بعد فشله في مجلس الأمن ـ عباس يختار "الحرب القانونية"
١ يناير ٢٠١٥قضى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الذي قارب على الثمانين من العمر، السنوات العشر التي مضت عليه في منصبه في محاولة تهدئة الجماعات المسلحة واعتماد الخيار السلمي ورفض أي عمل عنيف في مواجهة إسرائيل. بيد أن فشل مباحثات السلام هذا العام، في تحقيق هدف إقامة دولة أو منع انتشار المستوطنات الإسرائيلية، دفعه إلى اتخاذ هذا القرار الذي يكمن فحواه في أنه حان الوقت الآن لما يسميه المعلقون في الجانبين "الحرب القانونية" أو الصراع بالوسائل القانونية.
القيادي الفلسطيني المقرب من عباس محمد أشتية عبّر عن هذه الحالة بالقول: "لقد جربنا كل سبيل ممكن للوصول إلى حل مع الإسرائيليين وقضينا 20 عاما من المفاوضات التي لم تؤد إلى إنهاء الاحتلال علينا. ولذلك فإننا اتخذنا الآن الخيار السلمي القانوني لتدويل هذا الصراع."
وجاء توقيع عباس على النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية و20 اتفاقية أخرى من الاتفاقيات الدولية بعد يوم من إخفاق مشروع قرار فلسطيني يدعو لحصول الفلسطينيين على الاستقلال في عام 2017 في كسب تأييد مجلس الأمن الدولي. وتأتي هذه الخطوة أيضا بعد خطوات أخرى للحصول على المظاهر المرتبطة بالدولة دون الانتظار لنتيجة المفاوضات مع إسرائيل.
انهيار المحادثات وراء لجوء الفلسطينيين للمنظمات الدولية
وكانت المحادثات الإسرائيلية الفلسطينية التي تتوسط فيها الولايات المتحدة انهارت في نيسان/ أبريل الماضي وسط اتهامات متبادلة باللوم في ذلك. وكان هذا أحدث فشل للمفاوضات التي تهدف إلى إحلال السلام وقيام دولة فلسطينية منذ خرجت السلطة الفلسطينية إلى حيز الوجود في عهد سلف عباس القائد الراحل ياسر عرفات في عام 1993 بموجب الاتفاقات الانتقالية.
ففي عام 2012 حصل الفلسطينيون على وضع "الدولة المراقب غير العضو" في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وفي العام المنصرم اعترفت السويد بدولة فلسطين وأصدرت برلمانات بريطانيا وايرلندا وفرنسا قرارات غير ملزمة تحث حكوماتها على أن تحذو حذوها.
ويسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وهي أراض استولت عليها إسرائيل في حرب الأيام الستة في عام 1967. ويرى الفلسطينيون آن انتشار المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي المحتلة جريمة حرب تحرمهم من إقامة دولة لها مقومات الحياة.
هل تخدم خطوات عباس نتانياهو "الغاضب"؟
الخطوة الفلسطينية الجديدة أغضبت إسرائيل إذ سارع رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو إلى عقد جلسة تشاور طارئة مع كبار وزرائه لمناقشة الخطوة التي اتخذها عباس، داعيا المحكمة الجنائية الدولية إلى رفض عضوية الدولة الفلسطينية. وقال نتانياهو في لهجة اتهامية غاضبة: "إننا نتوقع أن ترفض الجنائية الدولية على الفور الطلب المخادع للسلطة الفلسطينية لأن السلطة الفلسطينية ليست دولة، إنما هي كيان متحالف مع منظمة إرهابية ترتكب جرائم حرب"، في إشارة إلى حركة حماس التي تسيطر على قطاع غزة."
وتأتي التحركات الفلسطينية الأخيرة قبيل ثلاثة أشهر من الانتخابات العامة في إسرائيل، ويعتقد على نطاق واسع أن تؤثر في مجرى هذه الانتخابات. وهناك من يرى بأن هذه الخطوات قد تساعد رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو على أن يكسب التأييد بين الناخبين لرسالته المتشددة القائلة بأن إسرائيل لا تجد شريكا في السلام. وتعهد نتانياهو الذي أعيد انتخابه زعيما لحزب ليكود اليميني "بالدفاع عن جنود إسرائيل".
وتظهر استطلاعات الرأي أن المنافسة بين حزب ليكود بزعامة نتانياهو وتحالف أحزاب الوسط ويسار الوسط شديدة جدا مع احتمال ترجيح كفة تحالف حزب العمل مع وزيرة العدل السابقة تسيبي ليفني. وتتهم هذه الأحزاب نتانياهو بالتخلي عن عملية السلام. بيد أن المتشددين بزعامة نتانياهو لديهم فرصة أفضل من المعتدلين لتشكيل الحكومة الائتلافية الإسرائيلية القادمة مع أحزاب يمينية أخرى قوية.
أ.ح/ م.س (رويترز)