انتخابات رئاسية وبرلمانية في تركيا - من هم حلفاء أردوغان؟
٢٥ مارس ٢٠٢٣إنها أحزاب صغيرة في تركيا، ولكنها قد تتحول إلى "بيضة القبّان" وتحسم السباق الانتخابي المتقارب. وهذا ما يعرفه قادة هذه الأحزاب ويحاولون استغلاله جيدا. هناك أحزاب إسلاموية صغيرة في تركيا تجد نفسها تحظى بتأييد متصاعد حاليا، وخصوصا حزب "الرفاه الجديد" وحزب الدعوة الحرة.
وبحسب استطلاعات الرأي يمتلك الحزبان معا حوالي اثنين بالمئة من الأصوات حاليا. والآن عرض الحزبان على أردوغان أن يتحالفا معه، ولكن بشرط إلغاء القانون رقم 6284.
شرط أثار الغضب في تركيا، لأن القانون رقم 6284 يلزم الدولة بحماية النساء من العنف، وعدم الكشف عن هويتهن إذا اقتضى الأمر. 234 امرأة على الأقل كنّ في عام 2022 ضحايا لجرائم قتل النساء. إضافة لـ245 حالة أخرى مشتبه بأنها لنساء قتلن، وفق منصة "سنوقف جرائم قتل النساء". العنف ضد النساء مشكلة حقيقية في البلد.
الدعم مقابل ثمن باهظ
قانون حماية النساء يعتبر، منذ وقت طويل، بمثابة شوكة في حلق أحزاب وجمعيات إسلاموية. إذ تزعم هذه الجهات أن مثل هكذا قوانين تؤدي إلى ارتفاع معدلات الطلاق في تركيا، وهي تمثل تدخلا غربيا في هيكلية العائلات التركية المسلمة. ومنذ سنوات يشن إسلامويون حملات مثلا ضد النفقة التي تدفع للنساء. ويستغلون أي مناسبة لزيادة الضغط على حكومة حزب العدالة والتنمية، من أجل إلغاء مثل هكذا قوانين. وبسبب ضغطهم قام الرئيس رجب طيب أردوغان، قبل عامين، بالانسحاب من معاهدة إسطنبول لحماية النساء من العنف.
والآن تجد هذه الأحزاب فرصة جديدة سانحة أمامها. فقبل وقت قصير من الانتخابات تظهر استطلاعات الرأي أن التحالف الحاكم حاليا تتراجع شعبيته. وأيضا أردوغان تراجع إلى المركز الثاني في الاستطلاعات خلف متحديه. والآن يحاول كسب حلفاء جدد. وهؤلاء يستغلون الموقف الحالي ويضعون شروطهم، كإلغاء القانون رقم 6284.
ولكن الغضب كبير من النساء، بما فيهن النساء العضوات في حزب العدالة والتنمية، ولذلك لم يحصل اتفاق مع هذه الأحزاب حتى الآن. وربما يلعب الخوف من خسارة أصوات النساء دورا في ذلك. لأن حزب الرئيس أردوغان يتمتع بشعبية، وخصوصا في أوساط النساء المحافظات.
من هم حلفاء أردوغان؟
إلى جانب حزب أردوغان (حزب العدالة والتنمية الإسلامي المحافظ) هناك حزب الحركة القومية وحزب الاتحاد الكبير، وكلاهما قومي يميني متشدد، وعلى صلة بمنظمة الذئاب الرمادية اليمينية المتطرفة. و"الذئاب الرمادية" تصنف في ألمانيا، وفق هيئة حماية الدستور، على أنها قومية متطرفة ومعادية للسامية وعنصرية. تعادي خصوصا الأكراد واليهود والأرمن والمسيحيين. وهي مقتنعة بتفوق الأمة التركية، ولذلك تعمل من أجل إقامة وطن قومي بقيادة الأتراك، لكل الشعوب التركمانية من البلقان إلى غرب الصين، كما تذكر هيئة حماية الدستور الألمانية.
هذا التصور الذي تتبعه حركة الذئاب الرمادية "يخالف مبدأ المساواة المنصوص عليه في الدستور الألماني"، كما تقول هيئة حماية الدستور في ردها على سؤال وجهته DW.
ووفقا للهيئة فإن أكبر شريك لأردوغان، وهو حزب الحركة القومية، يعتبر المنظمة الأصلية التي نشأت عنها منظمة الذئاب الرمادية. ويمثل مصالحها في ألمانيا اتحاد الجمعيات الديمقراطية التركية المثالية (ADÜTDF). هذا الاتحاد لديه سبعة آلاف عضو، ويعتبر بالتالي أكبر منظمة جامعة (مظلة) داخل جماعة الذئاب الرمادية. ويخضع هذا الاتحاد منذ سنوات لمراقبة هيئة حماية الدستور.
الشريك الآخر لأردوغان هو حزب الاتحاد الكبير، ينحدر أيضا من أيديولوجية الذئاب الرمادية. ويتميز الحزب بأنه يعتبر الإسلام عنصرا مهما في الهوية التركية. تُنسب العديد من جرائم القتل السياسي في تركيا إلى حزب الاتحاد الكبير. ويقال إن أعضاء بالحزب متورطون، من بين أمور أخرى، في مقتل الصحفي الأرميني هرانت دينك. ووفقا لهيئة حماية الدستور، فإن "اتحاد النظام العالمي في أوروبا" هو الفرع الأوروبي لهذا الحزب ويخضع بدوره لمراقبة هيئة حماية الدستور.
كما يتلقى أردوغان في الانتخابات الرئاسية، ولكن ليس في الانتخابات البرلمانية حتى الآن، الدعم من حزب إسلاموي آخر، والذي يصنف بحسب هيئة حماية الدستور في ولاية شمال الراين-ويتسفاليا، على أنه حزب الله التركي. اغتال "حزب الله التركي" العديد من نشطاء حقوق الإنسان ورجال الأعمال والسياسيين في منطقة الأناضول، وخاصة خلال عقد التسعينات. وبحسب الهيئة، فإن لديه 400 عضو في ألمانيا ويخضع للمراقبة أيضا.
دعم إضافي من الجماعات الدينية
تتنبأ استطلاعات الرأي الحالية بسباق انتخابي متقارب بين التحالف الحكومي وتحالف المعارضة. وخلال سنوات حكمه بنى أردوغان جهاز سلطة كبير. فعبر العقود الحكومية والمحسوبيات والفساد أنشأ أيضا النخبة الخاصة به. ومنح امتيازات عديدة للجماعات الإسلامية. وبالتالي فإن الهزيمة في الانتخابات المقبلة تعني بالنسبة لهذه الجماعات خسارة نفوذها وثروتها. ولذلك أعلنت مؤخرا جماعة "المنزل"، وهي طريقة صوفية متشددة تحظى بأكبر عدد من الأعضاء في تركيا، دعمها لتحالف أردوغان.
بالنسبة للخبير بشؤون تركيا، توماس شميدينغر، لم يكن هذا الإعلان مفاجئا، لأن تحالف أردوغان الانتخابي هو مزيج من الإسلام السياسي والقومية المتطرفة. ويقول: "خاصة، بالنسبة لجماعة المنزل، التي حلت، منذ محاولة الانقلاب عام 2016، محل حركة غولن، كواحدة من أهم الشبكات الدينية لحزب العدالة والتنمية". وهو يرى أنه من المنطقي الآن أن تحاول هذه المنظمة الدفاع عن الامتيازات التي حصلت عليها مؤخرا من خلال حزب العدالة والتنمية.
وفي 2016 أعلنت الحكومة التركية أن حركة غولن منظمة إرهابية. ويفترض أردوغان أن الداعية فتح الله غولن، الذي يعيش في منفاه في الولايات المتحدة، كان وراء محاولة الانقلاب في صيف 2016. قبلها كانت حركة غولن داعما مهما لحزب العدالة والتنمية، وذلك منذ تولي أردوغان السلطة في عام 2002.
هل اقتربت نهاية عهد أردوغان؟
لو فاز أردوغان وتحالفه الانتخابي مرة أخرى، فلن تحدث تغيرات سياسية، كما يتوقع الخبير المقيم في فيينا شميدينغر، الذي يرى أن أردوغان سيستمر في اتباع سياسة خارجية عدوانية لصرف النظر عن المشاكل السياسية الداخلية.
ومع ذلك، يعتقد شميدينغر أن تحقيق فوز انتخابي للتحالف الحاكم وأنصاره أمرا غير مرجح، كما تبدو عليه الأوضاع اليوم. فبسبب الفشل في السياسة الاقتصادية وسوء إدارة الأزمة بعد الزلزال المدمر في فبراير/ شباط الماضي، لم يعد التحالف الذي يقوده حزب العدالة والتنمية يتمتع بالأغلبية. ويضيف: "لا يمكن التلاعب بالانتخابات في تركيا إلا بدرجة محدودة"، مستذكرا الاتهامات بالتلاعب في السنوات الماضية.
فهل يمكن أن يغادر أردوغان الميدان طواعية في حالة الهزيمة؟ يبدو شميدينغر متشككا. لأن الدولة التركية يسيطر عليها إلى حد بعيد أتباع أردوغان. إضافة إلى أنه، منذ محاولة الانقلاب، بات لدى مؤيديه أسلحة، مما قد يجعل حصول نزاعات مسلحة أمرا ممكنا. ويعتقد شميدينغر أنه في حالة خسارة أردوغان للانتخابات فلن يسير تغيير النظام بسلاسة.
ألماظ طبجو/ف.ي