تداعيات إجراءات ترامب على مسيحيي الشرق الأوسط!
٣٠ يناير ٢٠١٧من جملة المشكلات التي سببتها إجراءات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الأيام الأولى لولايته، قراراته الرئاسية السريعة الخاصة بمنع الهجرة واللجوء التي أطلقها، والتي سببت أرباكا في مختلف بلدان العالم، وأربكت وربما غيّرت حياة كثير ممن ربطوا مصائرهم بالسفر الى هذا البلد.
المسيحيون هم المكوّن الأكبر، من الأقليات الدينية في الشرق الأوسط، الذي قد تشمله قرارات الحظر أو الاستثناءات الأمريكية، فهم في نظر كثيرين يتمتعون بأفضلية كبرى للسفر الى الدول الغربية (المسيحية) وهو ما تعزز بإعلان الرئيس ترامب أنّه عندما تنتهى فترة تعليق سفر القادمين من الدول السبع ذات الأغلبية المسلمة، يجب أن تُعطى الأولوية لمطالبات اللجوء من الأقليات بسبب الاضطهاد الديني.
وقبل التوقيع على ذلك القرار، قال ترامب للشبكة التلفزيونية المسيحية الأمريكية "كريستيان برودكاستينغ نيتورك" إنه اعتزم مساعدة المسيحيين السوريين، باعتبارهم وجدوا صعوبة أكثر من المسلمين في الحصول على حق اللجوء في الولايات المتحدة.
هذا التفضيل بحد ذاته قد يكون سببا لمشكلات جديدة للمسيحيين في مناطقهم. وبهذا الخصوص تحدث الناشط المصري مينا ثابت، مدير برنامج الأقليات في المفوضية المصرية للحقوق والحريات لـ DW عربية مؤكدا" قد يكون هناك نية حسنة وراء إتخاذ مثل هذه القرارات، وفي إعتقادي أنّ مثل هذه القرارات قد تعود سلبا على مسيحيي المنطقة، فنحن كمسيحيين في الشرق الأوسط نعاني من تمييز وتهميش وعنف يصل الى حد القتل". وذهب الناشط القبطي الى القول" كانت هناك اتهامات عديدة الى المسيحيين بأنهم تابعون الى الغرب أو بصفة عامة الى دول الشمال، وبصفة خاصة الى أمريكا، ومثل هذه القرارات ستعطي فرصا أكبر للمتطرفين لتثبيت هذه الإدعاءات".
ويرى كثير من المدافعين عن حقوق المكونات الصغرى في المنطقة، وكثير من القيادات الدينية المسيحية أنّ سياسات تشجيع هجرة المسيحيين الى الغرب، وإن إتسمت بحسن النية لحمايتهم من عمليات التطهير العرقي والإبادة والعنف التي تستهدفهم في مناطق عدة من الشرق الأوسط، قد تؤدي الى تفريغ المنطقة من المسيحيين وهم سكانها الأصليون. وهو ما ذهب إليه الناشط المصري القبطي مينا ثابت مشيرا الى أنّ " ملايين المسيحيين هم سكان هذه المنطقة منذ آلاف السنين، ومجرد التفكير في تغيير ديموغرافي بإنتزاع المكون المسيحي هو خطر شديد يؤذي أولا هذه المجتمعات، وهذا في الحقيقة من أهم أهداف الجماعات الإرهابية كما جرى في الموصل، وبالتالي فهذا ليس حلاً".
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسيحيين في دمشق التي لا يزال الصراع السوري دائرا حولها و في أغلب أنحاء البلاد إنّ الوعود بإعطاء الأولوية للأقليات لا تشكل الكثير من الفارق لهم، ونقلت عن أحدهم القول "الحصول على تأشيرات دخول للولايات المتحدة كان حلما لكل المواطنين في الدول النامية بغض النظر عن دينهم". وفيما غرّد ترامب على تويتر بالقول "المسيحيون في الشرق الأوسط تعرضوا لعمليات إعدام بأعداد كبيرة. لا يمكن أن نسمح لهذا الرعب بالإستمرار"، فقد قال الناشط القبطي مينا ثابت في حديثه مع DW عربية "الحل هو في القضاء على ظاهرة العنف والتطرف والإرهاب، والقضاء على فكرة التمييز وعدم المساواة، وهذا لا يأتي من إعطاء أفضلية حق اللجوء للمسيحيين".
وقد حاولت DW عربية متابعة الموضوع مع مرجعيات مسيحية عراقية كبيرة، الآ انّ أحد المرجعيات إعتذر عن التعليق على إجراءات الرئيس ترامب مؤكدا أنّ" المشهد ما زال غير واضح ولا أود أن أدلي برأيٍّ في هذه المرحلة" رافضا أن نكشف عن هويته، فيما إعتبر الثاني أنّ "الحوار في هذا الموضوع سابق لأوانه، لاسيما أنّ الرئيس ترامب قد وعد بالنظر في منح أفضليات للبعض بعد 90 يوما، أما اليوم فإنّ قرار المنع شمل العراقيين جميعا بغض النظر عن ديانتهم" رافضا هو الآخر الكشف عن هويته.
من جانبه قال أحد كبار قساوسة أبرشية الموصل لدى محاولة DW عربية الحديث معه عن إستثناء المسيحيين من قرارات منع السفر والدخول الى الولايات المتحدة الأمريكية "المسيحيون ممنوعون من السفر الى أمريكا إسوة بباقي العراقيين، وأنا لدي فيزا أسافر بها الى الولايات المتحدة الأمريكية الشهر المقبل وقد اتصلت بي السفارة الأمريكية في العراق صباح اليوم وأبلغتني بعدم التوجه الى الولايات المتحدة لأنني مشمول بالمنع".
ورغم تحفظات البعض على مسألة منح أفضلية للمسيحيين ولغير المسلمين عموما في المنطقة في الهجرة الى الولايات المتحدة الأمريكية، الا أنّهم يؤكدون على قضية حق اللجوء الإنساني، وفي هذا السياق يقول مينا ثابت" هناك فارق ما بين التشجيع على الهجرة وما بين حق اللجوء، فحق اللجوء الإنساني حق أصيل لكل إنسان، وهو الملاذ الأخير حين تتقطع السبل بأي إنسان وتصبح حياته في خطر محدق، فحين نتكلم عن الأقليات الدينية في سوريا فهي معرضة لخطر شديد، فلا بد من منحهم أولوية في اللجوء".