تخلي مصر عن تيران وصنافير.. بداية النهاية لحكم السيسي؟
٢٠ أبريل ٢٠١٦يواجه النظام المصري مشكلة عويصة، تتمثل بعودة الاحتجاجات إلى الشارع بكثافة، وذلك بعد توقيع اتفاقية لترسيم الحدود البحرية بين القاهرة والرياض، تمنح السيادة على الجزيرتين تيران وصنافيرفي البحر الأحمر للسعودية، بعد زيارة قام بها العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز للقاهرة.
ويرى مراقبون أن الاحتجاجات -التي بدأت تنتشر داخل المدن المصرية حتى من بين أنصار الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي- تشير إلى أنه لم يعد يتمتع بالتأييد الشعبي الكاسح الذي أتاح له إلقاء القبض على آلاف من معارضيه بعد أن أعلن عزل الرئيس السابق محمد مرسي في منتصف 2013 إثر احتجاجات حاشدة على حكمه. وهتف آلاف المحتجين الغاضبين من قرار الرئيس المصري مطالبين بإسقاط الحكومة، مرددين بذلك هتافات شبيهة بانتفاضة2011 ضد الحكومة المصرية.
إدارة خاطئة للأزمة
الإعلامي والناشط الشبابي ناصر عبد الحميد يرى في حوار مع DW عربية أن الحكومة المصرية أخطات في إدارة الأزمة الحالية، وبأنها أثبتت بأنها غير مدركة لطبيعة المشكلة التي سببتها هذه الاتفاقية. وقال عبد الحميد أن قضية الجزر هي قضية حساسة للغاية بالنسبة للشعب المصري، ولم تحدث أي استشارة مسبقة للشعب في هذا الموضوع، بل إنه كان مغيبا تماما، وقال: "نطالب بأن يعرض هذا المشروع لاستفتاء شعبي، الشعب هو من يقرر هذا الأمر".
واستجاب مئات المحتجين لدعوة أطلقها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي للتظاهر الجمعة تحت شعار "جمعة الأرض هي العرض"، وذلك بالرغم من تحذير وزارة الداخلية المصرية المواطنين من "الخروج عن الشرعية" وهو ما يعكس فيما يبدو قلقا حكوميا من تنامي الغضب الشعبي من الاتفاق السعودي المصري.
من ناحيته يرى اللواء حسام سويلم في حوار مع DW عربية أن ما يحدث على الأرض هي مؤامرة واضحة من "أعداء مصر في الداخل من أجل إسقاط الحكومة المصرية"، ولا يبدي سويلم أية تفهم للمطالب الشعبية التي تطالب الحكومة باستفتاء شعبي، ويقول الجزر هي سعودية بالأساس، ولقد تمت مفاوضات عديدة من قبل المصريين، والسعوديين من أجل قضية ترسيم الحدود، وستعرض بالكامل على البرلمان المصري من أجل المصادقة عليها، لذلك فإن قضية الاستفتاء الشعبي هي أمر غير مطروح حاليا، فالبرلمان يمثل الشعب، وهو من سيقرر".
مأزق الرئيس السيسي
وكان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي قد صرح أنه لا توجد وثائق لدى أجهزة الدولة المصرية تثبت تبعية جزيرتي تيران وصنافير لمصر، ولكنه ترك الباب مفتوحا أمام البرلمان "لتمرير أو عدم تمرير" اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
وقال السيسي عن الاتفاقية أنها "لم تخرج عن القرار الجمهوري الصادر من 26 سنة، وتم إخطار الأمم المتحدة به وقتها"، وذلك في إشارة إلى قرار أصدره الرئيس الأسبق حسني مبارك عام 1990 يرسم حدود مصر البحرية في البحر الأحمر ويخرج جزيرتي تيران وصنافير من مياهها الإقليمية.
وأكد الرئيس المصري انه طلب من كل أجهزة الدولة الوثائق المتوافرة لديها حول الجزيرتين وأبلغته أنه "ليس هناك شيء" يثبت تبعيتها لمصر، مضيفا: "نحن لا نعطي أرضنا لأحد وأيضا لا نأخذ حق أحد"، وتابع: "نحن لا نفرط في حق لنا وأعطينا حق الناس لهم"، داعيا إلى عدم التحدث في موضوع الجزر.
لكن الاحتجاجات التي عمت الشارع، يبدو أنها ليست متوافقة مع دعوات الرئيس السيسي، والقضية هي "أمر مصيري" للشعب المصري، بحسب ما يقول ناصر عبد الحميد، ويقول: "قرارات الحكومة بهذا الشأن غير مقبولة شعبيا، والحكومة تتعامل مع الشعب بشكل فوقي، وهو ما يوتر الأمر أكثر".
الإخوان وإسقاط الحكومة
اللواء عبد المنعم كاطو قال إن ما يجري على الأرض، لا يتعدى "مؤامرة إخوانية"، من أجل تهييج الشعب ضد الحكومة المصرية والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وقال اللواء إن "الإخوان ومعهم أعداء الأمة في الداخل" يريدون استغلال موضوع الجزيرتين من أجل الإساءة للحكومة المصرية وتوريطها، وذلك على غرار ما حصل بموضوع قضية قتل الطالب الايطالي جوليو ريجيني، الذي اختفى في 25 كانون الثاني/ يناير الماضي في القاهرة ثم عُثِرَ على جثته بعد تسعة أيام، وعليها أثار تعذيب وحشي على طريق صحراوي في إحدى ضواحي العاصمة.
وكانت وزارة الداخلية المصرية قد اتهمت -في بيان لها- جماعة الإخوان المسلمين المحظورة بالتحريض على الاحتجاجات، إلا أن الناشط الشبابي عبد الحميد لا يعتقد أن الإخوان قادرون فعلا على قيادة المظاهرات الشعبية الحالية، وقال: "الشعب واعٍ لما يريده الإخوان، كما أنهم لا يمثلون ثقلا كبيرا على الأرض"، وذلك بعكس ادعاءات الحكومة، وقال إن الحكومة لا تريد أن تقتنع أن المحتجين هم من الشعب المصري العادي، الذي يرفض هذه الاتفاقيات، ولا يريد التفريط بجزء من أرض مصر.
وبعد توقيع الاتفاقية دشن منتقدو الاتفاقية (هاشتاغ) على تويتر وفيسبوك يقول (#عواد_باع_أرضه) وذلك في إشارة إلى أغنية شعبية مصرية تندد بكل من يفرط في أرضه، وتشير معاني كلماتها إلى أن من يبيع أرضه لا يقل في الجرم عمن يفرط في عرضه.
كما أعلنت حركة شباب 6 أبريل المعارضة مشاركتها في الاحتجاجات وقالت: "لقد دفع أبناء الشعب من دمائهم للدفاع عن جزيرتي تيران وصنافير في معاركنا مع العدو الصهيوني، واليوم نجد السيسي يجرؤ على بيعها بجرة قلم، مخالفا للدستور ولكل الأعراف والقوانين". وكانت الحركة قد لعبت دورا بارزا في الحشد للانتفاضة على الرئيس المصري السابق حسني مبارك لكنها انقسمت وتفتت فيما بعد وتشكلت جبهة منافسة لها تدعى حركة 6 أبريل - الجبهة الديمقراطية. كذلك رحب التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب بدعوات التظاهر وأعلن مشاركته في الاحتجاجات المزمعة.
ويعتقد عبد الحميد أن الأمور مرشحة للتصاعد، حيث أن أحزاب معارضة، ونشطاء شبابيون أطلقوا نداءات من أجل التظاهر مجددا يوم 25 أبريل/ نيسان القادم 2016، وهو ما ينبئ بتصعيد الأمور شعبيا، وزيادة حدته على الأرض. وقال عبد الحميد: "أعتقد أن المظاهرات القادمة ستكون أكثر عنفا" وهو ما قد يؤزم الأمر أكثر، وينذر ببداية مواجهة عنيفة بين الشعب والنظام المصري".