"المدق إذا غاب المفتاح"..مكافحة العصابات في الاتحاد الأوروبي
١٨ أبريل ٢٠٢١محل بيع الزهور الصغير في الشارع، مطعم السوشي الياباني، شركة البناء أو محل حلاقة الشعر، كلها يمكن أن تكون مكانا لنشاط إجرامي، كما تقول إيلفا يوهانسون، مفوضة الاتحاد الأوروبي للشؤون الداخلية. وتوضح كيف أن الجماعات التي تسعى لتحقيق أهداف غير مشروعة والتي تعرف تحت مسمى "الجريمة المنظمة" موجودة في كل مكان. كما أن 80 بالمئة من الجريمة المنظمة في أوروبا تنشط تحت مظلة مثل هذه الأعمال التجارية القانونية.
ومن أجل مكافحة هذه المشكلة، قدمت السويدية إيلفا يوهانسون مع زميلها اليوناني مارغريتيس شيناز، نائب في رئاسة الاتحاد الأوروبي، استراتيجية جديدة لمكافحة الجريمة المنظمة.
تقول يوهانسون إن الجريمة المنظمة من أكبر الأخطار على المجتمع. وتصف عصابات الجريمة المنظمة على "أنها كبيرة، وقوية وليس عندها حدود. وتستعمل المزيد والمزيد من العنف الشديد وحتى التعذيب والقتل من أجل تحقيق هدفها: المال".
الجريمة المنظمة وكورونا
في الحقيقة، بلغت الأضرار الاقتصادية التي تسببت بها هذه العصابات في عام 2019 ما لا يقل عن 139 مليار يورو، وهو ما يقرب من واحد في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي بأكمله. ووفقا لمفوضية الاتحاد الأوروبي، تحصل هذه العصابات على ها الدخل غير المشروع من تسعة نشاطات داخل الاتحاد الأوروبي: الاتجار غير المشروع بالمخدرات، والاتجار بالبشر، وتهريب المهاجرين، والاحتيال، والجرائم البيئية، وتجارة الأسلحة غير المشروعة، وتجارة التبغ غير المشروعة، والجرائم الإلكترونية وجرائم الممتلكات.
وحتى الآن صودر واحد بالمائة فقط من الأرباح غير المشروعة لهذه العصابات. تقول يوهانسون: "علينا السعي وراء الأموال". تريد مفوضية الاتحاد الأوروبي تحقيق ذلك من خلال جعل السلطات المحلية في دول الاتحاد الأوروبي العمل فيما بينها بشكل أفضل.
أزمة كورونا أظهرت سرعة تكيف هذه العصابات الإجرامية مع التغييرات في العالم. وبحسب وكالة إنفاذ القانون الأوروبية Europol فقد تم تزوير كل شيء تقريبا كان ضروريا مع ظهور الوباء، من اختبارات، تطعيمات ، وأقنعة طبية. وترى يوهانسون خطرا كبيرا يطال الشركات التي تعاني من الوباء ماليا، إذ أنها معرضة لخطر تسلل العصابات الإجرامية للسيطرة عليها.
"المدق إذا غاب المفتاح"
مع ظهور الوباء دخلت الجرائم أكثر إلى العالم الرقمي، بحسب ما تقول يوهانسون. وهو اتجاه كان معروفا قبل ظهور الجائحة. ورغم تأكيدها إلى وجوب ضمان الحقوق الشخصية والأساسية لكل مواطن، إلا أنه من الضروري توفر إمكانية قانونية إلى الوصول إلى البيانات المشفرة. ووفقا ليوهانسون، فإن 85 بالمئة من جميع الأدلة الآن رقمية "نحن بحاجة إلى أدوات رقمية لتفح الأبواب الرقمية. أكيد يجب علينا أخذ مفاتيح لفتح هذه الأبواب، ولكن في حال تعذر ذلك علينا استعمال المدق".
زميل يوهانسون، نائب رئيس المفوضية الأوروبية مارغريتيس شيناس يؤكد على مدى أهمية القدرة على معالجة البيانات الرقمية بشكل قانوني. بعد الهجوم على قاعة حفلات باتاكلان في باريس في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، كانت البيانات في هاتف خلوي تم العثور عليه في سلة مهملات حاسمة لملاحقة الجناة.
في طريقها لمكافحة الجريمة المنظمة، لا ترغب مفوضية الاتحاد الأوروبي في توفير تدريب أفضل للشرطة والعاملين في العمل الاجتماعي فحسب، بل تريد أيضا وضع قوانين جديدة. أحد الأهداف التي تريد إيلفا يوهانسون المضي في تحقيقها هو تجريم أكبر لجرائم الاتجار بالبشر. على سبيل المثال، يمكن معاقبة زبون إذا دفع مالا بعد علمه أن امرأة أجبرت على ممارسة الدعارة.
النساء والفتيات الضحايا الأكثر
مثل هذا الاقتراح القانوني المحتمل هو جزء من استراتيجية جديدة لمكافحة الاتجار بالبشر. إذ أن غالبية المتضررين من الاتجار في البشر هن النساء والفتيات اللواتي يتم استغلالهن جنسيا. كما توضح الأرقام أن نصف هؤلاء الضحايا من مواطني الاتحاد الأوروبي، كما أن 75 بالمئة منهم أطفال مواطنون في الاتحاد الأوروبي. وأن 70 بالمئة من الجناة هم مواطنون من الاتحاد الأوروبي أيضا.
من أجل مساعدة الضحايا ترغب مفوضية الاتحاد الأوروبي حمايتهم ودعمهم بشكل أفضل في المستقبل، لأن بعض الضحايا هم في أماكن لا يمكن توقعها: المرأة التي تنظف الأرضية في شركة قانونية، أو شخص يعمل في البناء المجاور أو فتيات يمكن العثور عليهن في الشارع في وقت متأخر من الليل. تختم يوهانسون بالقول إن عصابات الجريمة المنظمة تملك شعورا أنها يمكن لها الإفلات من العقاب. يجب أن يتغير ذلك.
مارينا شتراوس/ ع.خ