انتقادات لمشاريع شيل في استثمار الغاز الصخري في تونس
٢٧ مارس ٢٠١٣ترى نادية شعبان أنه يجب غلق أية فرصة أمام إمكانية استثمار الغاز الصخري في تونس، إذ تعد من أوائل منتقدي مشروع استثمار الغاز الصخري لشركة شيل في تونس. "إذا كان استثمار الغاز يعني أن يتحول نصف البلد إلى صحراء ويلوث المياه والهواء، فماذا سنجني من ذلك؟ أن نتدفأ فقط وينقصنا الطعام؟".
لا تعود أسباب موقف النائبة عن "ائتلاف المسار" من هذا المشروع إلى مخاطر بيئية فقط، بل ولافتقار الحكومة إلى الشفافية المطلوبة، فمفاوضات الائتلاف الحاكم مع شركة شيل للطاقة حول هذا المشروع باتت في مراحلها النهائية. "المفاوضات جارية، لكننا لا نقدم أي معلومات عنها"، كما أفادت شركة شيل في رسالة إلكترونية. وفي تونس نفسها توصد أبواب الوزارات أمام أية أسئلة عن مشروع استثمار الغاز الصخري. وزارة الصناعة لم تعطي تصريحاً صحافياً واحداً حول الموضوع، ووزارة البيئة تتكتم على المشروع منذ تشكيل الحكومة مطلع آذار/ مارس الماضي.
طريقة استخراج مرهونة بمخاطر
الغاز الصخري هو غاز موجود في الطبقات الصخرية. ولغرض استخراجه يجب حفر ثقوب يصل عمقها إلى أربع كيلومترات. وتُضخ مياه فيها الكثير من المواد الكيميائية بضغط عالي إلى داخل هذه الثقوب. وتعمل هذه المواد الكيميائية على فصل الغاز عن الصخور، حتى يمكن الاستفادة منه للأغراض الصناعية.
في أمريكا الشمالية قادت طريقة الاستخراج هذه إلى تخريب مناطق واسعة، كما يرى المنتقدون. فعملية استخراج الغاز الصخري تستهلك كميات كبيرة من المياه والمواد الكيميائية و تجعل المياه الجوفية والهواء عرضة للتلوث، إذا ما حدثت مشاكل في عملية الاستخراج، حسب رأي المنتقدين.
المهندس وعضو الهيئة الإدارية التونسية للشفافية في الطاقة والمناجم، حامد ماتري، لا يعارض إعادة التفكير في طريقة الاستخراج هذه. لكنه ينتقد أن الحكومة التونسية سلمت الأمور برمتها لشركة شيل. ويرى أن تونس ليست مستعدة بعد لمثل عمليات الاستخراج هذه، لا من الناحية القانونية أو العلمية-التقنية أو من جانب البنى التحتية اللازمة. "هل لدينا الإمكانيات فعلاً لإجراء دراسة بمخاطرها؟ سيثير الأمر دهشتي إذا ما حصل؟" يقول المهندس.
حقل تجارب؟
ثروات الغاز، التي يتوقع وجودها في تونس، قليلة مقارنة بالجزائر وليبيا والمغرب، لكنها ستكون كافية من أجل تزويد البلد بالطاقة لخمسين عاماً، ما يشكل دافعاً مهماً للدولة المتوسطية الصغيرة، التي تواجه مشاكل اقتصادية منذ الثورة. وتبلغ نفقات توريد الغاز ودعمه في تونس حوالي ملياري دينار تونسي (قرابة مليار يورو)، أي ما يشكل ثمانية بالمائة من مجمل موازنتها. لكن النائبة نادية شعبان غير مقتنعة بأن أي اتفاقية مع شركة شيل ستعود بالنفع على تونس.
بحسب بيانات وزارة الصناعة التونسية فإن الشركة العملاقة خصصت ميزانية باستخراج الغاز الصخري في تونس التي تزيد بأربعة أضعاف عما تحتاجه مثل هذه المشاريع عادة. ويرى ماتري أن هذا الأمر يعد إشارة على أن شركة شيل ترى في تونس حقلاً لتجربة طرق استخراج جديدة. "لا أشك في أن شركة شيل لديها أفضل المعايير، لكن الحكومة التونسية مسؤولة عن صحة مواطنيها ونوعية المياه وسلامة بيئتها"، لذلك يرى ماتري أن على تونس أن تضمن بنفسها حماية مواردها على المدى الطويل.
أين الشفافية؟
معارضو طريقة استخراج الغاز الطبيعي يتهمون الحكومة بأنها تريد تنفيذ المشروع بأي ثمن كان من أجل أن تنال إعجاب أصدقائها السياسيين، فقطر هي أكبر المستثمرين في شركة شيل. والحكومة التي يقودها حزب النهضة ما برحت تعقد الصفقة تلو الأخرى مع قطر.
"علينا أن نكف نهائياً عن عدم الشفافية هذه التي هيمنت على تونس سابقاً لفترة طويلة، حين كان يجب اتخاذ قرارات حاسمة"، تقول نادية شعبان. وتضيف بالقول: "السياسيون ليسوا من يتخذ القرار حول مشروع استخراج الغاز الصخري، وإنما الشعب بأكمله. فالأمر يتعلق بمستقبله وليس بمستقبل أي حكومة أو نخبة".
ولهذا السبب ترغب النائبة البرلمانية في أن تزيد الحكومة التونسية من استثماراتها في قطاع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وفي الوقت الراهن يستخدم الكثير من التونسيين منظومات الطاقة الشمسية لتسخين المياه على سطوح منازلهم. كما ظهرت مؤخراً خطط تعود لعام 2009 لبناء مفاعل نووي في تونس بدعم فرنسي، وهو مشروع أمل الكثير من التونسيين أن ينتهي مع الثورة.