اليونان- دوريات مدنية تساعد الشرطة في تعقب اللاجئين!
٩ مارس ٢٠٢٠الساعة تشير إلى ما بعد الحادية عشرة ليلا. في قرية صغيرة محاذية للحدود اليوناية التركية، الوضع هادئ جدا والطقس بارد رغم أن الربيع على الأبواب. وأمام المقهى الوحيد الذي مايزال مفتوحا يتجمع بضعة رجال باللباس العسكري، يبدو التعب والتوتر عليهم.
"ما الذي سنجده هذا المساء"، يسأل أحدهم. "آمل أن يبقى الوضع هادئا"، يقول آخر ويشير إلى أن واحدا منهم تعرض مؤخرا للهجوم بسكين. "اتركونا ننصرف"، يقول شخص آخر ويصعد جميعهم سياراتهم الجيب. الرجال تتراوح أعمارهم بين 40 و 50 سنة يقومون بدوريات، وهم ينتمون "لكتيبة الحرس الوطني" المحلية وهي شكل من أشكال الدفاع المدني التي يتم تنظيمها وتدريبها وإدارتها رسيما من قبل الجيش اليوناني.
"حاليا نقوم بدوريات ونبحث عن لاجئين ومهاجرين عبروا الحدود اليونانية بطريقة غير شرعية"، يقول لنا ديميتريس (اسم مستعار). "وإذا ما عثرنا على البعض، فإننا نعتقلهم ونخبر فورا الشرطة التي تقوم بالباقي". وهل يتم استخدام أسلحة؟ "عادة نحمل أسلحة. لكن بما أننا حاليا لا نملك تفويضا رسميا من الجيش، فإننا نقوم بالدوريات بدون سلاح"، يقول ديميتريس الذي يعترف لاحقا بأنه في حالة الضرورة يتم حمل السلاح.
مدنيون بتجهيزات عسكرية
وفي الأثناء وصلت الدورية إلى محطتها الأولى. مبنى خال يبعد بضع الكيلومترات عن القرية. وسيارات الجيب توجه أضواءها إلى البيت المهمل وتضيئ الظلام. لكن داخل البيت لا يوجد أحد، كما تبين سريعا. وتشير مخلفات الأطعمة المعلبة والخشب المحروق إلى أن عددا من الناس أقاموا في الأيام الأخيرة هنا. والبيت الخالي منذ سنوات يُعتبر محطة للاجئين والمهاجرين الذين يعبرون الحدود رغم الوجود المكثف للشرطة والجيش. "كيف يعرفون بوجود هذا النوع من البيوت؟" أسأل أحدهم، فيجيب: "هناك طرق ومسارات محددة مثبتة على هواتفهم المحمولة. وهذا دليل إضافي على أن كل شيء ينظمه اردوغان"، يقول يورغوس. "ألا يقف مهرب محترف وراء هذه العملية؟"، أسأل، لكن لا أحد يجيب ويخيم السكوت.
مدنيون يدعمون الجيش
الحرس الوطني هم جزء رسمي من الجيش اليوناني وهو موجود في شكله الحالي منذ عام 1982 في الكثير من المناطق الحدودية سواء في البر اليوناني أو على الجزر. ومهمة أفراده الأساسية تتمثل في المساهمة في الدفاع عن البلاد ودعم القوات المسلحة في إتمام مهامها. وللتدخل في حالة الضرورة يتم تدريب الحرس الوطني أسبوعيا من قبل الجيش، وغالبا ما تكون التدريبات على الرماية.
الأسلحة والمعدات يوفرها الجيش للحرس ويحتفظ أفراد الحرس الوطني بأسلحتهم لديهم في البيت. ويتم معاينة الأسلحة والذخيرة بانتظام من قبل الجنود. ويقول ديميتريس: "نحن مدنيون مجهزون بمعدات عسكرية يضعها الجيش في كل وقت رهن التصرف".
وهذا ليس فقط في حالة التهديد بنشوب حرب كما حصل عام 1996 أثناء أزمة إيميا، وهي التسمية اليونانية لجزيرتين صغيرتين غير مأهولتين في شرق بحر إيجه كانتا محل خلاف إقليمي بين اليونان وتركيا.
"نحن نحمي ممتلكاتنا"
حاليا لا يوجد بالنسبة إلى الحرس الوطني تفويض رسمي في منطقة إيفروس الشمالية حيث هناك منذ أسبوع صدامات بين لاجئين ومهاجرين. وهذا يعني بأن الجيش لم يطلب إلى حد الآن الحصول على دعم من المدنيين على الحدود اليونانية التركية. وبما أن مساعدتهم غير ضرورية الآن، تقرر القيام بدوريات أولا داخل القرى لحمايتها. "هذا هو الأساس"، يقول ديميتريس ويضيف "ما يهمني هو حماية ممتلكاتي، ولذلك أنا أشارك معهم".
وخلال توقف ثانٍ بالقرب من كنسية صغيرة يتكرر هذا التبرير. ويتم ترديد أن اللاجئين والمهاجرين غالبا ما يخلفون وراءهم الفوضى والدمار ويتسببون كذلك في حرائق. "يجب علينا حماية ممتلكاتنا. لكننا نقوم بذلك من منطلق الفخر الوطني أيضا"، يضيف غيورغ (اسم مستعار).
وفي الأثناء تشير الساعة إلى ما بعد الثانية ليلا. أفراد الدورية يعودون إلى القرية، بعد التأكد من أن الوضع هادئ، حيث لا وجود للاجئين ولم يحدث شيء. وهناك شعور لدى أفراد الحرس الوطني أن القرية محمية إلى حد الآن.
كونستانتينوس سيميونيديس/ م.أ.م