تدفق اللاجئين يهدد البوسنة بأزمة إنسانية تعجز عن مواجهتها
١٩ يونيو ٢٠١٨تقترب البوسنة من مواجهة أزمة إنسانية مع تزايد أعداد المهاجرين الذين قرروا التوجه إليها بعد أن تقطعت بهم السبل في دول البلقان. شهدت الدولة الفقيرة ارتفاعا حادا في عدد الوافدين الذين يأملون في العبور إحدى دول إلى الاتحاد الأوروبي من خلال كرواتيا المجاورة للبوسنة. وبحسب وزير الداخلية البوسني، دراغان ميكيتش، فإنه تم تسجيل 5100 مهاجر غير شرعي في بلاده منذ مطلع عام 2018 وحتى الآن. وتتزايد أعداد الوافدين مع قدوم الصيف، ما يمكن أن يرفع العدد الإجمالي للاجئين إلى أكثر من ضعف هذا الرقم بحلول نهاية العام. ميكيتش قال إن 3300 شخصاً تمت إعادتهم إلى حدود البوسنة مع صربيا والجبل الأسود.
من جانبه، قال بيتر فان دير أوويرت، رئيس البعثة البوسنية لدى المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة (IOM) إن حوالى 2500 مهاجر يتواجدون حالياً في البوسنة، ما يعني أن كثيرين قد تمكنوا بالفعل من العبور إلى دول الاتحاد الأوروبي.
وحتى اليوم لم يتعاف اقتصاد البوسنة من تبعات الحرب الطاحنة التي خاضتها البلاد في تسعينات القرن الماضي، كما أن البنية التحتية للدولة متهالكة، ناهيك عن التوتر الداخلي. فيما تعاني مؤسسات الدولة الهشة من التقسيم على أسس عرقية، ما يعني ان البوسنة بكافة المعايير ليست في وضع يُمكنها من مواجهة أي تدفق بأعداد كبيرة للاجئين. وزير الداخلية البوسنى قال إنه بسبب أوضاع البلاد، كان عليه أن يطالب بنك التنمية التابع للمجلس الأوروبي بإمداد بلاده بمبلغ مليون يورو لمعالجة الأزمة.
صدمة لعمال الإغاثة
في غضون ذلك، يقول عمال الإغاثة إنهم شارفوا على الانهيار. مسؤول الصليب الأحمر، سلام ميدزيتش، والذي يشاهد وصول نحو مائة مهاجر إلى البوسنة بشكل يومي في حافلات من سراييفو، قال إن الوضع أصبح شديد الصعوبة، وأضاف في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية: "سنبذل قصارى جهدنا، ولكن لكل شيء حدود".
أحد عمال الإغاثة تحدث إلى وكالة الأنباء الفرنسية مشترطاً عدم الكشف عن هويته، قال إن التمويل القادم من بنك التنمية الاجتماعية الأوروبي بهدف تجنب أزمة إنسانية في البوسنة قد يصل متأخراً للغاية إلى الدولة التي تعد واحدة من أفقر دول أوروبا.
مراكز الاستقبال.. خطر قائم
في هذه الأثناء، كانت هناك محاولات واعدة استهدفت تحسين وضع اللاجئين. على سبيل المثال، تم إنشاء مركز استقبال للمهاجرين بالقرب من مدينة موستار جنوبي البلاد. وتفيد التقارير بأنه يجري التخطيط لإنشاء مركزين إضافيين، أحدهما قرب سراييفو والآخر بين مدينتي بيهاتش وفيليكا كلادوسا بالقرب من الحدود الكرواتية.
لكن وزير الداخلية البوسني دراغان ميكيتش يعتقد أن إنشاء مراكز استقبال كهذه قد يأتي بنتائج عكسية، ويساوره القلق من التنامي السريع لشبكات التهريب بالقرب من تلك المراكز، وأضاف في تصريحات للوكالة الفرنسية أنه "بمجرد إنشاء هذه المراكز، ستتم محاصرتها من قبل العصابات بعد يومين فقط"، مضيفاً أن المهربين طلبوا 1000 يورو عن كل شخص حاولوا نقله إلى كرواتيا.
مخاطر على الطريق البري إلى أوروبا
لا تزال الحدود بين البوسنة وكرواتيا تشكل عائقاً كبيراً لكثير من اللاجئين والمهاجرين الذين يسافرون في رحلات محفوفة بالمخاطر في محاولة لدخول الاتحاد الأوروبي. ويواجه عدد كبير من المهاجرين مصاعب جمة في محاولاتهم للوصول إلى كرواتيا، وقد تقطعت السبل بالكثير منهم في منطقة الحدود.
خلال الشهر مايو/ أيار الفائت، قام نحو 100 متطوع بتقديم المساعدة للمهاجرين في مدينة بيهاتش شمال غربي البلاد ووزعوا الطعام في الحرم الجامعي المتهالك حيث يقيم العديد منهم، دون أن يتلقوا أي مساعدة حكومية لدعم مساعيهم. قبل أسبوعين كان عدد الوجبات التي قدمها المتطوعون 200 وجبة، وقد ارتفع هذا العدد إلى 550 وجبة.
ومع كل تلك الصعوبات لا يزال عدد من يحاولون العبور إلى الاتحاد الأوروبي كبيراً. حميد، مواطن باكستاني يبلغ من العمر 27 عاماً، قال إنه حاول ثلاث مرات الوصول إلى الاتحاد الأوروبي، لكنه فشل حتى الآن. واتهم شرطة الحدود الكرواتية باستخدام العنف لإبعاد المهاجرين، وهو الإدعاء الذي ورد كثيراً على لسان مهاجرين آخرين، وكذلك منظمات غير حكومية. يضيف حميد: "إنهم يأخذون أموالنا، أما هواتفنا فإما يأخذونها لأنفسهم أو يدمرونها بإغراقها في المياه".
مهاجر باكستاني آخر يدعى نواب (26 عاما) قال إنه كان على طريق الهجرة منذ عامين على أمل الدخول إلى أوروبا. وأضاف: "سأحاول عبور الحدود الليلة. سأذهب أولاً إلى إيطاليا، وفور وصولي سأذهب إلى عمي في برشلونة بإسبانيا".
ولكن مع الأنهار والتضاريس الجبلية الوعرة، يمكن للحدود بين البوسنة وكرواتيا أن تمثل مصدراً كبيراً لمخاطر متعددة بالنسبة لأمثال نواب وحميد. في منتصف مايو/ أيار حاول إحسان أودين، مهاجر أفغاني يبلغ من العمر 21 عاماً، عبور نهر كورانا الذي يجري بين البوسنة وكرواتيا، لكنه لقي مصرعه غرقاً. ومنذ مطلع عام 2018، فقد أكثر من 80 مهاجراً حياتهم على "طريق البلقان" الذي يمتد بين تركيا وسلوفينيا، وفقا لمنظمة أطباء بلا حدود.
الكاتب: سيرتان ساندرسون/ عماد حسن
المصدر: مهاجر نيوز