برلين تنافس روما سياحياً وباريس ثقافياً
٢٤ يناير ٢٠١٤الحضور كثيف على المسارح ودور الأوبرا في برلين لدرجة أن تذاكر الدخول في كثير منها أصبحت تباع بسرعة. ولا يجد المتأخرون تذاكر متبقية يشترونها إلا من حالفه الحظ منهم على طاولة بيع التذاكر في المساء قبيل البدء بالفعاليات الثقافية.
عام 2013 حطم رقما قياسيا في عدد الحاضرين إلى الفعاليات الثقافية والمهتمين بها في برلين. فقد أعلنت دار الأوبرا (دي دويتشه أوبار) ارتفاع نسبة الاستفادة من خدماتها إلى 82 في المئة عام 2013، أي بزيادة ثلاثة في المئة عن العام الذي سبقه 2012. كما كشفت دار الأوبرا شتاتسباليه عن بلوغ درجة الاستفادة من عروضها الثقافية 86.4 في المئة في العام ذاته، أي بزيادة حوالي خمسة في المئة عن العام السابق.
وفي حين ازداد عدد مشاهدي عروض دار الأوبرا (دي كوميشه أوبار) بنسبة كبيرة بلغت 10 في المئة، بلغ عدد الحاضرين في دار العرض الموسيقي المسرحي فريدريش شتات بالاست في المتوسط 1725 شخصا بنسبة استفادة جديرة بالاهتمام وصلت إلى 91 في المئة من خدمات هذه الدار الثقافية. وهي أرقام تظهر رقما قياسيا في تاريخ دور الثقافة في العاصمة الألمانية برلين.
نوعية ثقافية متميزة
وكذلك جذب مسرح بيرشت برلينار أنسومبل أعدادا غفيرة من الحاضرين، في عام كان أشبه بحلم للفعاليات الثقافية في برلين. الإحصائيات تتحدث عن نجاح الثقافة في برلين وازدهارها، لكنها لا تفشي لنا عن أسباب ذلك. فماذا يقف وراء ذلك، يا ترى؟
وهنا ثمة احتمالان: فإما أن الفعاليات الثقافية في برلين أصبحت أكثر جاذبية من ذي قبل أو أن اهتمام الناس بالمسرح والأوبرا والمعارض في برلين أصبح أكبر وميلهم وحنينهم إلى الثقافة قد شهدا تنامياً غير معهود. وفي الواقع تقدم برلين نوعية ثقافية متميزة ذات مستوى عالمي بتنوع واسع النطاق، يجد فيه كل شخص ذوقه الخاص. فكل دار عرض ثقافية لها خصائصها التي تجذب بها زوارها.
جذب سياحي وثقافي
دار الأوبرا دي كوميشه أوبار تتمتع بعروضها المسلية الذكية ذات الطابع السياسي، الذي يعيد اكتشاف تاريخ برلين، وخاصة ما حدث في الربع الثاني من القرن العشرين: وهي ثقافة العداء لليهود الذين اضطهدهم النازيون. وهذه الأعمال تمثل اتجاها ثقافيا استراتيجيا جديدا يقود المشاهدين عبر التاريخ. ومن خلالها استحقت دار الأوبرا دي كوميشه أوبار بحق وعن جدارة لقب "دار الأوبرا المتميزة لعام 2013".
وكذلك دار الأوبرا شتاتس أوبار استقطبت الكثير من الحضور بعرضها نجوم شهيرين مثل المتألقة آنه نيتريبكو والنجم المخضرم بلاسيدو دومينغو الذي لا يزال يتمتع بحضوره المُقنِع للجمهور رغم تقدمه في السن. وأيضاً دار الأوبرا دي دويتشه أوبار بمشروعها الشبابي الذي يتمتع بذوقه الثقافي الراسخ الذي لا يخلو من الطابع الاستفزازي. وكلها إجمالا فعاليات قلما يندم المرء على حضورها. لكن ثمة حقيقة أخرى وهي أن أعداد زوار مدينة برلين تزداد أكثر فأكثر والسياح يبحثون بالطبع عن فعاليات ثقافية وترفيهية. وها هي العاصمة الألمانية أضحت تنافس روما في اجتذاب السياح وتزاحم باريس في نشاطاتها الثقافية.