برنامج خاص لحماية اللاجئات والأطفال من التحرش والعنف
٧ فبراير ٢٠١٦كل ما تتمناه عفراء لها ولأسرتها هو "بعض الخصوصية"، فالمعلمة الشابة جاءت مع زوجها وأبنائها الثلاثة من حلب منذ نحو شهرين، وهي تقيم الآن في أحد المخيمات في مدينة كولونيا الألمانية. "رحلتنا كانت جيدة وكل الظروف هنا جيدة، إلا أنني أفتقد للخصوصية". رغم أن هذا المخيم يتميز عن غيرة بخيم مخصصة للنساء وأخرى للرجال، إلا أن الحمامات تقع في مكان مفتوح، ما يجعلها تتعرض لمضايقات، وهي تخشى أن تتعرض ابنتها ذات التسعة أعوام لتحرش إذا ما احتاجت الذهاب وحدها إلى الحمام، لذلك فهي ترافقها دائماً. ترى عفراء أن الفصل بين النساء والرجال في غرف النوم أمر ضروريا، لكنها تتمنى أن يكون هناك غرف خاصة بالأسر، فهي مضطرة الآن أن تكون وحدها مع الأطفال الثلاثة.
وتشكو منى، التي تقيم في إحدى الصالات الرياضية التي تحولت لمركز استقبال لاجئين من الوضع، قائلة: "كما ترين، فأنا أرتدي الحجاب، وديننا وعاداتنا تجعل هذا الاختلاط المستمر أمراً غير مريح، فأنا لا أستطيع النوم براحة ولا حتى الجلوس براحة". أما خديجة، فترى أن "المرأة هي المسئولة إذا ما تعرضت لاعتداء"، فهي تعتقد أن المرأة عليها أن "تعطي رسالة واضحة " لمن أمامها، وأنها في هذه الحالة تبقى بمنأى عن أي تحرش.
تؤكد كثير من المنظمات القائمة على مراكز اللجوء، أن عدداً من النساء والفتيات يتعرضن لتحرش من قبل لاجئين مقيمين معهن في المركز، لكنه أمر يصعب الحديث عنه لدى كثير من النساء، لذلك فمن الصعب التعرف على الحجم الحقيقي للمشكلة. المشكلات التي يتعرض لها الأطفال والنساء زادت بشكل واضح بسبب ازدياد عدد النساء والأطفال الذين يسافرون على طريق البلقان، وفقاً لتصريح صندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف). وقالت ماري بيير بوارييه، منسقة اليونيسف لأزمة اللاجئين في أوروبا: "يجب تعزيز أنظمة الرعاية الاجتماعية والحماية والصحة في كل خطوة من الطريق حتى لا يقع الأطفال والنساء عرضة للاستغلال..". كما صرح متحدث باسم اليونيسيف في جنيف بأن الأطفال والنساء يشكلون الآن ما يقرب من 60 بالمئة من اللاجئين والمهاجرين الذين يعبرون الحدود من اليونان إلى مقدونيا. وأضاف أن من بين الأشخاص الذين يحاولون الوصول إلى أوروبا عن طريق القوارب، 36 بالمئة منهم على الأقل في الوقت الراهن من الأطفال.
أطفال يتعرضون للضرب لأنهم "يلعبون"
والتحرش الجنسي ليس هو المشكلة الوحيدة التي يواجهها اللاجئون، فالعنف، ضد الأطفال خاصة، أمر منتشر بشكل كبير. حسين، الطفل الفلسطيني البالغ من العمر تسع سنوات والمقيم مع والدته وأخويه في أحد مراكز استقبال اللاجئين، يؤكد أنه تعرض أكثر من مرة لاعتداءات من بعض اللاجئين. "بعض اللاجئين يقومون بضربنا دون سبب".
يعاني فادي (٨ سنوات)، والمقيم في مركز يقع بين كولونيا وبون، من المشكلة نفسها. ويروي كيف تعرض هو وأطفال آخرون أكثر من مرة للضرب من قبل أحد طالبي اللجوء، واضطر والده للجوء للشرطة أكثر من مرة.
هذا العنف هو ما تريد وزيرة الأسرة الألمانية مانويلا شفايسيغ تجنبه، فهي ترى "أن فرار الأطفال والنساء اللاجئين من الحروب والقمع والإرهاب يجعل من أي حالة تعدٍ واحدة عليهن بالعنف أو الاغتصاب، ومن أي حالة اعتداء جنسي على الأطفال، شيئا كثيرا جدا".
لذلك فقد أطلقت شفايسغ مشروعاً لحماية اللاجئين بالتعاون مع منظمة اليونيسف، وفي هذا السياق يقول مدير يونيسف في ألمانيا كريستيان شنايدر، إن هناك تفاوتاً كبيراً بين أماكن استقبال اللاجئين، ويضيف: "من وجهة نظر اليونيسف، لا يجب أن تتحكم الصدفة فيما إذا كان الطفل اللاجئ سيجد الحماية والعناية الكافية في المكان الذي يقيم فيه في ألمانيا". يرى شنايدر أيضاً، أن عدة أماكن إيواء تفتقد لأماكن خاصة للأطفال، مضيفا: "الشهور التي يقضيها الطفل بدون خصوصية هي وقت لا نهائي بالنسبة له". كما انتقد بقاء الأطفال لشهور دون التمكن من التعلم والالتحاق بالمدارس معتبراً أن كل يوم لا يتعلم فيه الطفل شيئاً هو يوم ضائع من حياته. وهو ما يعاني منه حسين، الذي كان تلميذا متفوقاً ويقول: "أسأل والدتي يومياً متى سأذهب إلى المدرسة، ولم أعد أصدق أن هذا سيحدث".
ويسعى البرنامج الذي تطلقه الوزارة بالتعاون مع اليونيسف لتوفير أماكن خاصة بسكن النساء ومرافق صحية خاصة وتوفير سكن مستقل للأمهات والأطفال. وتريد اليونيسف توفير المساعدة والتدريب اللازم للقائمين على مخيمات اللاجئين على كيفية حماية الأطفال والنساء. وإن كان موقع دير شبيغل قد حذر من "فشل البرنامج"، إذ إن الميزانية المطلوبة والتي قدرت بمئتي مليون يورو، لم تكن جزءاً من حزمة اللجوء الجديدة التي اتفقت عليها الحكومة الألمانية. ونقلت دير شبيغل عن مفوض الحكومة الألمانية يوهانس فيلهلم روريغ قوله، إن حالات الإساءة تعد "إهمالاً جسيماً". مضيفاً، أن هناك حالات اعتداءات جنسية حدثت ضد أطفال: "ولا يمكن أن يكون الأمر في ألمانيا أن طفلاً لا يساوي طفلاً آخر".