Konservativ an der Spitze des Fortschritts
١١ يونيو ٢٠٠٨تعد ولاية بافاريا من أكبر الولايات الألمانية حيث تبلغ مساحتها حوالي 70 ألف كيلومتر مربع وتقع في جنوب ألمانيا، وتمثل الولاية نموذجا فريدا في الجمع بين الحداثة والتراث حيث أنها تجمع بين التكنولوجيا الحديثة وتحتفظ في الوقت نفسه بالتقاليد القديمة، وحياة كلا من "برنارد موم" و"أنتون كرايتمار" أفضل دليل على ذلك.
فالأول لا يجيد التحدث باللهجة البافارية بصورة كبيرة ويعمل مديرا لشركة الالكترونيات "توم تك" في مقرها بمدينة "ميونيخ"، والثاني مزارع يعيش في قرية "كلينبرغهوفن" الواقعة شمال غرب مدينة "داشو" التي تقع بدورها في شمال غرب "ميونيخ"، ويعرف القليل جدا عن اللغة الألمانية الفصحى.
ويجسد "برنارد" وزملائه البالغ عددهم 130 موظفا في شركة "توم تك" اتجاه الحداثة في بافاريا، وهم بذلك يتناسبون مع ذوق الحكومة بالولاية التي تشجع التكنولوجيا والإبداع، وتسعى إلى الابتعاد عن الصورة التقليدية للمزارع البافاري الفقير.
تحول اقتصادي
وترجع أول بداية بارزة لدخول التكنولوجيا الحديثة إلي بافاريا إلي عام 1953 عندما انتقلت شركة "سيمنس للالكترونيات" من برلين إلي بافاريا حيث كانت تلك الخطوة بمثابة الدواء لروح ولاية بافاريا التي كانت تحتاج لشيء غير تقليدي تستند إليه في المنافسة مع بروسيا في ذلك الوقت.
وتعد هذه الخطوة هي بداية دخول بافاريا للعالم التكنولوجي الجديد بإنشاء الآلاف من الشركات والمشروعات في مجال تكنولوجيا المعلومات والتكنولوجيا الحيوية، والتي لا توجد الآن فقط في مدينة "ميونيخ" بل امتدت عبر مدن أخري مثل "إيرلانجن"، "نورنبرغ" و"فورتسبورغ".
اختلاف على السياسة واتفاق على التقاليد
أما "أنتون كرايتمار" فيجسد التقاليد العريقة، حيث يعيش في القرية عكس "برنارد موم" الذي يعيش بالمدينة، ويمتلك 160 هكتار من إجمالي مساحة الأرض الزراعية في بافاريا والتي تصل إلي 3,5 مليون هكتار، بجانب امتلاكه موقع للغاز الحيوي و700 من الدواجن ومحل للمنتجات الزراعية.
ويسيطر على السلطة في ولاية بافاريا الحزب الاجتماعي المسيحي منذ أكثر من 50 عاما حيث أن القرى بالولاية مازالت تدعم هذا الحزب المحافظ وتضمن نجاحه بمجمل الأصوات الانتخابية على عكس الأصوات القليلة في مدن الولاية للديمقراطيين الاشتراكيين.
وبرغم هذا الاختلاف في المزاج السياسي بين من يعيشون بالقرى وغيرهم من الذين يعيشون في المدن بولاية بافاريا، إلا أن هناك اتفاق بين "برنارد" و"أنتون" أي بين من يعيشون في المدن وغيرهم في القرى على الاحتفاظ بالتقاليد حيث يخرج الجميع في بافاريا للاحتفال بمهرجان أكتوبر الذي يقام سنويا منذ عام 1811 ويعد من أكبر المهرجانات الشعبية بالعالم ويتم الاحتفال فيه بتناول الجعة.
ولاية بافاريا موطن جذب للسياح
ويخرج الناس للاحتفال مرتدين السراويل الجلدية لما لها من مكانة تميز البافاريين عن سكان الولايات الألمانية الأخرى في مجال الملابس الفلكلورية. وتُصنع هذه السراويل من جلد الأيل والوعل، ويتم توارثها من جيل إلى آخر بعد أن تتم العناية بها من خلال دهنها بالزيت الذي يجعل ملبسها مريحاً.
وتعد بافاريا هي المكان المميز للاحتفال بهذا المهرجان حيث يسافر معظم الألمان إليها، وذلك لما تتضمنه أيضا من طبيعة خلابة ومعالم شهيرة حيث يوجد بها "هوفبريوهاوس" أشهر مصنع للجعة في بافاريا، "بحيرة الشيمزيه" أكبر بحيرات بافاريا وقصر "نويشفان شتاين".
ويؤكد كلا من "برنارد" و"أنتون" على هذه التقاليد القديمة التي لا يستطيعون التخلي عنها حتى في هذا العصر الالكتروني. ويقول "أنتون" أنه لا يستطيع تخيل حياته بدون مزرعته وبدون الجلوس مع أصدقائه لاحتساء البيرة.
كما يؤكد "برنارد" الذي يعمل دائما على الكمبيوتر المحمول أنه لا يقوي على الابتعاد عن بافاريا برغم أنه يحمل في حقيبته تأشيرة سفر الولايات المتحدة الأمريكية حيث يوجد هناك في شيكاغو الفرع الرئيسي لشركة "توم تك"، ولكنه لا يستطيع ترك الجلسات مع أصدقائه لاحتساء البيرة والتخلي عن الذهاب للقرى ومشاهدة الجبال والبحيرات.