"تدويل تخصيب اليورانيوم يساهم في الحد من انتشار الأسلحة النووية"
٢٢ فبراير ٢٠٠٨في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة الألمانية لمواجهة أخطار الانتشار غير المشروع للتقنية النووية قدم وزير الخارجية الألماني شتاينماير اقتراحا عمليا يقضي بتدويل تخصيب اليورانيوم بهدف تسهيل حيازة الدول الساعية إلى استخدام الطاقة الذرية لأغراض سلمية للوقود النووي دون الخضوع لهيمنة دول بعينها. وتمثل اقتراح الحكومة الألمانية الجدية بإقامة منشأة نووية دولية لتخصيب اليورانيوم بشكل تجاري في منطقة محايدة تحت إشراف الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
وتتميز الرؤية الألمانية الجديدة باختلافها عن الاقتراحات السابقة، التي قدمتها الولايات المتحدة وروسيا على سبيل المثال، "كونها لا تشترط تخلى دول ما عن حقها الوطني في تخصيب اليورانيوم"، وفق ما أكده الخبير الألماني في الشؤون الأمنية أوليفر ترينيرت في مطلع قراءته لدوافع هذه المبادرة الجديدة اللافتة للانتباه.
كما يقوم الاقتراح الألماني على افتراض أن الدول التي سيصبح بمقدورها اللجوء إلى مصدر آمن للحصول منه على الوقود النووي لن تضطر إلى تطوير وإنشاء منشآت نووية خاصة باهظة التكاليف. كما ينص الاقتراح الألماني على وضع هذه المنشأة تحت تصرف الوكالة الدولية للطاقة الذرية ولكن دون تدخل تجاري للوكالة حيث سيؤول تمويل هذه المنشأة وتشغيلها للدول النووية المشاركة في بناء هذه المنشأة.
اهتمام متزايد بالطاقة الذرية
وحول دوافع المبادرة الألمانية أشار الباحث في المعهد الألماني للدراسات الدولية والأمنية ترينيرت، إلى أن هذه المبادرة تأتي "استجابة لتزايد الطلب العالمي على الطاقة النووية في الآونة الأخيرة بهدف توفير مدخل آمن إليها، والتي قد تمثل أخطر أنواع التقنيات العسكرية في الوقت الراهن في حال استخدامها في الأغراض غير السلمية".
كما أشار ترينيرت إلى أن هذه المبادرة لا ترتبط بسياسة الرئيس الفرنسي ساركوزي، الذي روج للتكنولوجيا النووية الفرنسية خلال زياراته الأخيرة لليبيا والجزائر ودول الخليج العربي، وإنما "تعود إلى اقتراح قدمه الرئيس الأمريكي بوش قبل عامين شدد فيه على ضرورة بقاء الطاقة النووية في حيازة دول النادي النووي فقط، وهو ما رفضته غالبية دول العالم الثالث".
مبادرة ذات مغزى اقتصادي
كما استبعد الخبير الألماني وجود علاقة مباشرة بين هذا المشروع الدولي، الذي لم يذكر الدبلوماسيون الألمان حتى الآن متى وكيف سيتم البدء في تدشينه رغم أنه من الممكن، حسب المعطيات التقنية الحالية، إقامة منشأة حديثة لتخصيب اليورانيوم خلال ثلاث إلى أربع سنوات، وبين البرنامج النووي الإيراني، الذي تصر النخبة الإيرانية الحاكمة على مواصلة تطويره رغم الانتقادات والعقوبات الدولية ضدها.
وحول فرص تطبيق هذه الآلية الجديدة في ضوء الرفض الدولي للمبادرات الأمريكية والروسية بشأن تدويل تخصيب اليورانيوم شدد أوليفر ترينيرت على أن "الاقتراح الألماني يمثل عرضا تحفيزيا ذا مردود اقتصادي للدول التي تطمح إلى حيازة التقنية النووية". كما توقع استحسان الكثير من دول العالم الثالث للاقتراح الألماني، لأنه لا يشترط على الدول الراغبة في شراء اليورانيوم المخصب التخلي عن حقها في امتلاك تكنولوجيا تخصيب اليورانيوم، كما هو منصوص عليه في معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية".
وحول نجاعة الاقتراح الألماني، الذي يدعو إلى استبعاد تسريب التقنيات النووية الحساسة من خلال إجراءات مناسبة" لم يكشف عنها بعد، أشار ترينيرت إلى أن هذه المبادرة "يمكن أن تساهم في الحد من انتشار الأسلحة النووية، رغم أن مخاطر توظفيها لأغراض عسكرية لا تزال قائمة".