بيوت خاصة بالمسنين تساعدهم في الاعتماد على الذات
١٢ مارس ٢٠١٣سكنت إيليزابيت أرن سابقا في بيت كبير جدا في سويسرا، إلا أنها قالت لنفسها إنه أكبر بكثير من بيت يناسب شخصا واحدا فقط. وعليه، فإنها كلفت شركة ببناء بيت أصغر في حديقتها يناسب وضعها كامرأة مسنة. وعلاوة على ذلك حددت إيليزابيت أرن مع أفراد أسرتها قواعد واضحة بشأن علاقاتها معهم، إذ أنها لا تريد أن تقوم بانتظام برعاية أحفادهم، وإنما تفضل القيام بجولة في دول أمريكا الجنوبية. ولا تريد أيضا أن تكون عالة على أطفالها في حالة إصابتها بمرض مزمن.#
تختلف أحلام المسنين اليوم في الدول الصناعية بشأن حياتهم عند الشيخوخة عن أحلام أبائهم بهذا الشأن، إذ أنهم لا يريدون مثلا أن يعيشوا مع أطفالهم وأحفادهم في بيت مشترك، كما يقول الخبراء، إذ توضح دراسة صدرت عام 2011 في ألمانيا عن وزارة المواصلات والبناء وتنمية المدن، أن 93 بالمائة من الذين تزيد أعمارهم على 65 عاما، يسكنون في مساكن خاصة بهم. ورغم ذلك، فإن خمسة بالمائة من هذه المساكن لا تناسب المسنين لأن عرض الأبواب فيها مثلا لا يكفي لعبور عتباتها بكرسي متحرك مثلا.
مساكن حديثة للمسنين
يحظى بناء مساكن حديثة للمسنين بأهمية متزايدة. ولذلك يقيم المتحف الألماني للهندسة المعمارية حتى التاسع عشر من أيار/مايو معرضا يحمل عنوان "هندسة معمارية عبر الأجيال"، فالرأي العام استهان بهذا الموضوع فترة طويلة، كما تقول المشرفة على المعرض أنيته بيكر. ولذلك لا يكمن هدف المعرض فقط في عرض مساكن جذابة للمسنين، وإنما أيضا في دفع المهندسين المعماريين والحرفيين والمستثمرين والجهات الاجتماعية إلى إبداع أفكارا جديدة.
لا تواجه ألمانيا فقط مثل هذه المشاكل، وإنما دول صناعية أخرى أيضا. " تواجه اليابان مشاكل أكبر مما هو الحال في ألمانيا، كما تقول أنيته بيكر، "فعدد المسنين هناك أكبر من عددهم في ألمانيا". وقرية تييدولو الإيطالية التي تركها في فترات معينة جميع شبابها، هي مثال آخر على ذلك. إلا أن مهندسا معماريا صمم ستة مساكن حديثة لمسني القرية أثارت إعجابا كبيرا. ودفعت التغيرات البنائية في القرية الكثيرين إلى الانتقال إليها، من بينهم شباب أيضا.
تخصيص 20 ألف يورو لمصعد جديد
رغم توفر أفكار كثيرة بشأن إعادة بناء المساكن كي تنسجم مع حاجات المسنين، إلا أن القدرات المالية للكثير منهم غير كافية لاقتناء مثل هذه المساكن، إذ أن في ألمانيا يزداد عدد المسنين الفقراء. من جهة أخرى "يوجد أيضا كثيرون تتوفر لديهم مدخرات ضخمة"، كما تقول أنيته بيكر، مشيرة إلى أن سعر مصعد مناسب يبلغ عشرين ألف يورو. ورغم أن ذلك يبدو غاليا، "إلا أن كثيرين يدفعون سعرا أعلى بكثير لسيارة جديدة. ولذلك يجب على المرء أن يتساءل عما هو أهم".
السكن في الشيخوخة مشكلة عالمية
بالتأكيد يبدو لسكان الكثير من الدول الأخرى أن هذه ليست مشاكل حقيقية. "يتوقع المسنون في دول نامية كثيرة أن تتولى أسرهم حل مشاكلهم"، كما يقول البروفسور أينهارد شميدت كاليرت من الجامعة التقنية في دورتموند. وفي الصين، حيث لا يسمح للنساء إلا بإنجاب طفل واحد، أدت سياسة الطفل الواحد هذه إلى أن رعاية المسنين من قبل أسرهم أصبحت مهددة. "ينخفض عدد أقرباء الناس، في حين تزداد مسؤوليتهم عن سد حاجاتهم بأنفسهم في الشيخوخة أيضا".
وتشهد دول نامية كثيرة حاليا ما شهدته الدول الصناعية سابقا، وهو الهجرة من القرى إلى المدن. ويتساءل البروفسور كاليرت: "من سيعود من المدينة إلى قريته لرعاية والديه، إذا لم يتوفر في هذه القرية كهرباء وبالتالي لا ثلاجة ولا إنترنيت". ويتوقع الخبير أن نسبة المسنين بين سكان دول مثل بنغلاديش ستصل بعد 30 عاما إلى نسبتهم في ألمانيا.
مساكن مناسبة لجميع الأجيال
في ألمانيا وغيرها من الدول الأوربية لا يهتم المسنون فقط بموضوع المساكن المناسبة لهم، وإنما يهتم به الشباب أيضا. وصمم المهندس المعماري البريطاني ريتشارد روجيرس مسكنا لوالديه عاشا فيه حتى وفاتهما. وبعد ذلك انتقل ابنهما إلى هذا البيت، إذ أن هدف الفن المعماري اليوم يكمن في تصميم مساكن تناسب كل جيل، ابتداء من الشباب وأطفالهم وصولا إلى المسنين، و"هذا هو التصميم الذي نرغب فيه"، كما تقول أنيته بيكر.