بلدة زومته - عندما يصبح عدد اللاجئين أكبر من عدد السكان
٣ نوفمبر ٢٠١٥وصلت أول حافلة تقل 50 لاجئا إلى قرية زومته مساء الإثنين، وستلحقها حافلة أخرى في وقت متأخر من الليل. ومن المتوقع أن يصل في الأيام المقبلة 500 لاجئ إلى نفس القرية الواقعة في ولاية ساكسونيا السفلى والتي يبلغ عدد سكانها مائة نسمة. السبب في قرار إرسال هذه الأعداد الكبيرة من اللاجئين إلى بلدة زومته يعود إلى وجود 20 بناية حكومية فارغة هناك، حيث يمكن لولاية ساكسونيا استخادمها وتحويلها بشكل سريع كمأوى للاجئين.
تقدر الطاقة الاستيعابية لمطعم مركز إيواء اللاجئين الجديد بألف شخص، وهو العدد الذي تريد وزارة الداخلية في ولاية ساكسونيا أن توفره لمأوى اللجوء. في بداية أكتوبر/تشرين الأول الماضي علم أهالي قرية زومته بتلك المخططات، و في هذا السياق ذكر عمدة القرية كريستيان فابل لتلفزيون شمال ألمانيا NDR أنه بداية لم يصدق تلك الأخبار وقال: "قدوم 1000 لاجئ، هذا يعني عشرة لاجئين مقابل ساكن ألماني واحد." وأوضح فابل أن" المزاج العام في القرية تجاه تلك المخططات ليس إيجابيا، فنحن لا نعرف ما ينتظرنا بالضبط."
تخوفات السكان قريبة من مواقف الرفض
علم سكان القرية بقدوم اللاجئين خلال اجتماع نظمته وزارة الداخلية هناك لهذا الغرض، وقد عبر فابل عن قلق سكان البلدة وتخوفاتهم خلال ذلك اللقاء: "كيف ستصبح الحالة الأمنية في المنطقة؟ أين سيتسوق هؤلاء اللاجئين؟ هل ستكون شبكة الهواتف النقالة قوية عندما سيستخدمها الكثير من الناس؟"
وحسب صحيفة محلية فإن عددا من السكان المحتجين عبروا في الاجتماع عن رفضهم الصريح لاستقبال هؤلاء اللاجئين، إحدى المواطنات هناك عبرت عن تخوفها من تراجع قطاع السياحة في المنطقة، وهو من مصادر الدخل القليلة في المنطقة الضعيفة هيكليا والواقعة في محمية طبيعية على حدود ولاية مكلنبورغ فوربومرن.
لم تتمكن السلطات من إضعاف مخاوف السكان وقلقهم، فمثلا لن يمكن للشرطة القيام بدوريات تفتيشية على مدار الساعة، كما يرغب سكان القرية في ذلك. وهو ما دفع بالعاملين في اتحاد الساماريين وهي منظمة مساعدة خيرية لتقديم مساعدتها في جهاز المراقبة على مدار أربع وعشرين ساعة.
اختبار صعب للنوايا الحسنة
منذ مجيء اللاجئين تحولت قرية زومته إلى أحد الأهداف التي يتوافد عليها الصحفيون من الداخل والخارج. السكان يتحدثون عن معضلة كبيرة."نريد التوصل إلى تعايش معقول مع اللاجئين" كما يقول المقاول ديرك هامر. إنه الهدف المشترك لجميع سكان القرية، ولكنه في نفس الوقت لا يخفي قلق الناس بالنظر إلى الحجم الهائل من الاجئين، والذي خفضته وزارة الداخلية من 1000 إلى 750 لاجئا.
"ألمانيا أمام الاختبار" هكذا كتبت الصحيفة الأمريكية " ميامي هيرالد" في مقال حول قرية زومته وموضوع استقبال اللاجئين. العديد من وسائل الإعلام الإسبانية والبريطانية والروسية ترى أن هذه القرية تشكل رمزا للضغط الذي تعيشه ألمانيا بشكل عام بشأن موضوع استقبال اللاجئين، واختبارا للنوايا الحسنة فيها.
قوى اليمين المتطرف لم تقف مكتوفة الأيدي، إذ تحدثت عما تصفه ب"إرهاب اللجوء"، غير أن بائع الدراجات ديرك هامر يرفض استغلال اليمين للمتطرف لموضوع اللاجئين، مطالبا في لقاءات مع وسائل الاعلام الختلفة أنه:" ينبغي أن نأخذ موقفا واضحا يفصلنا عن "هؤلاء الناس اليمينيين" كما جاء في حديثه لصحيفة نيويورك تايمز، وملاحظا أن الكثيرين من الناس في زومته يريدون المساعدة فعلا، بالرغم من أنهم يدركون أن أمورا كثيرة ستتغير في قريتهم.
الاستعداد للمساعدة رغم التشكك
ويؤكد ينس ماير، المسؤول عن مركز إيواء اللاجئين في البلدة وجود استعداد لدى المواطنين للمساعدة قائلا :"لقد أنجزوا أعمالا في غاية الصعوبة" فالعاملين في اتحاد السامريين قاموا قبل أسبوعين بتحويل المكاتب في البنايات الحكومية إلى غرف سكنية للاجئين السوريين الهاربين من الحرب، وما كان ذلك ليتحقق لولا مساعدة السكان، كما يضيف.
ما لم يتم بناؤه هي الجدران التي تفصل بين الأسِرة، ومن المنتظر أن يدخل الخط الهاتفي نطاق الخدمة في المركز. لقد تم بالفعل الانتهاء من تركيب الأسرّة، كما وضعت الألبسة التي تبرع بها سكان البلدة في الخزانات الموجودة في الغرف، بالإضافة إلى ألعاب الأطفال. هذا وقد تم أيضا توفير 55 فرصة عمل، حسب ما صرحت به المتحدثة باسم اتحاد السامريين. الآن ينبغي للاجئين أن يستقروا في مراكز إيوائهم، حيث تم توفير مترجمين فوريين، لمرافقتهم خلال التعرف على سكنهم الجديد.
لم تنظم القرية حفلا لاستقبال الاجئين، حيث اعتبر عمدة القرية كريستيان فابل أن " اللاجئين قد عانوا الكثيرخلال سفرهم الطويل". الآن يمكن لهؤلاء اللاجئين البقاء في البلدة لمدة سنة وهي المدة المنصوص عليها في عقد إيجار المركز الذي يأويهم هناك.