الرئيس التركي رجب طيب اردوغان على تبني نهجا مغايرا تماما.
ففي أحدث تعليق له، وصف الرئيس التركي إسرائيل بكونها "دولة إرهاب" و "غير أخلاقية" وذلك في استمرار منه في شن انتقاداته اللاذعة بشكل يومي ضد إسرائيل وحلفائها.
وفي رد فعلها، أدانت الولايات المتحدة بشدة تصريحات أردوغان الأخيرة.
ولم تتوقف انتقادات اردوغان عند هذا الأمر، إذ أنتقد النمسا لأنها ترفع إعلام إسرائيل فوق المباني الحكومية في العاصمة فيينا، بما فيها مكتب المستشار النمساوي.
وليس سرا أن أردوغان يتعاطف مع حركة حماس التي تعتبرها إسرائيل والولايات المتحدة "منظمة إرهابية" بل ويقيم اتصالات وثيقة معها. ومع ذلك، ساد انطباع مؤخرا لدى الرأي العام بأن الحكومة التركية في طريقها لتحسين علاقاتها مع إسرائيل والتقارب معها.
ورغم هجوم أردوغان العنيف والمتكرر بشكل مباشر ضد إسرائيل، إلا أنه جرت مؤخرا مباحثات بين أنقرة وتل أبيب خاصة في ظل تنامي التبادل التجاري بين البلدين وارتفاع الصادرات التركية إلى إسرائيل في السنوات الأخيرة.
لعب دور الوسيط
وتبذل أنقرة جهدا كبيرا لتطبيع علاقات مع إسرائيل، حسبما يقول سنان أولجن رئيس مركز دراسات الاقتصاد والسياسة الخارجية في إسطنبول.
ويضيف أولجن أن "التصعيد والتوتر في القدس الشرقية اندلع في الوقت السيء بالنسبة لتركيا".
ويعتقد أولجن والعديد من المراقبين أن الحكومة التركية كانت ترمي إلى لعب دور وساطة بين إسرائيل والفلسطينيين إذ جرت في الماضي مباحثات منتظمة مع الكنسيت وكذلك مع القيادة الفلسطينية.
ففي سبتمبر / أيلول من العام الماضي، استضافت تركيا مباحثات بين ممثلين عن حركتي فتح وحماس لرأب الصدع بينهما وتحقيق المصالحة الفلسطينية ولعبت أنقرة دور الوسيط في هذه المباحثات.
وفي ذلك، يقول أولجن إن "الوساطة النشطة بين حماس وإسرائيل وأيضا إقامة حوار كانت بمثابة مبادرة ستصب في صالح تركيا وتحقق لها فوائد عديدة".
ويشير أولجن إلى أنه الوقت الحالي وفي ظل تصريحات أردوغان المعادية لإسرائيل، يصعب المضي قدما في عملية التقارب بين تركيا وإسرائيل.
من جانبه، يرى ويتون أورهان من مركز الدراسات الاستراتيجية للشرق الوسط ومقره أنقرة، أنه "في ظل الظروف الراهنة حيث وصل التوتر إلى أعلى مستوى له، يبدو أنه من المستحيل البدء في جولة جديدة من مفاوضات السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. "
ويضيف الباحث أنه "من المستحيل ببساطة في هذا التوقيت تبنى موقفا محايدا حيال التوتر الدائر حاليا".
أنقرة والرغبة في قيادة العالم الإسلامي
لا يمكن لتركيا أن تمضي قدما في لعب دور الوسيط في الوقت الحالي إذ يبدو أن الحكومة التركية تسعى لتحقيق مهمة جديدة ومختلفة من وجهة نظرها.
ففي خطابه أمام اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي والتي تضم في عضويتها 56 دولة إسلامية، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاويش أوغلو على مكانة تركيا كنموذج يجب أن يحتذى به.
وقال الوزير التركي إن "الأمة الإسلامية تنتظر منا لعب دور قيادي." وكان تشاويش أوغلو يشير إلى اتخاذ إجراءات منسقة ضد الحكومة الإسرائيلية التي اتهمها بالقيام "بتطهير عرقي وديني وثقافي".
من جانبه، يقول يدين سيزر، المحلل السياسي التركي المختص في السياسات الخارجية، إن الأمر لم يكن مفاجئا فيما يتعلق بقيام حزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا بصب الزيت على النار.
ونوه سيزر بسعي أردوغان الدائم في إرضاء القاعدة الأساسية داخل حزبه، مضيفا "الحكومة (التركية) كان يتعين عليها التصرف (فيما يتعلق بالتصعيد الدائر) بهذا الشكل لأسباب سياسية داخلية بشكل أساسي." ويشير إلى أن "قاعدة حزب العدالة والتنمية في تركيا لم تكن راضية بمسار تطبيع العلاقات مع إسرائيل".
عزلة على الساحة الدولية
ويستخدم الرئيس التركي غالبا خطابه الديني أو القومي من اجل حشد أنصاره. تزامن هذا مع ما كشفت عنه استطلاعات الراي من تدني شعبية أردوغان وحزبه وسط اتهامات من المعارضة للرئيس التركي باستخدام مثل هذه الانتقادات والخطب اللاذعة واستغلال حالة الاستقطاب الحالية لتشتيت الأنظار بعيدا عن المشاكل التي تواجها الحكومة كالفشل في إدارة جائحة كورونا وأيضا الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالبلاد منذ وقت طويل.
وبغض النظر عن أن هذا الخطاب والمسار الذي تنتهجه الحكومة التركية يرضي القاعدة الأساسية من أنصار حزب العدالة والتنمية، إلا أنه يطرح تساؤلا حيال ما إذا كان العالم الإسلامي يريد القيادة التركية بشكل مطلق.
لكن العلاقات الثنائية بين تركيا وإسرائيل ليست الوحيدة التي تشهد توترا، إذ أن تركيا يبدو وكأنها تعيش في عزلة في الشرق الأوسط بأسره، حيث أدارت دول عربية بينها مصر والسعودية ظهرها لأنقرة.
دانيال ديريا بيلوت ، هلال كويلو / م ع