Beethoven: Mythos und Mensch
٨ سبتمبر ٢٠٠٨ذات مرة رمى بعض الكتب في وجه إحدى خادماته، ومن ثم رمي بكرسيه صوبها، بعد ذلك جلس لكتابة يومياته دون شعور بالندم: "مقابل هذا الفعل شعرت بالراحة طوال اليوم". وحين قال له احد الأمراء ذات مرة إن مزمارين يكفيان، أجاب لودفيغ فان بيتهوفن بالقول: "إن أراد سعادتكم وضع الآلات الموسيقية بهذا الشكل، فأذهب إلى الجحيم". احد كاتبي سيرة الموسيقار الكبير، الذي وصفه بـ"النابغة الفاسد"، يحكي أن تعامله مع معاونيه وناشريه والأمراء لم يكن بالأمر بالسهل.
إنسان غليظ القول
إن كل ما نعرفه عن بيتهوفن جاء من خلال رسائله ويومياته. وعلى عكس معاصره كالأديب الألماني فولفغانغ غوته، الذي كان يجيد التفاهم معه، فإن بيتهوفن كان ينظر إلى كل محاولة لتنظيم حياته بشيء من الغرابة. ففي رسائله يكتب عن شرور الناس وعن الفوارق الاجتماعية، التي تحول دون اتصاله بسيدات المجتمع الراقي. ولم يكن يظهر نفسه كشخص من طبقة النبلاء المميزين، فحتى مع أصدقائه كان يعمد إلى استخدام التعبيرات الغليظة. وحينما اشترى أخوه ذات مرة قطعة أرض ووقع باسم "فان بيتهوفن، صاحب الأرض"، أجاب لودفيغ: "فان بيتهوفن، صاحب الدماغ". كما أنه كتب ذات مرة إلى الأمير ليشنوفيسكي، وهو أحد محبيه ومشجعيه: "سيدي الأمير! ما أنت عليه اليوم من وجاهة، لم يأتيك إلا بالصدفة والولادة. وما أنا عليه، فقد وصلت إليه من خلال مثابرتي وجهدي. فقد كان هناك الآلاف من الأمراء وسيوجد في المستقبل الآلاف مثلهم، لكن هناك بيتهوفن واحد فحسب".
بيتهوفن للجميع
تعد رسائل بيتهوفن ويومياته حقلاً غزيراً يمكن أن يجد فيها المرء كل ما يحتاج إليه. وتتضمن هذه الرسائل واليوميات أقوالاً تدل على وعي سياسي، وأخرى على موقف نخبوي. وهذا كله على ارتباط بجماليته الموسيقية الجديدة، التي قادت فيما بعد إلى محاولات للوصول لتغيير كبير؛ لذلك صدحت السيمفونية التاسعة عام 1937 بمناسبة عيد ميلاد هتلر، كما بثتها الإذاعات مع خبر وفاة الدكتاتور النازي. وفي الفترة التي سبقت ذلك تم توظيف أعمال بيتهوفن في فترة جمهورية فايمار، التي سبقت الحرب العالمية الثانية بشكل سياسي. فاليمينيون كان يرون فيها تعبيراً عن العداء الكبير للفرنسيين وميل عارم للنضال، أما اليسار فقد ساوى بين الطابع الثوري لموسيقى بيتهوفن وتأثيرها السياسي، الأمر الذي أستمر في جمهورية ألمانيا الديمقراطية السابقة. فبعد الحرب العالمية الثانية تم توظيف أعمال بيتهوفن في خدمة دعاية النظام الحاكم في هذه الجمهورية: بيتهوفن كمناضل من أجل السلام العالمي.
فنان مزاجي؟
أما بيتهوفن نفسه فلم يكن خاضعاً لأهداف سياسية ثابتة، بل تنطوي كتاباته في هذا المجال على اختلافات ومزاجية كبيرة. فقد كان يقيم في منزل متداع على إيجاد طرق تعبيرية جديدة في عالم الموسيقى. كما أنه لم يكن يعير منظره اهتماماً كبيراً. لكنه في الوقت نفسه أثر في معاصريه بشكل غير تقليدي. وبقي عازبا دون زواج، لأنه تزوج من الموسيقى!