باحثون ألمان يصورون أدق تفاصيل الخلية
١٦ يوليو ٢٠١٠نجح باحثون في ألمانيا في إنجاز صور ثلاثية الأبعاد للخلايا البشرية باستخدام تقنية فنية جديدة، وهو تطور من شأنه أن يساعد في كشف أسرارهذه الخلايا من خلال رؤيتها في بيئتها الطبيعية وتفاعلاتها، مما قد يساعد في علاج بعض الأمراض كالسرطان. التقنية الجديدة قد تفتح الباب أمام تطوير أدوية تحارب مرض السرطان الفتاك باستخدام تكنولوجيا متقدمة تمكن من رؤية البروتينات المسؤولة عن الاتصالات بين كل خلية وأخرى.
"الريبسومات" مصانع البروتين في الخلايا
وهذه المرة الأولى التي يتم فيها الحصول على صور لأصغر مكونات الخلية. وحتى الآن كانت المعلومات المتاحة عن وضع البروتينات في الخلية وتفاعلاتها ترتكز على صور مجهرية ضوئية قليلة الوضوح أو عن طريق أساليب فنية تقوم على نزع البروتينات من وسطها الطبيعي.
تعتبر "الريبسومات" العنصر المسؤول في الخلية عن إفراز البروتينات بجميع أنواعها، وبفضل هذه الوظيفة تكون "الريبسومات" العنصر الرابط بين الجينات وكل ما يقع من أحداث وتطورات فيها. ولكي يتم الحصول على البروتين في شكله النهائي تلتصق "الريبسومات" بالأحماض الأمينية على شكل عقد لؤلؤ، ليتحول بعد نموه إلى مركب ثلاثي الأبعاد (البروتين)، وبأشكال تتباين بتباين الوظائف التي سيقوم بها، إذ يصبح بعضها عضلات والبعض الآخر يقوم بوظائف مختلفة في الجسم. وتعتبر "الريبسومات" كبيرة الحجم حسب المقاييس التي يضعها علماء الأحياء، بيد أنها تتكون من عشرات الجزيئات المختلفة.
طفرة في علم الأحياء
ورغم التكاليف الهائلة لهذا المشروع العلمي إلا أنه سلط الضوء على أحد الجوانب الأكثر غموضا في علم الأحياء، والتي لم يكن بالإمكان رؤيتها بالدقة التي تم التوصل إليها اليوم. فقد قام علماء معهد ماكس بلانك للكيمياء الحيوفيزيائية بمدينة جوتنجن الألمانية باستخدام ميكروسكوب كريو الالكتروني ثلاثي الأبعاد في تصوير تطور نمو البروتين وذلك بعد تجميد "الريبسومات" في بداية تطورها وفي المرحلة الوسطى ثم المرحلة النهائية من نموها.
نيلز فيشر،واحد من بين الباحثين الشباب بفريق العمل، التقط أكثر من مليوني صورة دقيقة "للريبسومات" ثم قام بتقسيمها إلى مجموعات حسب نسبة التشابه بينها، ليتم بعد ذلك تنصيفها إلى مجموعة من السلاسل مما أسفر في نهاية المطاف عن "فيلم" دقيق الحجم ثلاثي الأبعاد. ومن النتائج التي خلص إليها فريق معهد بانكس ،الحصول على 50 بنية" للريبسومات" في أوقات مختلفة من إنتاج البروتين والطريق التي تسلكها الأحماض الأمينية والخلايا الناقلة بالإضافة إلى ما يعرف ب "الأحماض الأمينية الناقلة للريبسومات الصغيرة" المعروفة في الأوساط العلمية بـ "تي.أر.إن.إيه.إس".
ويحمل كل واحد من الأنواع المختلفة لـ "تي.أر.إن.إيه.إس" للريبسومات نوعا جديدا من الأحماض الأمينية يمثل جوهرة من الجواهر المختلفة المكونة لـ "العقد" الذي يتكون منه البروتين. هذه الأنواع تتفكك بمجرد توصيلها لحمولتها من الأحماض الأمينية. وتعتبر معرفة وظيفة الريبسوم بالتفصيل في غاية الأهمية للطب، فرغم أن الباحثين من قبل كانوا يعتمدون على طريقة عمل البكتيريا لأنها تتشابه كثيرا مع عمل الريبسومات لدى الإنسان إلا أن تكوين الأولى يختلف بعض الشيء عن الثانية.ويوضح فيشر أهمية هذا البحث قائلا "هذا البحث يعتبر بمثابة بادرة قيمة جدا لعالم المضادات الحيوية التي يحاول أصحابها قدر الإمكان أن يقتصر نشاطها على استهداف ريبسومات الفيروسات المسببة للأمراض ".
الكاتبة: أمينة اسريري / (د.ب.أ)
مراجعة: حسن زنيند