بافاريا الألمانية مركز متميز لجذب الاستثمارات الخليجية
٢٣ سبتمبر ٢٠١٢لم تعد السياحة وحدها هي مجال الاهتمام الوحيد لأثرياء العرب من منطقة الخليج، إذ أصبح الاستثمار الخليجي سواء في الأعمال التجارية أو المشاريع الصناعية الكبرى حقيقة ملموسة في ميونيخ وكامل ولاية بافاريا.
فالعوامل التي جعلت مدينة ميونيخ تكتسب إعجاب الزوار العرب من منطقة الخليج تعود إلي نهاية الثمانينات وبداية التسعينات من القرن الماضي، عندما بدأ العرب يديرون ظهرهم للندن البريطانية التي ظلت مدينتهم المفضلة لسنوات عديدة ،ومركزهم الأول للاستجمام والتبضع. لكن الوضع تغير بعد وقوعهم ضحايا لعمليات احتيال ونصب كثيرة كانت تستهدف أموالهم، فوجدوا عندئذ ضالتهم المنشودة في ميونيخ الخلابة والهادئة. وقد ارتاح العرب كثيراً لأسلوب تعاملات الألمان في مراكز تبضع المدينة حيث تسود الصراحة والشفافية وتقديم خدمات دقيقة ذات جودة عالية تشمل اللغة العربية وأماكن لإقامة الصلاة في المتاجر الكبري. وتسهر السلطات المسؤولة في المدينة على توفير راحة زبائنها العرب واحترام عاداتهم . ووفق محمد الرميثي قنصل دولة الإمارات السابق في ميونيخ " فإن التعاون المستمر بين بافاريا ودولة الإمارات شجع الحكومة البافارية علي افتتاح مكتب تمثيل دائم لها في أبو ظبي، مهمته القيام بتنسيق الأعمال التجارية والاقتصادية بين الدولة والولاية"، هذا إضافة إلي السفارة والقنصلية الألمانيتين في دبي. ويؤكد الرميثي أن هذه القرارات ترجمة علي أرض الواقع لمتانة العلاقات التجارية مع دول الخليج.
نمو العلاقات التجارية بين بافاريا والخليج العربي
لقد بات معروفا أن ولاية بافاريا تُولي أهميةً خاصةً في مجال التعاون وجذب استثمارات الخليجيين، فدول مجلس التعاون الخليجي تمثل رابع أكبر سوق لألمانيا في الخارج، وفي هذا الإطار تنفرد ولاية بافاريا بالنصيب الأكبر بين الولايات الألمانية في الشراكة مع هذه الدول، خاصة دولة الإمارات العربية المتحدة التي يصل حجم وارداتها السنوية من ألمانيا إلى ما قيمته 6.1 مليار يورو، أغلبها عبارة عن آلات وسيارات تنتجها كبريات الشركات الألمانية التي تقع معظمها في ولاية بافاريا .
كما تسجل الاستثمارات السياحية لأغراض العلاج هي الأخري نموا في الولاية، إذ يقول قنصل دولة الإمارات السابق في ميونيخ، محمد الرميثي "إن الإمارات تضخ قرابة 100 مليون يورو في خزينة الولاية مقابل علاج ثلاثة آلاف مواطن سنويا في مستشفيات الولاية، من ناحية أخرى فإن مشاريع عدة في مجال السياحة العلاجية قد تم إطلاقها خصيصا لعلاج العرب، أغلبها يقع في منتجعي "باد أندورف " و "باد فيزا " وأماكن عدة للاستشفاء تقع في مراكز الينابيع الطبيعية في منطقة جبال الألب البافارية.
لا حواجز أمام المستثمرين العرب
ليست هناك حواجز أمام جذب الاستثمارات الفردية من الخارج إلي بافاريا، ومنها الاستثمارات العربية، بل ثمة تسهيلات جمة تطرحها ولاية بافاريا في هذا المجال. فعدد الذين أقاموا مشاريع تجارية خلال السنوات القليلة الماضية بلغ حوالي 12.398 هم أجانب، وأغلبهم من دول الاتحاد الأوروبي، وهي نسبة عالية مقارنة بنسبة 92.281 من الألمان الذين استثمروا في الولاية .
أغلب المشاريع العربية الفردية في هذا المجال هي مشاريع تقع في مجال الخدمات التي تتوافق مع ازدياد نسبة السياح العرب الوافدين إلي المدينة، وتنحصر أغلبها في إطار الخدمات الفندقية،و المطاعم، والرعاية الصحية، ووكالات تأجير السيارات، وتأجير العقارات السكنية وبيعها.
مشاريع ضخمة في مجال الطاقة الشمسية
أحد أكبر المشاريع الاستثمارية الخليجية يعود لشركة "مصدر" لإنتاج الخلايا الكهروضوئية، وهو استثمار إماراتي عملاق تأسس في عام 2009 برأس مال إماراتي خالص يصل إلي 200 مليون يورو، وهذا وفق ما صرحت به ألكسندرا إنغلير، المتحدثة الإعلامية لشركة مصدر حين قالت إن "الشركة هي رائدة وستصدر منتجاتها إلي كل دول العالم. في هذا السياق تعول حكومة الإمارات علي إنجاز عدة مشاريع عملاقة جديدة في مجال الطاقة المتجددة وصناعة البتر وكيماويات والإلكترونيات .
لم تكن قطر هي الأخرى بعيدة عن مجال الشراكة والاستثمار. فشركة "سولار وورلد" أكبر شركة ألمانية عاملة في مجال الطاقة الشمسية التي تقوم بإنتاج كل ما يتعلق بتلك الصناعة، لها مشاريع مشتركة مع الجانب القطري لإنتاج 3600 طن سنويا من مادة "البولي سيلكون" المستخدمة في صناعات الطاقة الشمسية، وتبلغ حصة قطر في هذا المشروع العملاق في المائة. أما حصة الشركة فهي 29 في المائة، يمتلك بنك قطر للتنمية في المائة.
المهندس عمر الكاشف مصري يعمل في مجال الاتصالات في ألمانيا ويمتلك شركة صغيرة خاصة، يرى أن الإمكانيات التقنية العالية المتوفرة في الشركات الألمانية هي إحدى العوامل التي تجتذب المهاجرين والمستثمرين علي حد سواء، ويقول إن ألمانيا موقع صناعي وتكنولوجي عالي الكفاءة يحظي بثقة كافة المستثمرين، فألمانيا علي سبيل المثال قد حققت في عام 2009 ضعف ما حققته المملكة المتحدة وفرنسا مجتمعتين. ويقول الكاشف مصري إن تفوق ألمانيا في مجال الابتكار يشجع المستثمرين العرب، خاصة وأنهم يبحثون عن التفوق والتميز، وهي جميعها سمات متوفرة في الصناعات الألمانية.