بورصة تعليم اللغات: وسيلة بسيطة ومبتكرة لتعلم لغة وثقافة الآخر
١٢ مارس ٢٠٠٧يعد تعلم اللغات وإتقانها في عصر العولمة إحدى أهم المتطلبات الأساسية للنجاح في الدراسة والحياة العملية على حد سواء، لذلك تبذل المؤسسات التعليمة الالمانية وخاصة الجامعات جهودا لتوفير وتشجيع برامج بديلة لتعلم اللغة الالمانية وغيرها من اللغات الحية حول العالم من خلال ما يعرف بـ "بورصة تعليم اللغات" او برامج (Tandem).
فلطالما بقيت السبل الكلاسيكية لتعلم اللغات الجديدة مرتبطة بمقاعد الدراسة وفي مناهج محددة ومواعيد ثابتة، الأمر الذي يغيب في كثير من الأحيان عنصر الإثارة في التعليم او ملاءمة النصوص التعليمية مع حاجات ورغبات المقبلين عليها. الا ان الأمر يختلف بعض الشيء مع برنامج "التاندم بارتنر"، اذ تقوم هذه المبادرة على أساس اشتراك طرفين يتقنان لغات مختلفة في تعليم بعضهما بعضا سواء عن طريق التواصل المباشر او الرسائل العادية او الالكترونية او حتى بواسطة برامج المحادثة المباشرة على شبكة الانترنت.
وفي هذه الحالة يترك الاتفاق على المواعيد للمشاركين، سواء كان ذلك بشكل يومي او أسبوعي او وفقا لمواعيد محددة خلال الشهر، على ان يتم اقتسام الوقت بينهما لينقل كل طرف مهاراته اللغوية الى الأخر.
تشجيع واسع لمبادرة "التاندم"
صحيح ان الجامعات ومعاهد التعليم العالي الالمانية توفر لمنتسبيها العديد من برامج تعليم لغات مختلفة، وخاصة اللغة الالمانية كونها لغة الدراسة الأولى في البلاد، الا انها تدعم بشكل كبير برنامج (Tandem-Sprachlernmethode) كغيرها من المبادرات الطلابية، وذلك عن طريق تقديم يد المساعدة التي توفرها مراكز اللغات الجامعية والتي منها على سبيل المثال جامعة رور- بوخوم التي استطاعت "وكالة التاندم" فيها خلال العام 2004 من توفير الاتصال بين 2622 شخصا من الراغبين بتعلم لغة واحد او اكثر من خلال العروض التي تقدمها. "فوكالة التاندم" في جامعة بوخوم توفر للمهتمين بتعلم اللغات الأجنبية معلومات تفصيلية عن برامج "التاندم" المختلفة، ابتداء من التعريف بهذه المبادرة وطريقة الانتساب وإيجاد شريك أخر مناسب، وصولا الى التسهيل على المشاركين من خلال طرحها برامج تدريبية مختارة كمنهج تعلمي يمكن توظيفه لتعليم اللغات على شبكة الانترنت.
تعلم وتعرف على الأخر
"فرصة جيدة لتوفير المال والتعرف على الأخر في آن واحد".....قد يعتقد البعض ان هذه العبارة مأخوذة من كتب التسويق وفنونها، الا ان واقع الحال مع برامج "التاندم" يثبت ذلك، فلعل أكثر الطلبة الذين يقبلون على هذه المبادرة يلجئون إليها لأسباب مادية او لعدم توافق مواعيد دروس تعليم اللغات مع نشاطاتهم اليومية. الا ان قليل منهم يعتقد انها سبيل للتعارف او التقرب من الآخر كما هو الحال مع مؤنس كيلاني، احد الطلبة الفلسطينيين في جامعة ماينس والذي شرح لنا في مقابلة مع موقعنا دوافع مشاركته في برنامج "التاندم بارتنر" قائلا: "من الأسباب التي دفعتني للبحث عن شريك يود تعلم اللغة العربية وقادر على نقل معارفه إلي بالألمانية كانت التكلفة المادية المرتفعة بعض الشيء لدورات اللغة، بالإضافة الى رغبتي بتعلم أساسيات اللغة الالمانية بشكل سليم وخاصة ما يتعلق بالقراءة والنطق". وحول الفائدة غير المباشرة، التي حققها الكيلاني على مدار ثلاثة اشهر كاملة فيضيف "لم تقتصر عمليات التبادل اللغوي بيننا خلال هذه المدة على تعلم أساسيات اللغة والقواعد فحسب، بل كانت هناك الكثير من الأحاديث الجانبية التي تطرقت الى جوانب الحوار الثقافي وطبيعة المجتمعات المختلفة".
وبجانب المكسب اللغوي ينبغي الا ننسى أهمية هذه اللقاءات في تمهيد الطريق أمام التعرف على المجتمع الألماني وخصوصيته، وهو ما يمثل أول محطات الاندماج والتعايش البناء مع محيط الطلبة الجديد في المانيا.
طارق النتشه