بوتين يتعهد بمواصلة حربه في أوكرانيا ويهاجم الغرب
٢١ فبراير ٢٠٢٣اتهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الغرب الثلاثاء (21 فبراير/ شباط 2023) في خطابه السنوي للأمة، باستخدام النزاع في أوكرانيا لـ"القضاء" على روسيا، معتبراً أنّ الغربيين يتحمّلون "مسؤولية" التصعيد.
"الغرب بدأ بالحرب"
وقال في خطاب قبل ثلاثة أيام من حلول الذكرى الأولى لبدء الهجوم الروسي على أوكرانيا، "النخب الغربية لا تخفي هدفها: إلحاق هزيمة استراتيجية بروسيا، أي القضاء علينا مرة واحدة وإلى الأبد"، مؤكداً أن الغرب هو من بدأ الحرب، وأن روسيا حاولت وتحاول إيقافها، مضيفاً أن "وعود وكلمات القادة الغربيين كانت مجرد ذرائع لكسب الوقت لإعداد أوكرانيا للمواجهة".
وأضاف " حينما كانت روسيا صادقة بشأن اتفاقيات مينسك، كان الغرب يقوم بما أسماه " مسرحية دبلوماسية". وقال بوتين" كنا منفتحين ومستعدين للحوار، وكنا دائما نسعى للضمانات الأمنية للجميع بمساواة وعدل"، وتابع: "كنا نعرف أن الخطوة التالية بعد دونباس هي الهجوم على القرم. نحن ندافع عن وطننا، الغرب أضاع 150 مليار دولار لتسليح أوكرانيا، ومنح خلال عام 2020 الدول الفقيرة 60 مليار دولار. قارنوا الأرقام".
"لا نحارب الشعب الأوكراني"
وقال "الغرب كان يلعب بأوراق مخلوطة ويحتفل بخياراته فهو معتاد على البصق على العالم كله". وأضاف "نحن لا نحارب الشعب الأوكراني، هذا الشعب أصبح أسيراً للغرب على المستوى الاقتصادي والسياسي والعسكري". وتابع " الغرب يستخدم أوكرانيا كساحة للحرب . كلما زاد مدى الأسلحة التي يزود بها الغرب أوكرانيا، كلما سنقوم بدفع العدو بعيدا عن أراضينا".
وأضاف الرئيس الروسي أنّ "المسؤولية عن تأجيج النزاع الأوكراني وتصعيده وعن عدد الضحايا... تقع بالكامل على النخب الغربية"، مردّداً ما كان قد أدلى به سابقاً عن أنّ الغرب يدعم قوى النازيين الجدد في أوكرانيا لتعزيز دولة معادية لروسيا فيها.
وأكد بوتين أنه مصمّم على مواصلة الهجوم على أوكرانيا، بينما يكافح جيشه منذ أشهر في ساحة المعركة، على الرغم من تعبئة مئات الآلاف من جنود الاحتياط، وقال "لضمان أمن بلدنا، والقضاء على تهديدات نظام النازيين الجدد القائم في أوكرانيا منذ انقلاب العام 2014، تَقرَّر تنفيذ عملية عسكرية خاصة. وسنتعامل مع الأهداف التي تقع أمامنا خطوة بخطوة وبعناية ومنهجية". وتوجه بوتين بالشكر إلى "كلّ الشعب الروسي على شجاعته وتصميمه".
العقوبات لم تحقق شيئاً
وفي إشارة إلى العقوبات الدولية على بلاده، اعتبر بوتين أنّ الغرب "لم يحقّق شيئاً ولن يحقّق شيئاً"، في الوقت الذي قاوم فيه الاقتصاد الروسي بشكل أفضل ممّا توقعه الخبراء.
وكان الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة قد أعلنا هذا الأسبوع عن فرض عقوبات جديدة مع اقتراب حلول الذكرى السنوية الأولى لبدء الحرب الروسية في أوكرانيا الجمعة المقبلة. وأكد الغرب أن العقوبات ليست موجهة نحو شعب روسيا، ولكن تهدف لوقف الحرب في أوكرانيا.
وقال بوتين: "لقد حرصنا على استقرار الوضع الاقتصادي وحماية المواطنين"، معتبراً أنّ الغرب فشل في "زعزعة استقرار مجتمعنا"، وأضاف أن الهدف من العقوبات المناهضة لروسيا هو جعل مواطني روسيا يعانون.
وكان بوتين يخاطب رجال أعمال روسًا أثرياء تعرّضت ممتلكاتهم ويخوتهم وحساباتهم المصرفية في الخارج للعقوبات الغربية. وقال إن "لا أحد من الناس العاديين اشتكى" من العقوبات مذكّرًا كيف اغتنت نخبة من الأوليغارشيين عند سقوط الاتحاد السوفياتي.
ودعا الرئيس الروسي هؤلاء إلى التحلي بالوطنية في ما يخصّ الاقتصاد فقال إن "مصادر الرفاهية والمستقبل يجب أن تكون هنا، في البلد الأصلي، روسيا". وتابع "استثمروا في روسيا ... الدولة والمجتمع سيدعمانكم".
"ليست مطاردة ساحرات"
توعد بوتين بملاحقة "الخونة" في روسيا، وسط قمع أيّ صوت ينتقد الكرملين والصراع في أوكرانيا، عبر اعتقالات وفرض أحكام سجن قاسية. وقال "كلّ الذين اختاروا خيانة روسيا يجب أن يُحاسَبوا أمام القانون"، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ الأمر ليس عبارة عن "مطاردة ساحرات".
وأخيرًا، قدّم بوتين الغرب، كما يفعل منذ سنوات، على أنه منحطّ، معتبرًا أن الاعتداء الجنسي على الأطفال أصبح "القاعدة". وأردف "أنظروا إلى ما يفعلونه في شعوبهم: فقد أصبح تدمير العائلات والهويات الثقافية والوطنية، الشذوذ وسوء معاملة الأطفال وحتى الاعتداء الجنسي عليهم هو القاعدة ... والكهنة مرغمون على مباركة زواج المثليين".
واشنطن: اتهامات روسية سخيفة
وفي رد فعل على خطاب بوتين، ندّد مستشار الأمن القومي جايك ساليفان بـ"سخافة" اتهامات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي اعتبر أنّ التهديد الغربي ضدّ روسيا يبرّر غزو أوكرانيا. وقال ساليفان للصحافيين "لا أحد يهاجم روسيا. هناك نوع من السخافة في فكرة أنّ روسيا كانت تتعرّض لشكل من أشكال التهديد العسكري من أوكرانيا أو من أي طرف آخر".
وأضاف في تصريحات قبيل خطاب الرئيس الأمريكي المقرر أن يلقيه اليوم في القلعة الملكية في وارسو، إنّ بايدن "لن يعرض أي نوع من الخطط لإنهاء الحرب عبر الدبلوماسية"، وبدلاً من ذلك، سيركّز على الدرس الأوسع الذي يمكن تعلّمه من الحرب في أوكرانيا في إطار ما يعتبره "نقطة انعطاف" في صراع عالمي بين الديموقراطيات والأنظمة الاستبدادية.
وتابع: "بالتالي، ستتطرّق ملاحظاته خصوصاً إلى النزاع في أوكرانيا، ولكنّها بالطبع ستتحدث أيضاً عن النزاع الأوسع الذي يدور بين المعتدين الذين يحاولون تدمير المبادئ الأساسية والديموقراطيات التي تتحّد في محاولة لفرضها (المبادئ)".
من جانبه، اعتبر وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الغزو الروسي لأوكرانيا "فشلًا استراتيجيًا". وقال بلينكن في أثينا في ختام زيارته إلى المنطقة والتي استمرت خمسة أيام "بعد عام على هجوم بوتين على أوكرانيا، من الواضح أن هذه الحرب كانت فشلًا استراتيجيًا بكل طريقة ممكنة".
وأضاف: "لا أحد كان يريد هذه الحرب. الجميع يريدها أن تنتهي في أسرع وقت ممكن". وتابع الوزير الأمريكي: "إذا سمحنا لهذا بالاستمرار مع الإفلات من العقاب، فسنفتح صندوق باندورا (الذي يحوي كل الشرور) حول العالم حيث القوة تصنع الحقّ".
الخارجية الروسية تستدعي السفيرة الأمريكية
قالت وزارة الخارجية الروسية اليوم إنها استدعت السفيرة الأمريكية لين تريسي بشأن ما وصفته "بالمسار العدواني" المتزايد لواشنطن متهمة إياها بتوسيع انخراطها في الصراع الأوكراني. وأضافت وزارة الخارجية "في هذا الصدد، أبلغنا السفيرة بأن المسار العدواني الحالي للولايات المتحدة لتعميق المواجهة مع روسيا في جميع النواحي يأتي بنتائج عكسية".
وسلمت الخارجية الروسية طلبًا للولايات المتحدة بسحب "جنود وعتاد" حلف شمال الأطلسي في أوكرانيا، في إشارة إلى المساعدة العسكرية التي تتلقاها كييف من الدول الغربية. كما طالبت الولايات المتحدة بتقديم تفسير بشأن انفجارات ألحقت أضرارا بخطي أنابيب الغاز نورد ستريم 1 ونورد ستريم 2 العام الماضي.
ع.ح./ح.ز. (أ ف ب ، د ب ا ، رويترز)