ترحيل اللاجئين السوريين من ألمانيا.. بين كوابيس وتطمينات
٧ ديسمبر ٢٠١٧بعد انتشار خبر أن وزراء الداخلية في الولايات الألمانية والمنتمون إلى التحالف المسيحي يسعون إلى ترحيل السوريين المدانين بارتكاب جرائم إلى موطنهم، وذلك على غرار أفغانستان، أثير جدل واسع بين اللاجئين السوريين في ألمانيا حول هذا الموضوع، حيث تم تعميمه من قبل بعض وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي على أنه بدء لترحيل جماعي للاجئين السوريين، ووصل ذلك إلى درجة أن هذا الخبر تحول إلى "كابوس حقيقي" لبعض اللاجئين مثل اللاجئ السوري بكري جليلاتي.
كابوس حقيقي
يقول جليلاتي المقيم في مدينة هامبورغ الألمانية لمهاجر نيوز إنه في الليلة التي سمع بها بالأخبار عن خطط لترحيل اللاجئين السوريين في ألمانيا أصبح يفكر كثيراً بالموضوع، لدرجة أنه حلم تلك الليلة بأن أفراد الشرطة "تسحبه" من سريره، لتقوم بترحيله إلى مدينته في سوريا بحجة أنها أصبحت آمنة، لكن دون أن يقوموا بترحيل ابنه الذي يبلغ الرابعة من العمر معه. وأضاف جليلاتي أنه استيقظ من كابوسه مذعوراً على صوت ابنه الصغير عبد الغني الذي قال له إنه تأخر عن الروضة، وتابع: "حضنت ابني وصرت أبكي".
لكن الأخبار التي تسببت بكابوس لجليلاتي تم نفيها من قبل وزارة الداخلية الألمانية، حيث قال متحدث باسم وزارة الداخلية الألمانية إنه وفقاً للوضع الحالي فلا أحد يطالب، ولا حتى وزير الداخلية الاتحادي، بترحيل لاجئين إلى سوريا، موضحاً أنه لا أحد يرى أن الوضع الأمني الحالي في سوريا يسمح بترحيل لاجئين إلى هناك.
"إشاعات"
وكانت ولاية ساكسونيا قد تقدمت بالفعل بطلب رسمي حول إعادة تقييم الوضع في سوريا لمناقشته في المؤتمر اللاحق لوزراء داخلية الولايات الألمانية، وتمديد قرار تجميد ترحيل السوريين الذي تم اتخاذه في عام 2012 إلى غاية منتصف العام القادم فقط. لكن وزير داخلية ولاية سكسونيا، ماركوس أولبيغ، كان قد قال لوكالة الأنباء الألمانية أن الطلب يتعلق فقط بترحيل الأشخاص الخطرين والذين ارتكبوا جرائم خطيرة في ألمانيا إلى بلادهم.
يؤكد اللاجئ السوري بكري جليلاتي أن بعض وسائل الإعلام بالإضافة إلى اللاجئين يتحملون المسؤولية في نشر هذه الأخبار التي وصفها بالإشاعات، وأضاف: "يقومون بنشر الإشاعات وتأليف القصص، وكل ذلك من أجل بضعة إشارات إعجاب (على وسائل التواصل)".
الطمأنة من "البلبلة"
من جانبه طمأن المحامي مجد إسماعيل الذي يقيم في مدينة لايبتزغ اللاجئين السوريين الذين يتخوفون من ترحيلهم أن الأخبار التي انتشرت عن "ترحيل السوريين في صيف 2018" ليست سوى تصريحات إعلامية، وأضاف لمهاجر نيوز: "إذا كان هناك ترحيل بالفعل فلن يكون سوى لأشخاص محددين مثل المجرمين والذين لم يحصلوا على الإقامة أو من تم إلغاء إقامته لسبب قانوني"، داعياً اللاجئين لإكمال أعمالهم ودراستهم بجد، دون الاكتراث لما وصفه بالبلبلة.
وكان مصطفى العمار وهو عضو مجلس أمناء "الحزب المسيحي الديمقراطي" في القضاء الإداري Ostalb الواقع في ولاية بادن فورتمبورغ، والمكلف بشؤون الاندماج في نفس القضاء الإداري، قد استبعد في مقابلة سابقة مع مهاجر نيوز أي ترحيل جماعي للاجئين، مضيفاً أنه ليس من سياسة حزبه نشر الذعر بين اللاجئين أو غيرهم، وأضاف أن "البعض ذهب بالخبر مذاهب بعيدة عن متنه"، وتابع أن الموضوع يخص أصحاب الملفات الجنائية والإرهابية فقط، مؤكداً أنه تم بالفعل ترحيل عدد من أصحاب الجنايات إلى أفغانستان وغيرها.
وعن الخطط بترحيل اللاجئين السوريين الذين يرتكبون جرائم في ألمانيا يقول جليلاتي أنه يعتقد أن الجميع يؤيد ترحيل كل من يقوم بارتكاب جريمة في بلد استقبله وساعده. ويوافق جليلاتي في رأيه اللاجئ السوري باسل خطيب المقيم في مدينة فرنه في ولاية شمال الراين.
ترحيل "المجرمين" قرار لصالح اللاجئين
وبالإضافة إلى ترحيل المجرمين فإن خطيب الذي يعيش في ألمانيا منذ سنة وسبعة أشهر يؤيد ترحيل كل لاجئ سوري لا يلتزم بدورات الاندماج أو يتهرب من العمل، ويضيف لمهاجر نيوز: "هناك بعض اللاجئين الذين ليس لديهم مشاكل في سوريا، وليسوا مطلوبين من قبل النظام، لذلك أؤيد ترحيل الذين لا يلتزمون بدورات الاندماج أو يتهربون من العمل منهم"، ويتابع: "إذا سألت بعض هؤلاء فإنهم مستعدون للعودة إلى سوريا في أي وقت، لأنهم لا يحتاجون إلى الحماية أصلاً".
لكن جليلاتي لا يوافق خطيب في ذلك، ويقول إن ترحيل من لا يلتزم بدورات الاندماج أو لا يقبل العمل هو مطلب مبالغ فيه، ويتابع: "هناك إجراءات أفضل يمكن اتخاذها بحق هؤلاء، قد تكون بتقليل المساعدات المقدمة إليهم، أو الضغط عليهم بأساليب أخرى من قبل مكتب العمل".
من جانبه يقول اللاجئ السوري عباس الأحمد المقيم في برلين إن صدور أي قرار بترحيل المجرمين من اللاجئين السوريين سيكون لمصلحة اللاجئين الآخرين، ويضيف: "أولئك المجرمون يشوهون سمعة اللاجئين ويضرون بنا كثيراً، لذلك سأفرح إن تم ترحيلهم جميعاً".
ويقول بكري جليلاتي الذي كان قد رأى "كابوس الترحيل": "يجب على اللاجئين الحذر، فالتفكير المبالغ فيه بهذه الأمور بالإضافة إلى الضغط النفسي يدمر المرء"، ويضيف "ورغم ذلك، أعرف أننا سنسمع في الأيام القادمة أفلاماً كهذه، لذلك يجب أن نكون مستعدين نفسياً للتعامل مع هذه الإشاعات".
محي الدين حسين- مهاجر نيوز