برلين تدرس إعادة تقييم مشاركة الجيش الألماني في أفغانستان
٩ يناير ٢٠١٠منذ سنوات والجنود الألمان يشتبكون مع مقاتلي طالبان ويبذلون جهوداً متزايدة من أجل توفير الحماية اللازمة لأرواحهم وتأمين معسكرهم في منطقة انتشار القوات الألمانية شمال أفغانستان. ويرى الجنود أنفسهم في حالة حرب حتى وإن كانت الحرب من الناحية القانونية بين الدول فقط وليست بين حكومة مثل حكومة كابول والقوات الأجنبية من جهة، والمتمردين من جهة أخرى.
ومن المحتمل أن يكون الوصف الرسمي الذي ستعتمده حكومة المستشارة الألمانية، أنجيلا ميركل، خلال التقييم الجديد للمشاركة الألمانية في أفغانستان هو أن ما يحدث في أفغانستان "صراع مسلح غير دولي". وهذا هو ما خرج به الاجتماع المغلق للحزب المسيحي الاجتماعي، شريك المستشارة ميركل داخل الائتلاف المسيحي الديمقراطي، يوم أمس الجمعة في مدينة فيلباد كرويت بولاية بافاريا جنوب ألمانيا. وانتهى أعضاء الحزب إلى أنه من حق الجنود الألمان في أفغانستان أن يعتبروا أنفسهم يخوضون حرباً. وأبدى وزير الدفاع الألماني كارل تيودور تسو غوتنبرغ، العضو بالحزب، تفهمه لذلك كما فعل من قبل في مناسبات أخرى.
تبعات قانونية للتقييم الجديد
وسيكون لهذا التقييم الجديد تبعاته القانونية في حالة اعتمدته الحكومة الألمانية رسمياً لأن اعتبار ما يجري في أفغانستان حرباً سيستلزم تطبيق لوائح تسمح بمهاجمة أهداف عسكرية وقتل محاربي العدو الذين هم في هذه الحالة مقاتلو طالبان. وفي هذا السياق أكدت غارة قندز التي شنتها القوات الألمانية في الرابع من سبتمبر/ أيلول الماضي وأودت بحياة الكثيرين وفق تقارير رسمية أن مهاجمة الأهداف العسكرية للعدو وقتل مقاتليه أمر وارد الحدوث ضمن مهام الجيش الألماني في أفغانستان؛ إذ إن الغارة تمت بأمر من عقيد ألماني أراد من خلالها درء خطر عن قواته وتصفية قيادات طالبان بشكل مستهدف.
نقطة تحول
يبدو إذن أن مهمة الجيش الألماني على مشارف تحول وأن غارة قندز ستوضح للرأي العام أكثر من أي عمل عسكري آخر في تاريخ الجيش أن القوات الألمانية في أفغانستان تحولت إلى "جيش فاعل". عن ذلك التحول قال فولفغانغ إيشنغر، رئيس مؤتمر ميونيخ الأمني والسفير السابق: "علينا أن نتحدث عن القتل، فقد تدرب الجنود على أن يقتلوا الغير وقت الضرورة أو على الأقل تهديدهم بشكل يجعلهم يظنون أنهم سيقتلون إذا لم ينفذوا ما يطلب منهم. إذا كنا لا نحتاج ذلك فعلينا أن نرسل الشرطة ومؤسسات الإعمار المدني لأفغانستان بدلا من الجيش".
وهذا هو بالضبط ما ستناقشه الحكومة خلال المؤتمر الدولي لأفغانستان المقرر عقده في لندن في الثامن والعشرين من يناير/ كانون الثاني الجاري. وتأمل الولايات المتحدة في أن تزيد الدول الأعضاء بحلف شمال الأطلسي "ناتو" من حصتها من الجنود في أفغانستان في ضوء التعزيزات الكبيرة لقواتها هناك. وتهدف الولايات المتحدة من وراء إستراتيجية تعزيز القوات بشكل هائل إلى سرعة القضاء على طالبان حتى تستطيع التعجيل بانسحاب القوات الدولية من أفغانستان.
جدل حول زيادة القوات الألمانية
وهناك من يقول إن الولايات المتحدة تريد من ألمانيا زيادة قواتها في أفغانستان بواقع 2500 جندي إضافي، غير أن الحد الأقصى الذي يسمح به التفويض الذي منحه البرلمان الألماني للجيش في أفغانستان لا يتجاوز 4500 جندي. ويتجنب غوتنبرغ - الذي يحظى بثناء الكثيرين لحرصه على مصارحة الرأي العام - الرد منذ أسابيع على أسئلة بشأن خطط الجيش الألماني الخاصة بأفغانستان. ولم يفلح الصحفيون إلا في انتزاع تصريح منه بأنه يرى أن العدد الذي تطالب به الولايات المتحدة ليس واقعياً، وأنه لن يتطرق للعدد الذي تستطيع ألمانيا إرساله من جنودها إلى أفغانستان، إلا بعد مؤتمر لندن.
كما أن هناك من يتوقع في البرلمان الألماني "بوندستاغ" بأن وزارة الدفاع الألمانية تدرس إرسال 1000 إلى 1500 جندي إضافي لأفغانستان. غير أن وزير الخارجية الألماني الجديد، غيدو فيسترفيله، يصر على زيادة واضحة في أعداد الشرطة الألمانية بأفغانستان. يذكر أن الجيش الألماني تولى على مدى سنوات تدريب الشرطة الأفغانية بوصف ذلك مهمة أساسية للمشاركة الألمانية في أفغانستان. ومن المنتظر أن ترسل الولايات المتحدة 2500 جندي في منطقة انتشار الجنود الألمان بشمال أفغانستان للمشاركة في تدريب قوات الأمن الأفغانية.
(س ج / د ب أ)
مراجعة: هشام العدم