بسنت.. سيدة مصرية بألمانيا في خدمة سيدات الأعمال العربيات
٦ يونيو ٢٠٢١للوهلة الأولى قد يخطئ أي شخص عندما يرى بسنت حلمي في إحدى متنزهات برلين وهي تمسك بيدها كوبا من القهوة باعتبارها من أوئل السائحين الذين قصدوا العاصمة الألمانية بعد تخفيف قيود جائحة كورونا. بيد أن خطواتها السريعة لا تتماشى مع الرغبة في الاسترخاء والراحة لأي سائح يزور برلين.
وتعد المصرية بسنت حلمي البالغة من العمر 48 عاما والتي اختارت برلين لتكون موطنا لها، واحدة من أبرز السيدات في مجال الرقمنة للربط الشبكي بين رائدات سيدات الأعمال في ألمانيا والشرق الأوسط.
واللافت في بسنت حلمي أنها تتحدث بسرعة وتنهي احتساء قهوتها بسرعة أيضا ما يوحي أنها معتادة على العيش في برلين.
وفي مقابلة مع DW، تقول بسنت "عندما انتقلت للعيش في برلين عام 2000، ادركت أن هذه قد تكون فرصة عظيمة لاستغلال منصبي الجديد كمديرة مكتب الغرفة التجارية المصرية في برلين في دعم سيدات الأعمال في بلدي".
وقد كانت الظروف المهنية جيدة وتوسعت دوائر الاتصال بها في مجال الأعمال حيث كانت بسنت في السابق رئيسة قسم الأعمال في الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة في القاهرة قبل الزواج من ألماني والانتقال إلى برلين. وترجمت بسنت حماسها الشديد إلى جهود جلية ترمي إلى تحسين الظروف لدفع السيدات لاقتحام مجال الأعمال في العالم العربي.
وعلى وقع هذا، بدأت في مطلع عام 2001، في تأسيس جمعية (Global Project Partners e.V.) في البداية مع 20 عضوة. ومنذ ذلك، ازداد عدد أعضاء الجمعية لتصبح واحدة من اثنتين من أهم الشبكات الألمانية العربية بعد أن انضم إليها أكثر من أربع الاف عضوة.
فجمعية (Women in Business MENA) هي مشروع تعاون لدعم سيدات الأعمال في تونس ومصر ولبنان والجزائر منذ 2016 وفي 2017 ظهرت جمعية اخرى وهي (Digital Arabia Network) أو "الشبكة العربية الرقمية" لتعزيز التكنولوجيا الأساسية في الشرق الأوسط.
وفي الوقت الحالي، فإن بسنت مشغولة بالتحضير لمؤتمر (Rakameya) الإلكتروني الذي ستضيفه "الشبكة العربية الرقمية". ويمكن القول أن هذا المؤتمر قد يكون النسخة الشرق أوسطية من ملتقى re:publika الرقمي والخاص بالإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي في ألمانيا. وسيناقش مؤتمر (Rakameya) الذي سينطلق من 15 إلى 17 يونيو / حزيران الحالي، القضايا المتعلقة بالتنوع وحماية البيانات والحرية الرقمية والأخبار المزيفة ومشاركة المواطنين ومكافحة الفساد وغيرها من قضايا. وفي ذلك، توضح بسنت "كل شيء سيكون عبر الانترنت وليس هذا فقط بسبب الوباء وإنما لان هذا يسمح لنا بحماية المتحدثين والمشاركين. إننا ندرك جيدا أن القضايا لها حساسية خاصة في بعض البلدان".
ومنذ قدومها إلى ألمانيا، أثار اعجابها مزايا العيش في بلد عضو في الاتحاد الأوروبي ولذا يراودها حلم في إنشاء نسخة عربية من هذا التكتل الأوروبي.
ورغم الدعم وحماسها وتوافر الكثير من الحظ، إلأ أن مجال التواصل مع رائدات الأعمال عربيا لا يزال مهمة شاقة وأن الامور قد تسير على عكس ما تحلم به بسنت.
الأمومة أو العمل
وفقا لأحدث بيانات البنك الدولي، فإن النساء والفتيات يشكلهن فقط 20 بالمائة من القوى العاملة في مصر. وفي ذلك، تقول بسنت إن "المرأة العربية دائما نشطة في الاقتصاد لكن العقبة الرئيسية تأتي مع الزواج وتنظيم الاسرة".
ويُنظر إلى رعاية الأطفال والعمل باعتبارهما يتعارضان مع بعضهما البعض. ففي مصر لا تزال العقبة الرئيسية أما المرأة تتمثل في ثلاثة أشياء هي الأسرة والعمل والأقارب. وقد أشار إلى ذلك تقرير للجامعة الأمريكية في مصر ذكر أن هناك أكثر من 12 ألف دور رعاية للطفل في مصر الذي يتجاوز تعداد سكانها 100 مليون نسمة. ومع ذلك، فان النقطة الإيجابية في مصر تتمثل في "استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030" وهي خطة تنموية سياسية تأخذ في الاعتبار تمكين المرأة المصرية كأحد الأهداف الرئيسية.
وبالنسبة لبسنت حلمي، فلم يمثل ميلاد طفلتها في 2008 أي سبب لإنهاء عملها وتقول "أحذت أنا وزوجي أجازة أسرة من أجل رعاية طفلتنا".
طريق طويل
وبابتسامة تعلو وجهها، تقول بسنت إنها تستغرب عندما يسألها البعض في مصر وألمانيا عن أهمية إنشاء جمعيات للربط بين سيدات الأعمال، مضيفة "هذا السؤال دائما ما يطرحه الرجال". ومع ذلك، فإن بسنت تؤكد أن الإجابة على هذا السؤال باتت واضحة، مضيفة أن مثل هذه الجميعة ضرورية جدا للربط والتنسيق بين سيدات الأعمال وهذا سيكون أمرا فعالا في معالجة المشاكل الرئيسية التي تعوق إنشاء السيدات شركات في العالم العربي.
وتقول بسنت إنه " في مصر لا تزال الاموال (اللازمة لفتح شركات أو أعمال تجارية) تأتي من العائلة أو الأصدقاء والقليل يكون مصدره البنوك." ويعد السبب الرئيسي في هذا العلاقة المتضاربة مع البنوك المؤسيسة. وفقا للأرقام البنك الدولي، فإن أقل من 40 بالمائة من المصريين الذين تزيد أعمارهم عن 15 عاما يمتلكون حسابات بنكية وهو بنسبة أقل بـ 20 بالمائة من المتوسط العالمي.
وتوجد في مصر برامج ترمي إلى تمكين النساء في إنشاء شركات وأعمال تجارية لكن عددها قليل جدا، على الرغم من وجود كم كبير من سيدات في مناصب تنفيذية في القطاع المصرفي المصري مع ازدهار مجال تكنولوجيال المال.
الاهتمام بالنساء العربيات في ألمانيا
ومن شان مشاريع الربط الشبكية القادمة أن تأخذ بسنت حلمي إلى مجال جديد لكنه معروف بشكل جيد. وتقول بسنت "أود البدء في استغلال دوائر الاتصال الخاصة بي في إنشاء مشاريع للسيدات المهاجرات ممن يتحدثن اللغة العربية في ألمانيا". وفي تحقيق هذا الهدف، تسعى بسنت إلى العمل والتعاون مع سيدات من الشرق الأوسط يعيشن في ألمانيا لجيل أو أكثر. وهذا الأمر يعيدها إلى خبرتها الممتدة لعشرين عاما. وتقول بسنت "حتى الآن، فإن كافة مشاريع الربط الرقمي التي قمت بها كانت في الخارج، والآن فقد حان الوقت لدعم النساء العربيات في ألمانيا أيضا".
جينيفر هوليس / م ع/ع.ج.م