انتقادات ألمانية شديدة لسلّة الدعم المالي الأوروبية لليونان
١٣ أبريل ٢٠١٠إثر إعلان دول منطقة اليورو الأحد الماضي عن سلّة دعم مالي لليونان تبلغ 30 مليار يورو لهذه السنة ، حصة ألمانيا منها 8،4 مليارات يورو،تعرضت الحكومة الألمانية إلى حملة انتقادات واتهامات شديدة من قبل الحزب الاشتراكي وحزب الخضر المعارضين،ومن الحزب الليبرالي الحليف في الحكومة الحالية، إضافة إلى خبراء اقتصاد معروفين.
وللتخفيف من حدَّة الانتقادات، شدَّدت الحكومة الألمانية على أن إقرار خطة الدعم لا يعني تقديم المساعدة المالية بطريقة آلية إلى أثينا،وأنه لن يدخل حيّز التنفيذ إلا في حالة عدم تمكَّن اليونان، من الحصول على قروض من الأسواق المالية، و"هو أمر غير مطروح حاليا" بحسب ما أكدته كل من برلين وأثينا. من جانبها، ذكرت حكومة برلين أن تقديم المساعدة المالية يفترض عقد اجتماع أوروبي لاتخاذ قرار أخير في هذا الشأن، إلا أن المفوضية الأوروبية أكدت أن ذلك غير ضروري، ما يعكس خلافا في نظرة الطرفين.
أحزاب ألمانية معارضة وموالية تنتقد سلّة الدعم
وانتقد الحزب الاشتراكي الديمقراطي المعارض ما أسماه "المحاذير الكبيرة" التي ستواجهها ألمانيا بسبب القروض التي ستقدم إلى اليونان. وقال خبير الموازنة في الحزب كارستن شنايدر إن حجم التمويل الذي ستتكبده ألمانيا في الأسواق المالية سيرتفع في حال تقرر تقديم قروض طارئة، مشيرا إلى مخاطر كبيرة ستواجه مالية الدولة. وبعد أن أعرب عن تخوفه من ارتفاع تكلفة المعيشة بصورة ملحوظة في منطقة اليورو بسبب خطة الدعم المقرَّة، أدان شنايدر بشدة الدائنين في القطاع الخاص الذين يحاولون الآن استغلال الوضع.
وبدوره انتقد الخبير المالي في حزب الخضر غيرهارد شيك عدم وضوح كيفية مشاركة الدائنين الخاصين في عملية الدعم محذرا "من السماح لهم بالاستفادة منها على حساب دافعي الضرائب كما حدث خلال عملية إنقاذ القطاع المصرفي الألماني". واتهم شيك المستشارة أنغيلا ميركل بعرقلة الوصول إلى اتفاق حول اليونان لمدة طويلة والاكتفاء بمتابعة الاضطرابات التي حدثت في الأسواق المالية. وأعرب عن تشككِّه فيما إذا كانت سلّة الدعم ستسفر عن إيجاد حلّ مستقر. كما رأى خبير المال في الحزب الليبرالي المشارك في الحكومة الحالية فرانك شيفّر "أن استقرار عملة اليورو أصيبت بضعف على المدى الطويل".
خبراء اقتصاد وممثلو دافعي الضرائب متخوَّفون من اضطراب اليورو
وانتقد الخبير بيتر بوفينغر، أحد حكماء الاقتصاد الخمسة الذين تستشيرهم الحكومة الألمانية، خطة الدعم المقرَّة قائلا إنها "حلّ سيّئ أُقرَّ تحت ضغط الأسواق المالية". وأوضح بوفينغر أن اليونان ستحصل الآن على مساعدة خالية من شروط تسمح بوقف تمويل القروض في حالة الشكّ في قدرة البلد على الإيفاء بتعهداته مشيرا "إلى وجود نقص في مراقبة الالتزامات اليونانية بممارسة التقشف في موازنتها". وانتقد رئيس معهد البحوث الاقتصادية في ميونيخ "إيفو" هانس فرنر زِن موافقة حكومة بلده على سلّة الدعم لأثينا معتبرا أن دول اليورو "تقدم إليها الآن بالفعل قروضا بفوائد أرخص علما أن لا احد يعرف بعد ،ما إذا كانت قادرة على إعادتها". وفي تلميح إلى العجز المالي الذي تعانيه دول أخرى في منطقة اليورو رأى زِن أن من يعطي اليونان لن يكون قادرا على الامتناع عن إعطاء البرتغال وإسبانيا. وحضَّ رئيس المعهد حكومته على المطالبة بإقرار معاهدة حول الديون تفرض بصورة آلية عقوبات مالية عالية على كل من يتسبب في العجز في موازنته.
واتهم اتحاد دافعي الضرائب في ألمانيا الحكومة بالتراجع عن موقفها. وقال رئيسه كارل هاينتز ديكه إن المواطنين الألمان سيتحمَّلون الآن القسم الأكبر من المساعدة المالية التي ستدفع إلى اليونان. وقالت مجلة "بورزن تسايتونغ" (صحيفة البورصة) المالية الصادرة في فرانكفورت في تعليق لها إن معاهدة الاتحاد الأوروبي تمنع بوضوح تقديم أي التزام أو دعم جماعي أو فردي إلى عضو أو إلى مؤسسة تابعة له ،مشيرة إلى أن ما حدث هو "خرق فاضح للمعاهدة" و "بداية النهاية لعملة اليورو". ونصحت المجلة بتهكّم البنك المركزي الأوروبي "البدء بإعادة طبع أوراق المارك النقدية".
ميركل وشويبله يفشلان في إقناع الآخرين
وكانت المستشارة ميركل ووزير المالية فولفغانغ شويبله طالبا مسئولي دول منطقة اليورو بتحديد قواعد قاسية على الدول المدينة، واقترحت المستشارة طرد كل دولة تصل إلى حافة الإفلاس من العملة الأوروبية الموحدة، لكنَّهما فشلا في إقناع الآخرين بتأييد وجهة نظرهما.
الكاتب: اسكندر الديك
مراجعة: هبة الله إسماعيل