بايرن ودورتموند: مواجهة أوروبية الفائز فيها الكرة الألمانية
٢٣ مايو ٢٠١٣تٌعتبر مباراة نهائي دوري أبطال أوروبا التي ستجمع بين فريقي بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند (السبت 25 أيار/مايو)، على ملعب ويمبلي في لندن، حدثاً كروياً تاريخياً بكل المقاييس بالنسبة لكرة القدم الألمانية. فهذه هي المرة الأولى التي يتنافس فيها فريقان ألمانيان على إحراز لقب أفضل مسابقة كروية أوروبية للأندية.
وسبق أن عرفت المباراة النهائية لدوري أبطال أوروبا تنافس ناديين من نفس البلد على إحراز اللقب في ثلاث مناسبات سابقة فقط. كانت أولها في نهائي عام 2000 الذي جرى على ملعب فرنسا في باريس، عندما التقى ريال مدريد مع مواطنه فالينسيا في نهائي إسباني خالص. وكانت المناسبة الثانية بعد ذلك بثلاثة أعوام على ملعب أولترافورد في مانشستر الذي شهد مواجهة إيطالية ساخنة بين أسي ميلان ويوفنتوس. بينما جاءت آخر مباراة بطعم محلي في نهائي دوري الأبطال بنكهة إنكليزية، وجمعت بين مانشيستر يونايتد وغريمه تشيلسي على ملعب موسكو الأولمبي عام 2008.
بداية تحول في الخارطة الكروية الأوروبية
والآن جاء دور الكرة الألمانية ممثلةً في نادي بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند لتحظى بشرف لعب نهائي ألماني بطابع أوروبي. ويرى حفيظ دراجي، الإعلامي الجزائري والمعلق الرياضي في قناة الجزيرة الرياضية، أن لهذا النهائي الألماني الخالص دلالات معينة لخصها في "تفوق الكرة الألمانية وتلاشي السيطرة المطلقة للأندية الإسبانية أو الإنكليزية أو الإيطالية" في مسابقة دوري الأبطال الأوروبية.
ولم يُخف حفيظ دراجي إعجابه بمستوى بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند، متنبئاً ببداية تحول في الخارطة الكروية الأوروبية. وقال دراجي في حوار مع DW: "الوصول إلى الدور النهائي بهذه الطريقة أمام فريقين إسبانيين هما ريال مدريد وبرشلونة، والظهور بهذا المستوى الراقي أمامهما، أعتقد أنه يشكل بداية تحول في الخارطة الكروية الأوروبية". وقد يكون هذا ربما هو ما ألمح إليه نجم الكرة الإنكليزية السابق غاري لينكر في إحدى "تغريداته" على موقع تويتر، عندما كتب تعليقاً يقول فيه: "نحن نشهد بداية نهاية حقبة برشلونة ونهاية بداية حقبة بايرن ميونيخ".
إعادة كتابة تاريخ كرة القدم الألمانية
ومن جهته، اعتبر الصحفي الرياضي اللبناني يوسف برجاوي أن وصول فريقين ألمانيين إلى نهائي دوري أبطال أوروبا "بمثابة إعادة كتابة تاريخ الكرة الألمانية". وقال برجاوي في حوار مع DW: "إن الكرة الألمانية تستحق العودة إلى الواجهة واستعادة أمجاد الماضي". بينما اعتبر الصحفي الرياضي المغربي جمال اسطيفي، رئيس القسم الرياضي لجريدة المساء المغربية، أن وصول الغريمين بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند للدور النهائي لدوري الأبطال "إنصاف للكرة الألمانية بعد العمل الجاد الذي قام به المسؤولون عن الكرة في هذا البلد لرد الاعتبار لكرة القدم الألمانية بعد الانتكاسة الكروية التي عرفتها ألمانيا بعد الخروج المخيب للآمال للمنتخب الألماني من منافسات كأس الأمم الأوروبية عام 2004 في البرتغال".
وقال اسطيفي متحدثاً إلى DW: "إن وصول ناديين ألمانيين إلى نهائي دوري الأبطال قد يكون فاجأ الكثير من عشاق كرة القدم في الوطن العربي، باعتبار أن الدوري الألماني لا يحظى بنفس المتابعة التي يحظى بها الدوري الإسباني أو الإنكليزي مثلاً". وبذلك "غفل الكثير من متتبعي كرة القدم عن تطور المستوى الفني للأندية الألمانية، التي تضم في صفوفها عددا قليلا من اللاعبين الأجانب مقارنة مع الأندية الأوروبية الأخرى، ومنها بوروسيا دورتموند الذي كان على شفا الانهيار عام 2005 بسبب المشاكل المالية التي كان يعاني منها النادي آنذاك"، يتابع الصحفي الرياضي المغربي. وهذا التطور الفني في الآداء بالذات هو ما سينعكس إيجاباً على أداء المنتخب الألماني، الذي يراه الصحفي اللبناني يوسف برجاوي "مرشحاً فوق العادة" للفوزر بكأس العالم التي ستقام الصيف المقبل في البرازيل.
فصل جديد من فصول الندية والمنافسة
وستكون مواجهة ويمبلي فصلا جديدا من فصول الندية والمنافسة الشرسة التي ميزت مباريات بايرن ميونيخ وبوروسيا دورتموند في الدوري الألماني خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فبعد أن حرم بوروسيا دورتموند بايرن ميونيخ من التتويج بلقب الدوري الألماني لموسمين متتابعين، عاد العملاق البافاري ليضرب بقوة في بطولة دوري هذا الموسم، ليحسم في أمر التتويج بفارق 25 نقطة عن مطارده المباشر بوروسيا دورتموند، الذي عجز بايرن ميونيخ رغم ذلك عن الفوز عليه في مباراة الذهاب والإياب في دوري هذا الموسم. حيث انتهت المباراتان بالتعادل الإيجابي (1/1).
ويتوقع حفيظ دراجي، الذي يرى أن كفة الفوز تميل نظرياً لفريق بايرن ميونيخ، أن يسود هذا اللقاء "نفس التنافس والإصرار والبراعة الفنية" التي ميزت مباريات الفريقين في مباريات الدوري والكأس الألمانيين، معتبراً أن هذا النهائي سيكون "درساً كرويا سيلقنه الألمان للأوروبيين". ومن جانبه يرجح الصحفي اللبناني يوسف برجاوي كفة الفريق البافاري لحسم نتيجة المباراة لصالحه، وبالتالي الفوز بالكأس القارية التي استعصت عليه في نهائي العام الماضي، بعدما خسر أمام تشيلسي الإنكليزي على أرضه وأمام جمهوره.
ويقول برجاوي "إن بايرن ميونيخ أكثر عزماً وإصراراً للفوز بهذا اللقب لأنه لا يريد أن يعيش نفس تفاصيل النهاية المحزنة" التي فرضها ديديي دروغبا وزملاءه على رجال يوب هاينكس. وذهب جمال اسطيفي في نفس الاتجاه، حيث أكد أن يوب هاينكس، مدرب فريق بايرن ميونيخ "يسعى إلى إنهاء مساره المتميز مع العملاق البافاري بإحراز اللقب الأوروبي". لكن اسطيفي تدارك قائلاً: " إن دورتموند سيدافع هو الآخر عن حظوظه في التتويج"، مضيفا أن "المباريات النهائية غالباً ما تحسمها تفاصيل وجزئيات صغيرة إلى جانب الحضور الذهني والبدني للاعبين".
وكيفما كانت نتيجة المباراة، وبغض النظر عمن سيظفر بالكأس الغالية التي سبق وأن فاز بها بايرن ميونيخ أربع مرات (1975،1974 ،1976 ،2001) وبوروسيا دورتموند مرة واحدة (1997)، فإن الفائز الأكبر هو سمعة كرة القدم الألمانية التي ارتفعت أسهمها بعد الأداء المميز الذي بصم عليه بايرن ميونيخ وأيضا غريمه بوروسيا دورتموند طيلة أطوار المنافسة الأوروبية.