انسحاب ميركل يثير مخاوف حول مستقبل التوازنات الأوروبية
١٣ نوفمبر ٢٠١٨قادرة على العمل ـ هذه هي الجملة المتداولة في الوقت الراهن عندما نصغي إلى السياسيين الأوروبيين في ممرات الاتحاد الأوروبي في بروكسل. المهم أن لا تظهر شكوك حول استقرار الحكومة في برلين. وهذا على ما يبدو هو شعار الممثلين المختلفين للمؤسسات الأوروبية ـ في مقدمتها المفوضية الأوروبية. يقال في بروكسل إن السياسة الأوروبية لا يحق أن تتأثر بموجب ذلك. كل شيء يسير كالمعتاد، وألمانيا لها حكومة مستقرة ومستشارة قادرة على العمل. لكن التراجع الجزئي السياسي من طرف المستشارة أنغيلا ميركل يراه كثيرون في أوروبا كخسران سلطة لأقوى رئيسة حكومة داخل الاتحاد الأوروبي. ومنذ تلك اللحظة تُطرح علامات استفهام كثيرة في بروكسل.
وبعيدا عن خطاب المستشارة الألمانية أمام البرلمان الأوروبي في ستراسبورغ ستربط جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي تخلي أنغيلا ميركل عن رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي بسؤال واحد: ما الذي يعنيه هذا الخسران في السلطة بالنسبة إلى أوروبا؟ وما الذي سيحصل مع ورش العمل الأوروبية إذا ضعفت ميركل؟ وما الذي سيحصل إذا اختفت ميركل كليا من الساحة الأوروبية؟
حصة اللاجئين
الاتحاد الأوروبي يجتهد في هذا الموضوع من أجل التوصل إلى حل وسط. وإلى حد الآن لم يتم التوصل إلى إجماع. بالعكس فالكثير من دول الاتحاد الأوروبي تقف في مواجهة مع بعضها البعض. وأنغيلا ميركل واجهت انتقادات حادة بسبب سياستها في اللجوء ـ إلا أنها تمكنت في اللحظة الأخيرة من إبرام صفقة اللجوء بين الاتحاد الأوروبي وتركيا، لتخفف بذلك من قوة الضغط داخل المرجل. إلا أن هذا الاتفاق المثير للجدل سياسيا يحتاج أيضا إلى غالبية أصوات ضمنتها إلى حد الآن ميركل بين الدول الأعضاء الأوروبية.
إصلاح اليورو وأكثر
فرنسا تخطط مع ألمانيا لحل من أجل تأمين اليورو. فمنطقة اليورو وجب توطيدها بشكل أفضل لمواجهة الأزمات، وقد يفقد الرئيس الفرنسي الشريكة لتنفيذ مخططاته. وحتى لو أن المستشارة لا تستجيب لإيمانويل ماكرون في رغبته من أجل تحديد ميزانية لمنطقة اليورو، إلا أنه يحتاجها في وضع سياسي جيد في كتلة الاتحاد المسيحي في برلين لإقامة اتحاد مصرفي شامل. ومن المتوقع بلورة هذا الاتحاد خلال القمة الأوروبية المقبلة في ديسمبر، علما أن إيطاليا تتحول باستمرار إلى خطر مالي غير متوقع. ويخشى المفوض الأوروبي للشؤون الاقتصادية بيير موسكوفيتشي أن يتفجر الخلاف بسبب الميزانية إذا لم تتوسط ألمانيا.
الشعبوية داخل الاتحاد الأوروبي
ليس هناك حاجة إلى خيال كبير لتصور كيف أن الانضباط الهش أصلا داخل الاتحاد الأوروبي يتراجع للتوصل إلى الإجماع في القمم الأوروبية، إذا لم تتوسط ألمانيا. فالمجر وبولندا ستواصلان إلغاء دولة القانون بدون وجود رئيسة حكومة ألمانية قوية ضمنت إلى حد الآن داخل عائلة أحزاب الشعب الأوروبية حدا أقصى للخسارة. وبعدما أعلنت التخلي عن رئاسة الحزب المسيحي الديمقراطي، لجأ السياسي غونتر أوتنغر إلى تقوية موقف أنغيلا ميركل، معلنا أن بروكسل تريد ميركل ثلاث سنوات أخرى كمستشارة في برلين، فهي تساهم في ضمان استقرار في فترة صعبة للسياسة الأوروبية. ولكن "كمستشارة إلى حين" يمكن أن تفقد تأثيرها في أوروبا.
كاثرين مارتنس/ م.أ.م