بعد الهجوم على سوريا.. الاعتداءت على أكراد تركيا تزداد
٢٤ أكتوبر ٢٠١٩يلقى الهجوم العسكري التركي الذي أمر به الرئيس رجب طيب اردوغان ضد وحدات حماية الشعب الكردية تأييدا واسعا داخل المجتمع التركي حيث تزداد المشاعر القومية. وهذا التأييد، كما يقول منتقدون يفتح الباب أمام التمييز والعنصرية حتى ضد مواطنين أكراد في تركيا.
وعدد التقارير الإعلامية حول تجاوزات ضد الأكراد يزداد. فهناك مثلا حالة أكرم يسلي البالغ من العمر 74 عاما الذي رافق زوجته إلى موعد عند الطبيب وتعرض للهجوم من طرف مرافق لمريض آخر، لأنه تحدث بالكردية مع زوجته. "هنا الجمهورية التركية"، قال له الرجل الذي غادر الحجرة ثم رجع بقنينة زجاجية وكسرها فوق رأس الرجل المسن.
إخلاء سبيل الجاني
وتقدم الرجل الكردي بشكوى جنائية ظلت بدون نجاح. وقالت النيابة العامة بأنه ليس هناك دليل على أن الكردي تعرض للهجوم، لأنه تكلم بالكردية. "ليس هناك أدلة ملموسة على هذا الاتهام الوهمي". وتم رفض الشكوى.
وقالت محامية يسلي لـDW أن موكلها "أصيب بجرح كبير في رأسه". وبما أنه لم يتم الكشف عن ملف التحقيقات ليس بمقدورها تقديم معطيات دقيقة حول التحقيق. فقط شيء واحد يعرفه موكلها: وهو أن المهاجم على ما يبدو رجل مختل نفسيا ولا يعرف ما إذا تم اعتقاله.
وقالت المحامية بأن حاكم المدينة استبعد فرضية العنصرية، قائلا: "هذا الرجل مضطرب نفسيا، وليس لهذا علاقة بالعنصرية".
"ليست وطنية، بل عنصرية"
وتفيد محامية يسلي بأن حالات الاعتداء على خلفية عنصرية تزداد، لاسيما بسبب العملية العسكرية التركية في شمال سوريا: "دائما عندما يزداد الاستقطاب وعندما يتلقى سياسيون أكراد عقوبات سجن وعندما يزداد تجريم الأكراد، فإن عدد هذه الهجمات يرتفع". فعوض التسبب في زيادة الشرخ والانقسام داخل المجتمع يجب ان يسود خطاب توافقي، تضيف المحامية.
وحتى ابن يسلي تحدث عن الهجوم ضد والده قائلا: "والدتي لا تتكلم التركية. وهذا ما أدى لأن يقوم رجل بضرب والدي البالغ من العمر 74 عاما. وهذه ليست وطنية، بل عنصرية بحتة". وهو يعتقد على غرار محامية والده بأن الدولة تدعم هذا النوع من الأعمال لتهميش "الغرباء".
حالات مشابهة في تركيا تتسبب في صدمة
وحالة يسلي داخل المستشفى تذكر بهجوم عنصري مشابه ضد الكردي قادر ساكجي البالغ من العمر 43 عاما، والاختلاف هو أن نتيجة هذا الهجوم كانت محزنة: فعلى إثر الهجوم في الـ 16 من ديسمبر توفي الرجل وأصيب ابنه البالغ من العمر 16 عاما بجروح بليغة.
وما حدث هو أن الوالد وابنه تحدثا في الشارع بالكردية. والمهاجم سأل في البداية: "هل انتم أكراد أم سوريون؟" وعندما أجابوا بأنهم أكراد فتح الرجل النار عليهما. والوالد لفظ أنفاسه الأخيرة مباشرة، فيما تعرض الابن لجروح بليغة ولايزال يتلقى العلاج إلى يومنا هذا. وحاكم المدينة تحدث في نبرة تضفي النسبية على الحادثة، وقال بأن "الحادث ليس له خلفية عرقية".
والمحامي إيسكي الذي تابع القضية قال لـ DW: "بعدما نظرنا في ملف التحقيقات تبين لنا أن النيابة العامة حاولت أولا أن تظهر الحادثة كاغتيال عادي، لأن النائب العام لم يراع بأن الجاني سأل في البداية هل الضحايا لهم خلفية كردية. ونحن نترقب القرار الذي سيُتخذ في الـ 6 من ديسمبر/ كانون الأول".
"الجرائم لا تلقى العقوبة"
وحتى المحامي إيسكي يلاحظ زيادة في اللغة التمييزية في تركيا التي تخدم هذا النوع من الأعمال. ويشتكي إيسكي من أن هذه "الاغتيالات تبقى خفية. وهذا عار على العدالة".
وبعد انطلاق العملية العسكرية التركية في شمال شرق سوريا أثارت حادثة دموية أخرى اهتمام الصحافة في تركيا: ففي الـ 13 أكتوبر/ تشرين الأول توفي شرين توسون بسبب جروحه البليغة. فالشاب البالغ من العمر 19 عاما تعرض للهجوم من طرف ستة أشخاص وأطلق الرصاص عليه، لأنه تكلم بالكردية. وبعد 50 يوما في قسم العناية المركزة توفي داخل المستشفى.
ويقول بعض الخبراء بأن خطاب الكراهية والعنصرية داخل المجتمع التركي هي التربة الخصبة لهذه الهجمات الدموية. ويفيد المراقبون بأن هذه الهجمات تزداد، لأن الدولة لا تواجهها بحزم. والعنف ضد الأكراد كان دوما موجودا، ولاسيما في التسعينات عندما استخدمت الدولة العنف ضد الأكراد وكتمته. واليوم يمارس العنف ضدهم بشكل مكشوف.
بلين أونكر/ م.أ.م