"ترانزيت": مدونة التغيير العربي بعيون ألمانية-عربية
٣٠ مارس ٢٠١١جاءت فكرة إطلاق المدونة والتي تحمل اسم "ترانزيت"، عقب نجاح الثورة المصرية وسقوط الأنظمة الديكتاتورية في كلا من تونس ومصر، حسبما أكدت ثريا هوبه إحدى القائمات على إنشاء هذه المدونة في حديثها مع دويتشه فيله.
وتشرح ثريا سبب إطلاق هذه المدونة بقولها "تهدف هذه المدونة إلى فتح المجال أمام الشباب للتعبيرعن آرائهم بحرية وبدون رقابة حول كيفية معايشتهم لعصر التغيير، إلى جانب صورة الربيع العربي المنتظر من وجهة نظرهم".
"تربينا على الحفظ لا على التعبير عن آرائنا"
ويعد أمر اشتراك الشباب العرب والألمان في الكتابة على موقع مدونة واحد، هو أهم مايميز مدونة "ترانزيت" عن غيرها من المدونات. إذ يتم ترجمة جميع النصوص المكتوبة إلى اللغتين الألمانية والعربية، إلى جانب بعض النصوص المكتوبة باللغة الانكليزية.وهو الأمر الذي يتيح للشباب من الطرفين فرصة تبادل الأفكار والتعرف على ثقافة الآخر، وهو ماتراه المدونة الألمانية الناشطة على هذا الموقع سارة:" أكثر موضوع لفت انتباهي هو مانشره المدون أيمن ابراهيم عن تجربته الشخصية في السجن عندما تم اعتقاله من قبل قوات الأمن المصرية أثناء مشاركته في المظاهرات الاحتجاجية".
ليست مشاهد التعذيب التي صورها أيمن في كتاباته وحدها ما أدهشت سارة، فصورة التعليم في الجامعات الحكومية المصرية لم تكن أفضل، مادفع المدون الألماني دانيل روتيس الذي يدرس العلوم الاسلامية في جامعة مونستر، للكتابة عنها، وذلك من خلال لقاء أجراه مع أحد زملائه المصريين الذين جاؤوا إلى ألمانيا لمتابعة دراستهم بعيدا عن الجامعات المصرية.
ويدعو دانيل جميع الشباب المصري إلى الاستمرار في الكتابة والتعبير عن رأيه بدون خوف "فمن خلال قرائتي لبعض النصوص التي نشرت عبر هذه المدونة أرى أن الشباب المصري كان بالفعل بعيدا عن الكتابة خلال الفترة السابقة".
ويوافق الشاب المصري ياسر عادل أحد المدونين في "ترانزيت" دانيل رأيه، إذ يرى ياسر أن هناك فرق واضح بين أسلوب الكتابة والتعبير بين الشباب الألماني والعربي ويعزو ذلك قائلاً:" منذ صغرنا تربينا على أسلوب الحفظ بدون أن نتعلم طريقة التعبير عن آرائنا".
"لا للانقسام الطائفي في مصر"
ابتعاد الشباب المصري عن الكتابة خلال الفترة السابقة، لن يكون عائقا في تعبيرهم عن آرائهم في وصف مايعيشونه في مرحلة التغيير والتحول حسبما تؤكد المدونة المصرية الناشطة إيمان هاشم . فهي ترى أن المدونات هي المتنفس الوحيد أمامهم في ظل غياب الإعلام الحر. وتعتبر إيمان أن القرار الذي اتخذته الجهات العليا الرسمية في مصر والذي يقضي " بتجريم الاعتصام والتظاهروالدعوة إليهما من خلال الفيسبوك أو المدونات هو من أخطر ماتعايشه حاليا في عصر التغيير".
أما أكثر مايثير قلق ياسر في هذه المرحلة الانتقالية التي تعيشها مصر هو الانقسام الطائفي بين شباب الثورة. إذ يؤكد ياسر أن التعاضد الذي شهده ميدان التحرير بين جميع الطوائف المصرية كان سبب نجاح الثورة، إلا أن مايعيشه الآن يخالف اتجاهات الثورة "بعدما تخلصنا من الحكومة عدنا وتقسمنا إلى مجموعات ذات مواقف وأهداف مختلفة ". وينادي ياسر من خلال تدويناته على موقع "ترانزيت" جميع الشباب المصري إلى "الوحدة وتقبل الآخر لنتمكن من تحقيق أهدافنا وتطلعاتنا".
"سقوط رأس النظام لا يعني القضاء عليه"
مشاعر القلق والخوف من المستقبل الغامض في مصر حسبما وصفه كل من إيمان وياسر، لم يكن مختلفا كثيرا عما يعايشه بعض الشباب التونسي في هذه المرحلة الانتقالية. إذ تؤكد وفاء عباسي إحدى شابات الثورة التونسية، في ولاية سيدي بوزيد، أنها لم تشعر بأي تغيير ملموس منذ سقوط النظام الديكتاتوري وتضيف في هذا الصدد قائلة "رغم أن الثورة التونسية انطلقت من ولاية سيدي بوزيد إلا أن الحكومة الجديدة لم تول أي اهتمام لسكان هذه الولاية، على عكس الولايات الأخرى التي تشهد الكثير من التغييرات".
وهو مايراه الشاب التونسي منذر شعيبي أيضاً. فمنذر مكلف بملف البطالة للشباب الحاصلين على شهادات عليا في ولاية سيدي بوزيد ويرى أن سقوط رأس النظام لايعني بالضرورة سقوط النظام بأكمله "بقايا النظام لازالت موجودة، فأغلب المؤسسات الحكومية لازالت تحكم من قبل أشخاص ينتمون إلى نظام الديكتاتور بن علي".
صورة الربيع العربي المنتظر
ورغم صعوبة المرحلة الانتقالية التي يعيشها الشباب في كل من تونس ومصر، إلا أن ذلك لم يمنع الشباب من محاولة رسم صور متعددة الزوايا للربيع العربي المنتظر. وتصف وفاء صورة الربيع الذي تحلم به قائلة "ما أنتظره هو المساواة العادلة بين الولايات في المجالات التنموية والاقتصادية من خلال السعي لبناء معامل ومؤسسات تتيح لشباب ولاياتنا العمل داخلها وتحد من هجرتهم"، اما منذر فيطالب حكومة ولايته بإجراء تعديلات تتعلق بطريقة تقسيم العمل بشكل عادل للحد من البطالة إذ أنه"في كثير من الأحيان يكلف شخص واحد بالقيام بمهام 5 أشخاص وهذا أمر استغلالي".
أما صورة الربيع المصري التي يأمل ياسر أن يشعر بها قريبا هي أن تصبح مصر دولة مدنية تضمن حقوق جميع الناس بالتساوي "وأن يتمكن كل شخص منا من ممارسة معتقداته الخاصة طالما أنها لا تضر بالآخرين". وهو ماتراه إيمان أيضاً، وهي تحلم بأن يحدث تغير واضح في الإعلام المصري "آمل ان يصبح الإعلام المصري إعلاما نزيها، وأن تكون السيادة في مصر للقانون وليست لرجال القانون".
دالين صلاحية
مراجعة: هبة الله إسماعيل