بابا الفاتيكان يشدد على خدمة الفقراء ويتعهد بزيارة لبنان
٢٥ ديسمبر ٢٠٢٠ترأس البابا فرنسيس قداس عشية عيد الميلاد وسط أجواء قاتمة بسبب أزمة جائحة كورونا، وقال في عظته إنه يتعين على الناس الشعور بالالتزام بمساعدة المحتاجين لأن السيد المسيح نفسه ولد فقيرا مبعدا.
وأقيم القدّاس في جزء خلفي من كنيسة القديس بطرس بحضور أقل من 100 شخص وعدد قليل من الكرادلة والأساقفة. وعادة ما يقام هذا القداس في الجزء الرئيسي من الكنيسة ويحضره ما يصل إلى عشرة آلاف شخص بمن منهم دبلوماسيون يمثلون نحو 200 دولة.
ووضع الجميع باستثناء البابا وجوقة الترانيم الصغيرة كمامات خلال القداس الذي بدأ قبل ساعتين من الموعد المعتاد ليتمكن العدد المحدود من الحاضرين من العودة إلى منازلهم قبل سريان حظر التجول عند العاشرة مساء بالتوقيت المحلي والذي اعتمدته إيطاليا منذ ليلة أمس. أما ساحة القديس بطرس، فرصدتها كاميرات الإعلام خاوية ومضاءة بشجرة عيد الميلاد الكبيرة ولا توجد بها سوى سيارة شرطة.
زيارة قريبة للبنان
ويحتفل خلال قداس ليلة عيد الميلاد في التقليد المسيحي بولادة يسوع الناصري في بيت لحم.
وفي عظته، أشار البابا الأرجنتيني إلى أن ذلك يذكر بأنه لا يجب قضاء الوقت في "البكاء على مصيرنا، بل مسح دموع من يعاني" و"خدمة الفقراء"، مشددا أنه مبدأ مسيحي. وأضاف آسفا أن المؤمنين "المتعطشين للترفيه والنجاح والدنيوية (...) في الأغلب يجهلون حسن المعاملة".
وقال فرنسيس إن عيد الميلاد يجب أن يجعل الجميع يفكرون في "ظلمنا تجاه الكثير من إخوتنا وأخواتنا" بدلا من السعي وراء "رغبتنا التي لا تنتهي في الحصول على الممتلكات" والمتع الزائلة.
وفي رسالة تضامن مع اللبنانيين من جميع الأديان لمناسبة عيد الميلاد، أعلن البابا فرنسيس الخميس أنه يعتزم "زيارة لبنان في أقرب وقت ممكن".
وكتب الحبر الأعظم "أيّها الأحبّاء أبناء لبنان وبناته، كبيرٌ ألمي عندما أرى الوجع والقلق الذي يخنق روح الإقدام والحيويّة التي فطرت عليها بلاد الأرز". وأضاف "أشعر اليوم في عمق نفسي، بهول خساراتكم، خصوصا عندما أفكّر بالكثير من الشباب الذين انتُزع منهم كلّ رجاء بمستقبلٍ أفضل".
ووجّه نداءً جديداً إلى المجتمع الدولي لمساعدة لبنان "على البقاء خارج الصراعات والتوتّرات الإقليميّة" وكذلك "على الخروج من الأزمة الحادّة وعلى التعافي".
ومن المنتظر أن يلقي البابا اليوم الجمعة، أول أيام أعياد الميلاد، عظته "إلى المدينة والعالم" من قاعة داخل الفاتيكان بدلا من الشرفة المركزية لساحة القديس بطرس، وأمام حضور محدود.
سنة الجائحة
وعلى العموم احتفل ليلة الخميس العالم المسيحي بعيد ميلاد استثنائي، إذ أقيمت احتفالات مقتضبة ومثقلة بقيود مفروضة لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجّد، وسط زيادة مهولة في أعداد الإصابات حول العالم في الأسابيع القليلة الماضية.
وفي قارات العالم الخمس، سجلت أكثر من 1,7 مليون وفاة ناجمة عن الفيروس، فيما تظهر بؤر وبائية جديدة مذكّرةً بأنه رغم وصول أولى اللقاحات، لن تعود الحياة سريعاً إلى طبيعتها.
وفي بيت لحم حيث ولد اليسوع، حضر حشد صغير لمشاهدة موكب عيد الميلاد التقليدي في الشوارع في حدث يجتذب عادة الآلاف من كل بقاع العالم كل عام. غير أنه وفي عام كورونا لم يشاهد العرض سوى بضع مئات من الأشخاص الذين وضعوا كمامات وحملوا مظلات فيما رفرفت الأعلام الفلسطينية وأعلام الفاتيكان على وقع الطبول وأصوات مزاريب القربة.
وقدم بطريرك القدس اللاتين بييرباتيستا بيتسابالا، عظة عيد الميلاد متحدثا فيها عن جائحة كورونا، وقال: إننا نشعر جميعًا أننا نسير في ظلام، مُتعَبِين، مُرهَقيِن، مظلومين، وقد طال علينا الزمن، تحت نيرِ هذا الوباء الثقيل الذي يُعيقُ حياتَنا ويَشُلُّ العَلاقاتِ بينَنا، ويَزيدُ صعوبةً وضعَنا السياسيّ والاقتصاديَ والثقافيَ والاجتماعيّ كلَّه". وأضاف: "نسأل الله القدير أن يَهزِمَ المرضَ والشرَّ والموتَ، وأن يمنحنا أيامًا سعيدة وهادئة".
وقضت أوروبا بدورها عيدا من أكثر الأعياد حزنا بسبب انتشار الوباء. فألمانيا أغلقت أسواقها الشهيرة الخاصة بعيد الميلاد، وإيطاليا فرضت الحجر تماما مثل بلجيكا وهولندا ومناطق أخرى في الدول المتبقية.
ولأن المصائب لا تأتي فرادى فقد قضى الآلاف من سائقي الشاحنات الأوروبيين ليلة العيد هذه في ظروف تعيسة، عالقين قرب ميناء دوفر في المملكة المتحدة التي تخرج على مضض من عزلة تسبب بها ظهور نسخة متحورة جديدة من فيروس كورونا على أراضيها.
أما في مدينة القامشلي شمال شرق سوريا التي تسيطر عليها قوات كردية، فقد تجاهل السكان الجائحة وشاركوا في احتفال لإضاءة شجرة عيد ميلاد في حي مسيحي، بينما شوهد عدد من وضع قبعات عيد الميلاد أكثر ممن وضعوا كمامات. واختلط المسيحيون والمسلمون لرقص الدبكة على موسيقى تقليدية أمام شجرة عيد الميلاد.
و.ب/ م.س(رويترز، أ ف ب)