تبادل الأجنحة في بينالي البندقية وانفتاح ألماني على فنانين أجانب
١ يونيو ٢٠١٣"جرمانيا" (وتعني ألمانيا باللغة الإيطالية) – منحوتة على الحجر في الجناح الألماني في بينالي البندقية. ولكن لأول مرة في تاريخ البينالي الطويل لن يضم هذا الجناح معروضات أبدعها فنانون من ألمانيا. فحيث كانت "جرمانيا" سابقا، ستقف الآن "فرانسيا" – والعكس بالعكس. يأتي ذلك في الذكرى السنوية الخمسين لتوقيع معاهدة الاليزيه، التي دشّنت مرحلة الصداقة الألمانية-الفرنسية. وهنا سيتبادل البلدان جناحيهما، بناء على مبادرة من وزارتي الخارجية في كلا البلدين. 28 دولة بنت أجنحة خاصة لها في غيارديني البندقية. وسيكون لكل بلد مرشح واحد أو أكثر يمثله في السباق للفوز بجائزة "الأسد الذهبي".
آخر مرة حصلت فيها ألمانيا على الجائزة الذهبية كانت في الدورة الماضية قبل عامين، بعمل فني لكريستوف شلينغنزيف. سوزانه غينزهايمر، مديرة متحف الفن الحديث في فرانكفورت، كانت حينها، كما هو الحال اليوم، المسؤولة عن اختيار الفنانين المشاركين. ومع تبادل الجناحين تثير هي وزميلتها كريستين ماسيل من مركز بومبيدو في باريس تساؤلات حول توزيع الفنانين بحسب البلدان. تقليد، يرى الكثيرون بأنه عفا عليه الزمن.
التركة الثقيلة للحقبة النازية
سوزانه غينزهايمر مسؤولة للمرة الثانية على التوالي عن اختيار الفنانين المشاركين في الجناح الألماني في الدورة 55 لبينالي البندقية الذي يقام كل عامين. وتقول إنها مسرورة للهروب من "هيمنة" المبنى. والسبب يعود إلى المبنى، فمبنى الجناح الألماني بُني عام 1938 من قبل النظام النازي. وجميع الفنانين الألمان الذين شاركوا في البينالي في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية رأوا أنفسهم مضطرين للتعامل مع هذه المشكلة، والتغيير في المبنى عبر أعمالهم.
جوزيف بويس أنجز في عام 1976 عمله الأسطوري "محطة الترام". "نصب تذكاري للمستقبل"، أراد أن يخلد من خلاله معاناة الإنسان. أما النحّات أولريش رويكريم فقد نقل أكثر من أربعة كتل حجرية ضخمة منحوتة إلى داخل مبنى الجناح المؤلف من قاعة واحدة، حتى تكون تلك المنحوتات الضخمة وسيلة لخلق شيء من التقسيمات المكانية.
التغيير من خلال التبادل
أمر جيد برأيي أن لا تكون هذه العمارة قالبا يضم الأعمال"، كما توضح غينزهايمر. وعبر المبادلة تولد لديها انطباع شجعها على العمل الدولي و"وضع المسألة الأوروبية في إطار عالمي". وهنا ستُقدم في الجناح الألماني أربعة فنانين ليسوا من ألمانيا. للوهلة الأولى، يبدو أنه لا يوجد ما يربط بين الصيني آي وي وي، والألماني من أصل إيراني روموالد كارماكار، والهندية داينانيتا سينغ، والجنوب إفريقي سانتو موفوكينغ. ولكن كل هؤلاء يقدمون فنا ملتزما بقضايا سياسية، وكلهم على صلة وثيقة بألمانيا.
يقول آي وي وي إنه فوجئ بالدعوة، ولكن يؤكد أن المشاركة تمثل شرفا عظيما له. وألمانيا تلعب دورا كبيرا في سيرة حياته: "أعمالي الأولى عُرضت كلها هناك".
والآن في الجناح الفرنسي سيُقدم عمل فني جديد: يتكون من 800 إلى 1000 قطعة أثاث، كما يقول آي وي وي: "إنها قطع أثاث عتيقة من مناطق مختلفة في الصين، حصلنا عليها من خبراء وهواة جمع التحف. لم يعد هناك الكثير منها. كلها عريقة وعمرها ما بين ستين ومئة عام". ولكنه للأسف لا يستطيع السفر إلى البندقية. "على الرغم من أني مواطن حر الآن، إلا أني ممنوع من السفر"، يقول آي وي وي.
روابط مختلفة بألمانيا
علاقة سانتو موفوكينغ بألمانيا هي ذات طابع تقني. موفوكينغ، الذي نشأ في مدينة سويتو الجنوب أفريقية، يرسل صورة لتعالج في أحد مختبرات برلين. أكثر ما يعجب غينزهايمر في عمله أنه يعرض وجهة نظر الناس في جنوب إفريقيا ممن عاشوا فترة الفصل العنصري هناك. وفي البندقية سيقدم مجموعة مختارة من سلسلة أعماله "صور سوداء". تظهر أشخاصا تم تصويرهم في استوديو لتصوير البورتريهات. كما يمكن مشاهدة "القبور": وهي سلسلة من الصور الفوتوغرافية التي التقطها موفوكينغ لأول مرة بكاميرا رقمية. يوثق من خلال هذه الصور كيف تستولي الشركات العالمية الكبرى على الأراضي، بل ولا تتورع حتى عن إزالة القبور فيها.
أعمال المخرج روموالد كارماكار مرتبطة بألمانيا والتاريخ الألماني. كارماكار هو ابن لأم فرنسية وأب إيراني، ولد في عام 1965 في مدينة فيسبادن الألمانية.
التخلص من القومية
"أنا لا أحب فكرة القومية، لذلك قبلت الدعوة"، كما تقول الهندية دايانيتا سينغ. تقدم من خلال الصور المعروضة والأفلام ما تواجهه في حياتها كامرأة في المجتمع الهندي وكمصورة جوالة تجوب العالم. تعرفت المانيا عليها وعلى قدرتها، وطبعت كتبها من قبل دار نشر شتايدل في مدنية غوتنغن الألمانية.
المرأة الهندية سعيدة أن مسألة الانتماء القومي لا تلعب دورا في الجناح الألماني في المعرض. وهي تكرر باستمرار منذ عشر سنوات: "انظروا إلى عملي، وليس إلى كوني هندية أو باكستانية أو من أي جنسية أخرى". وتتساءل مرارا وتكرارا: "لماذا يعتبر أصلي مهما جدا؟"
أربعة فنانين بأربعة وجهات نظر مختلفة عن العالم – ولكن ما علاقة ذلك بالبندقية، هذا ما سوف يتضح في المعرض.