بعد رفض مقترح حماس.. إسرائيل تشارك في محادثات هدنة جديدة
١٥ مارس ٢٠٢٤قالت إسرائيل، الجمعة (15 آذار/مارس 2024)، إنها سترسل وفدًا إلى قطر لإجراء محادثات جديدة بهدف وقف إطلاق النار وإطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة، لتبقي بذلك على آمال ضعيفة في التوصل إلى هدنة رغم رفضها عرضًا طال انتظاره من حماس.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه وافق على خطة لشن هجوم على مدينة رفح الواقعة على الطرف الجنوبي من قطاع غزة حيث يقيم أكثر من نصف سكان القطاع البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة، لكن المكتب لم يحدد إطارًا زمنيًا لمثل هذا الهجوم.
وأخفق المفاوضون هذا الأسبوع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في حرب غزة قبل شهر رمضان. لكن واشنطن والوسطاء العرب ما زالوا مصممين على التوصل إلى اتفاق لمنع الهجوم الإسرائيلي على رفح والسماح بدخول المساعدات الإنسانية لدرء المجاعة الجماعية. وكانت أول سفينة تحمل مساعدات غذائية قد وصلت صباح اليوم الجمعة قبالة ساحل قطاع غزة حيث تقول إحدى وكالات الإغاثة إنها تبني رصيفًا مؤقتًا لتفريغ الحمولة.
وتؤكد إسرائيل على أنها ستمضي قدمًا في خطط الحرب مع عدم التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار. وقال مكتب نتنياهو في بيان مقتضب "وافق رئيس الوزراء نتنياهو على خطط للعمل في رفح. يستعد الجيش الإسرائيلي للعمليات (العسكرية) ولإجلاء السكان". وأضاف: "فيما يتعلق بالرهائن، فإن مطالب حماس ما زالت غير واقعية. سيغادر وفد إسرائيلي إلى الدوحة بعد أن يناقش مجلس الوزراء الأمني موقف إسرائيل".
واشنطن تطلب الاطلاع على خطة إسرائيل
وتناشد الولايات المتحدة إسرائيل عدم شن هجوم على رفح، وتقول إن ذلك سيؤدي إلى كارثة إنسانية. لكن إسرائيل تقول إنها ستجلي السكان أولًا. وفي تسليط للضوء على القلق المتزايد في واشنطن، قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن للصحفيين في النمسا إن الولايات المتحدة بحاجة إلى رؤية خطة واضحة وقابلة للتنفيذ بشأن رفح تشمل إبعاد المدنيين عن طريق الأذى.
من جهته قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي: "لم نطلع عليها (الخطة). نرحب بالتأكيد بفرصة الاطلاع عليها"، مؤكدًا أن الولايات المتحدة لن تؤيد أي خطة تفتقر الى اقتراحات "ذات صدقية" بهدف تأمين حماية لأكثر من مليون فلسطيني. وهناك مؤشرات متزايدة على وجود خلاف بين واشنطن وحليفتها الوثيقة إسرائيل بشأن سير الحرب التي يقول مسؤولون في إدارة الرئيس جو بايدن إنها تُدار دون اكتراث بالمدنيين الفلسطينيين.
رفض مقترح حماس
وبعد أكثر من أسبوعين من تلقيها اقتراحًا وافقت عليه إسرائيل لهدنة، قدمت حماس للوسطاء أمس الخميس أول اقتراح رسمي مضاد منذ أكثر من شهر. وعلى غرار المقترحات السابقة من الجانبين، ينص الاقتراح الذي اطلعت عليه رويترز اليوم الجمعة على إطلاق سراح عشرات الرهائن الإسرائيليين مقابل الإفراج عن مئات الفلسطينيين المحتجزين في السجون الإسرائيلية خلال وقف لإطلاق النار يستمر لأسابيع ويسمح بدخول المساعدات.
كما ينص الاقتراح على إجراء محادثات في مرحلة لاحقة لإنهاء الحرب، وهو ما ترفضه إسرائيل التي تقول إنها لن تتفاوض إلا على هدنة مؤقتة. ورغم عدم قبول إسرائيل بالهدنة، فإن وصفها لشروط الاتفاق بأنها "ما زالت غير واقعية" يمثل موقفًا أكثر اعتدالًا مقارنة بموقفها من عرض حماس السابق الشهر الماضي، والذي وصفه نتنياهو بأنه "وهمي تمامًا" "ومن كوكب آخر".
وقال سامي أبو زهري القيادي في حركة حماس لرويترز إن رفض إسرائيل يظهر أن نتنياهو "مصمم على مواصلة العدوان ضد شعبنا وتعطيل كل الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار". وأضاف أن الأمر يعتمد على واشنطن للضغط على حليفتها إسرائيل لقبول اتفاق وقف إطلاق النار. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي استضافت بلاده المفاوضات الرئيسية في الأسابيع الماضية، إنه لا يزال يعمل جاهدًا للتوصل إلى اتفاق.
وصول أول سفينة مساعدات
وشوهدت سفينة (أوبن آرمز) التي تحمل 200 طن من المواد الغذائية على مسافة من شاطئ القطاع الساحلي. وقُطرت السفينة من قبرص إلى غزة، وهي الأولى التي تحمل مساعدات لغزة عن طريق البحر. وتهدف مؤسسة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) الخيرية إلى توصيل المساعدات على رصيف مؤقت.
وإذا نجح الطريق البحري الجديد، فقد يساعد في تخفيف أزمة الجوع التي تضرب قطاع غزة حيث يعاني مئات الآلاف من سوء التغذية. وذكرت مستشفيات في المناطق الشمالية الأكثر تأثرًا بنقص الغذاء أن الجوع تسبب في وفاة أطفال. ورغم ذلك، قالت وكالات الإغاثة مرارًا إن خطط إرسال المساعدات عن طريق البحر ومن خلال الإنزال الجوي لن تكون كافية في ظل عدم القدرة على الوصول لمناطق كبيرة من القطاع.
واندلعت الحرب بعد هجوم إرهابي شنه مقاتلون من حماس انطلاقًا من غزة على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول مما أسفر، بحسب إحصائيات إسرائيلية، عن مقتل 1200 شخص واحتجاز 253 رهينة. وردت إسرائيل بحملة عسكرية أودت بحياة أكثر من 31 ألف شخص، حسب السلطات الصحية التابعة لحماس، وتسببت في نزوح كل سكان غزة تقريبًا من ديارهم. وتقول الأمم المتحدة إن سكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة يعانون من أزمة غذائية وإن ربعهم على شفا المجاعة خاصة في الشمال.
وترفض إسرائيل، التي تغلق جميع الطرق البرية المؤدية إلى غزة باستثناء معبرين على الطرف الجنوبي للقطاع، تحمل مسؤولية أزمة الجوع وتقول إن وكالات الإغاثة يجب عليها أن تبذل جهودًا أكبر في توزيع المساعدات الغذائية. وتقول وكالات المساعدات إنها بحاجة إلى تسهيل وصولها إلى المناطق المستهدفة وضمان سلامة العاملين، وكلاهما مسؤولية القوات الإسرائيلية التي حاصرت القطاع واقتحمت مدنه.
قتلى أثناء توزيع المساعدات
وتشوب الفوضى وأحيانًا العنف عمليات توزيع المساعدات المحدودة التي تصل إلى القطاع. وفي واحدة من أسوأ الوقائع حتى الآن، قالت السلطات الصحية في غزة إن 21 شخصًا على الأقل قتلوا فضلًا عن إصابة 150 آخرين مساء أمس الخميس بينما كانوا يصطفون للحصول على الطعام بالقرب من مدينة غزة. وحملت السلطات القوات الإسرائيلية مسؤولية إطلاق النار. وأنكرت إسرائيل تورط قواتها في الهجوم وقالت إن مسلحي حماس هم من فتحوا النار. ولم يتسن لرويترز التحقق من روايات الجانبين في غزة.
وكانت إسرائيل قد أنكرت تورطها في وقائع سابقة مماثلة بمراكز توزيع المساعدات، من بينها الواقعة الأشد دموية حتى الآن التي سقط فيها أكثر من 100 قتيل في 29 شباط/فبراير.
يذكر أن حركة حماس هي مجموعة مسلحة فلسطينية إسلاموية، تصنفها ألمانيا والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى على أنها منظمة إرهابية.
م.ع.ح/ف.ي/ز.أ.ب (رويترز، أ ف ب)