بوخوم: مدينة تجمع بين عبق الماضي ورقي الحاضر

لعل المغني الألماني ذائع الصيت هيربيرت غرونماير كان محقاً عندما تغنى متغزلا بمدينة بوخوم واصفا أياها بـ"لؤلؤة الوطن" و "سرير الحَمَام في كنف السماء". فهذه المدينة لديها الكثير مما يشد انتباه الزائر سواء كان ذلك متحف التنقيب عن المعادن أو عرض Starlight Express الموسيقي أو ضاحية مثلث برامود، التي تعج بالمطاعم والحانات والمقاهي وغيرها من أماكن قضاء أوقات الفراغ في ألمانيا. وضاحية مثلث برامود هي أسم على مسمى، إذ يمكن للمرء أن يختفي سريعاً في إحدى الحانات أو المراقص، التي يؤمها الناس من كافة مدن منطقة الرور.

شاهدة على عظمة الإنسان ورومانسية المكان

لكن اسم بوخوم يقترن غالباً بعرض Starlight Express الموسيقي، الذي حقق نجاحاً لم يسبق له مثيل في ألمانيا، إذ زاره أكثر من 10 مليون مشاهد. وتدور أحداث هذا العرض الموسيقي عن حلم يراود مخيلة طفل صغير بإجراء سباق عالمي بين القطارات. وفي Starlight Express يقوم مطربون ألمان بتجسيد هذه القطارات وهم يرقصون على أنغام موسيقى حالمة. وإذا كنت تود زيارة أحد المناجم فما عليك إلا أن تذهب إلى متحف التنقيب الألماني في بوخوم والذي يعد أهم متحف للتنقيب في العالم. هناك سيمكنك الهبوط إلى مسافة عشرين متراً تحت سطح الأرض لكي يتكون لديك انطباعاً حقيقياً عن عالم التنقيب والبحث عن المعادن. كما سيكون بإمكانك التعرف على تاريخ وطبيعة العمل بمجال التنقيب في ألمانيا منذ أقدم العصور. يذكر أن بوخوم كانت تُعرف فيما مضى بمدينة المناجم. أما إذا كنت تريد معرفة الطريقة التي تطورت بها القطارات عبر الزمن منذ أن كانت الأحصنة التي تجر خلفها العربات هي وسيلة النقل الرئيسية، فإن متحف القطارات في بوخوم يعطيك بالتسلسل الزمني والصور ملخصا لتطور القطارات منذ بداياتها الأولى.

بوخوم في الماضي والحاضر

جغرافيا تقع مدينة بوخوم وسط منطقة الرّور في ولاية شمال الراين ـ وستفاليا ويبلغ عدد سكانها حوالي 393،324 نسمة. وهي تعد من أقدم المدن الألمانية. إذ يبلغ عمرها 680 سنة لكن تاريخها الذي دلت عليه الاكتشافات الأثرية ضارب في القدم ويعود إلى العصر الحجري الحديث: أي مابين 4000 و1800 قبل الميلاد. حيث دلت المكتشفات الأثرية بأن الإنسان استوطن في هذه المنطقة في تلك الفترة السحيقة من الزمن. ورغم أن بوخوم تعرضت للتدمير بشكل شبه كلي أثناء الحرب العالمية الثانية، إلا ان إعادة بناء المدينة تم بوقت قياسي، لاسيما بفضل مساعدة القطاع الصناعي الموجود في المدينة والذي ساعد أيضا على إعادة نهضة المدينة التي خرجت للتو من تحت الأنقاض. يذكر هنا أن بوخوم كانت ومازالت، مدينة الصناعة والتصنيع الثقيل حيث شُيدت فيها مصانع الفحم والحديد والصلب والكيماويات التي ساهمت بدورها في ازدهار المدينة ونهضتها مما ساعدها على تبوء موقع هام بين المدن الكبرى. يذكر أنه يوجد في بوخوم اليوم مصنع سيارات مرسيديس الشهيرة التابعة لشركة لدايملر كرايسلر وكذلك شركة أوبل للسيارات وغير ذلك من المصانع والشركات.

.