انقسام الشباب الإسرائيلي تجاه "يهودية الدولة"
٢٨ نوفمبر ٢٠١٤أثارت خطوة الحكومة الإسرائيلية بطرح مشروع قانون جديد تحت اسم "القومية اليهودية" ردود أفعال متباينة، مما حذا بالحكومة الإسرائيلية إلى تأجيل تقديمه إلى الكنيست (البرلمان الإسرائيلي) من أجل إقراره كقانون أساسي إلى غاية يوم الأربعاء القادم.وقد يؤدي إقرار هذا القانون إلى إنهاء الائتلاف الحكومي القائم بقيادة بنيامين نتنياهو بسبب معارضة بعض الأحزاب في الائتلاف لهذا القانون، وعلى رأسها حزب "هناك مستقبل" بقيادة يائير لابيد وحزب "إلى الأمام" بقيادة تسيبي لفني.
وقد دفعت ردود الأفعال القوية تجاه مشروع هذا القانون والخوف من انهيار الائتلاف الحكومي إلى إيجاد صيغة جديدة له، وُصفت بأنها "أكثر اعتدالا". وتنص وثيقة الاستقلال الإسرائيلية بتعريف دولة إسرائيل على أنها دولة "يهودية ديمقراطية"، فيما ينص مشروع القانون الجديد على أن إسرائيل هي "البيت القومي لليهود" ويؤكد على رموز الدولة مثل النشيد الوطني وحق اليهود في العودة إلى أرض إسرائيل. لكن يبقى السؤال المطروح هو، ما مدى تأثير مشروع هذا القانون على أرض الواقع في حال إقراره؟
أصوات معارضة
عارض الجانب العربي الذي يعيش في إسرائيل مشروع القرار، ويشكل العرب داخل إسرائيل نسبة 21% من المواطنين، يقول محمد أبو عرب طالب العلوم الاجتماعية في مقابلة مع DWعربية: "مشروع القانون هو عنصري بالدرجة الأولى، لأنه يجعل العرب مواطنين من الدرجة الثانية، ويفضل المهاجرين اليهود الجدد على أهالي الأرض الأصليين من العرب".ويضيف محمد: "يضفي مشروع القانون هذا شرعية العنصرية التي نعاني منها أساسا على أرض الواقع، ويقضي على أسطورة وحلم "دولة لكل مواطنيها"، والتي يجب أن تعطي الحقوق بشكل متساوٍ لجميع المواطنين، ويحبط الآمال والأصوات التي تنادي بالتعايش بين جميع المواطنين والنضال لأجل تحقيق المساواة". ويرى محمد أن إقرار مشروع القانون قد يؤدي إلى تأجيج التوتر بين الطرفين العربي واليهودي داخل إسرائيل.
كيم ليفي، وهي طالبة يهودية في قسم العلوم السياسية، تعارض بدورها مشروع القانون، وترى أنه ضد الديمقراطية الإسرائيلية وتقول في مقابلتها مع DW عربية: "أعتقد بأن هذا القانون لن يمر (...)، إننا لم نصل إلى هذه الدرجة من التطرف، لكن من جهة أخرى أعتقد بأن مشروع القانون هذا سيعود مستقبلا وسيقر، وهذا شيء مخيف وسيء وغالبية الشعب الإسرائيلي بنظري تعارض هذا القانون". وتضيف كيم في حوارها مع DWعربية: "صحيح أن الدولة معرفة كيهودية وديمقراطية، لكن هذا القانون سيكون له تأثير في حال وصول حالات لدى المحكمة وتصبح اليهودية هي الغالبة والمسيطرة على الديمقراطية، هذا القانون يقوي اليمين الإسرائيلي ويدعمه". وترى كيم أن مشروع القانون يشكل تهديداً ليس فقط على العرب والأقليات، بل تتخوف أيضاً بأن تكون "هناك مواجهة بين مؤيدي الديمقراطية وأولئك الذين يعارضونها داخل إسرائيل".
حبر على ورق؟
في المقابل، هناك أيضا من يؤيد مشروع القانون ويرى بأنه يحافظ على طابع دولة إسرائيل ولا يوجد به أي تمييز ضد العرب أو غيرهم. ويقول يوسي كندياتي، طالب العلوم الاجتماعية: "مشروع القانون جاء لإعطاء إطار قانوني وليس فقط أيدلوجي لدولة إسرائيل كوطن قومي لليهود وجاء المشروع ليقوي ما نصت عليه وثيقة الاستقلال للدولة". ويرى يوسي بأنه لا يوجد هناك أي نية بالإضرار بحقوق الأقليات داخل إسرائيل، ويضيف: "ليس للقانون جانب عملي بل قيمته معنوية، فباعتقادي القانون جاء لحماية طابع الدولة اليهودية وليس من أجل حرمان غير اليهود من حقوقهم، وتعريف الدولة باليهودية لا يعني أن اليهود لهم حقوق أكثر". ويرى يوسي أن اليهودية تنصف غير اليهود ويضيف: "إذا ما كانت هناك دولة مستندة على الدين اليهودي، ذلك يلزم اليهود بأن يعطوا غير اليهود كل حقوقهم، ويجبرها على رعاية غير اليهود، لذا فالقانون يقوي الأقليات داخل إسرائيل".
اختلال التوازن؟
وتندرج مخاوف البعض على أن يؤدي مشروع القانون إلى ترجيح اليهودية على الديمقراطية، وتقوم بسلب حقوق العرب والأقليات داخل إسرائيل، خاصة وأن الحكومة تنوي تقنينه ليصبح قانون أساسي، وذلك يعني أن أي إلغاء أو تغيير على هذا القانون يحتاج إلى ثلثي أعضاء الكنيست.
رافع حاج، شاب درزي يدرس القانون في الجامعة العبرية، يتخوف هو الآخر من مشروع القانون، ويقول في مقابلته مع DW عربية: "يعتبر مشروع القرار كقانون لا حاجة له، فالدولة معرفة كدولة يهودية وديمقراطية منذ قيامها، ويشكل هذا التعريف توازن بين قيمتي اليهودية والديمقراطية، لكن التخوف هو إقرار هذا القانون يؤدي إلى اختلال التوازن الموجود بين قيمة اليهودية وقيمة الديمقراطية لتصبح اليهودية هي الغالبة".
ويوضح رافع: "من بين 15 بند في مشروع القانون يوجد فقط بند واحد الذي يتكلم عن الديمقراطية والباقي يتحدث عن اليهودية، لذا أنا كعربي أرى في ذلك عنصرية، فحقوق غير اليهود غير مذكورة داخل نص مشروع القانون، أضف إلى أن هناك مخاوف من أن ينص القانون بإدخال قوانين الشريعة اليهودية كمصدر للتشريع". لذلك يعتقد رافع بأنه يجب بذل جهود لتغيير فحوى مشروع هذا القانون، خاصة وأن إسرائيل "دولة ديمقراطية ومتطورة ويجب منع هذا الإجراء".
من جهته، يعتقد بروفيسور عامنويل جروس، أستاذ القانون في جامعة حيفا أن لا حاجة لإقرار هذا القانون، ويقول جروس في مقابلته مع DWعربية: "لا أرى أي خطأ في إقرار قانون يعطي هوية قومية للدولة، إلا أنه لا يوجد حاجة لهذا القانون، لان هناك قوانين سارية تنص على هوية الدولة". ويتخوف جروس من مشروع القرار، موضحاً: "أتخوف من طلبات الذين يقومون بتقديم مشروع القانون بتغيير الوضع الحالي، صحيح أن الدولة أقيمت للشعب اليهودي، إلا أن النظام ديمقراطي ويضمن لجميع المواطنين نفس الحقوق على الصعيدين الشخصي والجماعي".
ويتفق جروس مع رأي رافع حاج بأن القانون قد يضر بالتوازن الموجود بين اليهودية والديمقراطية. ويوضح جروس: "قد يؤدي القانون إلى اختلال التوازن الموجود اليوم، أما بالنسبة لقانون الشريعة اليهودية، فهو لن يؤثر على ذلك لأن ما يتضمنه مشروع القانون لا يغير من الوضع القائم لأن الشريعة اليهودية مصدر قائم للتشريع".
أما على الجانب السياسي فيرى جروس أن مشروع القانون "ربما من أجل تأكيد يهودية الدولة من خلال إقرار قانون داخلي، لأن السلطة الفلسطينية غير مستعدة للاعتراف بدولة إسرائيل كدولة يهودية، لكنه بالنهاية لا يجبر القيادة الإسرائيلية على إلزام الطرف الآخر بالاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية في حال وجود اتفاق سياسي لأنه قانون داخلي".
ويذكر أن الرئيس الإسرائيلي ريئوفين ريفلين قد انتقد مشروع قانون "القومية اليهودية". وقال إنه "لا يتماشى مع رؤية الآباء المؤسسين للدولة التي ضمنت المساواة للمواطنين العرب".