باحثون: مادة مشتقة من القنب تساعد مرضى الصرع
٢٥ مايو ٢٠١٧أكد باحثون أمريكيون أن مادة كانابيدول المخدرة المشتقة من القنب الهندي يمكن أن تساعد وبشكل واضح في تحسين أحد أشكال الإصابة بالصرع. وأوضح الباحثون في دراسة بإشراف أورين ديفنسكي من جامعة نيويورك ونُشرت اليوم الأربعاء (25 أيار/ مايو 2017) في مجلة "نيو انغلاند اوف ميديسين" الطبية أنهم تبين لهم من خلال الدراسة أن هذا المستحضر الذي يتم تعاطيه بالاستنشاق يخفض نوبات الصرع المصحوبة بالتشنجات لدى الأطفال والناشئة بنسبة 39 بالمائة.
وقال خبير ألماني مستقل لم يشارك في الدراسة، إنها تمثل أول بحث متميز يؤكد التأثير الإيجابي لمادة كانابيدول على مرضى الصرع. وتوقع الخبير الألماني أن يكون لنتائج الدراسة تأثير أيضاً على علاج أشكال أخرى للصرع في ألمانيا. وتستند تقديرات الباحثين بشأن مستحضرات القنب حتى الآن إلى إحصاءات أقل من الإحصاءات التي شملتها هذه الدراسة.
وشكت الجمعية الألمانية لطب الصرع في بيان لها في نيسان/ أبريل الماضي من قلة البيانات التي يمكن الاعتماد عليها بشأن التأثير الإيجابي لهذه المستحضرات في علاج الصرع، وهو الأمر الذي تغير الآن في ظل هذه الدراسة الجديدة. وفي الوقت ذاته حذر ديفنسكي من اعتبار مادة كانابيدول علاجاً لكل أشكال الصرع مضيفاً: "ولكن النتائج التي توصلنا إليها توقظ الأمل لدى المرضى المصابين بأشكال جسيمة للصرع والتي لم تستجب للكثير من العقاقير الطبية بقرب الحصول على أشكال علاجية أخرى".
ورغم أن متلازمة درافيت التي تصيب الأطفال الرضع في العام الأول من عمرهم نادرة الوقوع إلا أنها شكل خطير من أشكال الصرع وتصيب الذكور أكثر من الإناث وتتلازم في الغالب مع الإصابة بإعاقة ذهنية وتنتهي بالموت غالباً. وليس هناك عقار بعينه مرخص حتى الآن ضد هذا الصرع. ورغم أن هناك تقارير منذ سنوات تفيد بأن مادة كانابيدول المشتقة من القنب الهندي تحسن حالة المصابين بنوبات الصرع دون تأثير نفسي يذكر إلا أنه لم تكن هناك حتى الآن دراسات يمكن الاعتماد عليها في هذا الاتجاه. وفحص معدو الدراسة تحت إشراف ديفنسكي 120 مريضاً في سن 2 إلى 18 عاماً في الولايات المتحدة وأوروبا.
وفي البدء حصر الباحثون خلال الأسابيع الأربعة الأولى عدد النوبات التي يصاب بها المرضى المشاركون في الدراسة ثم قسموا المشاركين من خلال قرعة عشوائية إلى مجموعتين حصلت إحداها على علاج عبارة عن مادة كانابيدول والأخرى على علاج وهمي "بلاسيبو" وذلك على مدى 12 أسبوعاً. ولم يعرف الباحثون ولا أهالي المرضى خلال الدراسة إلى أي مجموعة ينتمي أي من المرضى.
وكانت النتيجة أن تراجعت نوبات التشنج لدى الأطفال الذين تعاطوا مادة كانابيدول من 12 إلى 6 مرات شهرياً في المتوسط. وقدر الباحثون هذا التراجع بنسبة 39 بالمائة لأنه تم حصر المرضى الذين يصابون بالكثير من هذه النوبات بشكل ملحوظ والتي زادت كثيراً عن 1000 نوبة بشكل منفصل.
وانخفض عدد نوبات الصرع لدى المرضى الذين تعاطوا دواء وهمياً بنسبة 13 بالمائة، من 14.9 إلى 14.1 شهرياً. وهناك ثلاثة مرضى حصلوا على المستحضر المشتق من القنب لم يصابوا بأي نوبة صرع خلال فترة الدراسة. غير أن تعاطي مادة كانابيدول كثيراً ما يتزامن أيضا مع آثار جانبية كما ظهر لدى 93 بالمائة من المرضى المشاركين في الدراسة مقارنة بـ75 بالمائة في المجموعة التي تعاطت عقاراً وهمياً.
وكان من بين هذه الأعراض الإرهاق والخمول والغثيان والإسهال. ولكن هذه الأعراض تحسنت أثناء العلاج غالباً. وقطع ثمانية مرضى علاجهم بالكانابيدول مقارنة بمريض واحد من المجموعة التي حصلت على دواء وهمي "بلاسيبو". أوضح فريق الباحثين أنه من الممكن أن تكون بعض مضاعفات مادة كانابيدول ذات تأثير متبادل مع أدوية أخرى ضد الصرع حيث كان معظم المرضى الذين ظهر لديهم شعور بالخمول والإرهاق لا يزالون يتعاطون مركب كلوبازام المنتمي لعائلة بنزوديازيبين.
ورجح الباحثون أن مادة كانابيدول تكبح تحلل هذا العقار في الكبد وتعزز بذلك تأثيره "ولذلك فنحن مازلنا بحاجة لمزيد من البحث العلمي ورغم ذلك فإن هذه الدراسة تقدم أدلة أكثر من ذي قبل على أن الكانابيدول له تأثير فعال كعقار للصرع المستعصي على طرق العلاج المعروفة"، يوضح ديفنسكي. أما أندرياس شولتسه بونهاغه، رئيس مركز علاج الصرع بمستشفى فرايبورغ الجامعي الألماني، فعلق على الدراسة قائلا إنها أول دراسة مزدوجة التعمية تضم عدداً كبيراً من المرضى "ولكنها عن شكل خاص جداً من أشكال الصرع".
ورأى الأستاذ الألماني أنه ليس من الممكن سحب نتائج الدراسة على أشكال أخرى من أشكال الصرع. غير أن الخبير الألماني أوضح في الوقت ذاته أن مادة كانابيدول تستخدم بالفعل كدواء وحيد لأشكال أخرى صعبة العلاج من أشكال الصرع مثل مرض التصلب الحدبي ومتلازمة لينوكس جاستو. وأكد شولتسه بونهاغه الذي يتولى أيضاً منصب الرئيس الثاني للجمعية الألمانية لأمراض الصرع، على ضرورة اختبار مدى فعالية مادة كانابيدول المشتقة من القنب الهندي في علاج أشكال كثيرة الحدوث من الصرع.
وأضاف الخبير الألماني بالقول: "ما نستطيع استنباطه من هذه الدراسة هو أننا بحاجة الآن لمزيد من مثل هذه الدراسات"، مشيراً إلى أن الأطباء المعنيين سيلجأون بالتأكيد في ضوء هذه الدراسة الجديدة لاستخدام مادة كانابيدول أكثر في علاج الصرع إلى أن تجرى دراسات جديدة بهذا الشأن.
ع.غ/ ط.أ (د ب أ)