اليونان- تحول جذري في سياسة اللجوء من خلال بناء مخيمات
٩ مارس ٢٠١٦بشكل مفاجئ أعلنت السلطات اليونانية عزمها لإقامة 14 مخيما جديدا في الأسابيع المقبلة لإيواء اللاجئين والمهاجرين المتدفقين على أراضيها. وقد بات هذا المشروع ملحا بعد الأعلان عن إغلاق ما يسمى ب "طريق البلقان" في وجه عشرات الآلاف القادمين خصوصا من سوريا والعراق وأفغانستان. وكانت حكومة أثينا قد وعدت عام 2015 بإقامة مآوي ل 50.000 لاجئ حتى نهاية العام الماضي ، لكن ذلك لم يتحقق. وهناك الآن رغبة لتسريع تنفيذ المشروع بمساعدة من الجيش الذي يعكف منذ نهاية فبراير الماضي على بناء مخيمات جديدة للاجئين.
وبهذه الخطوة في سياسة اللجوء يجرؤ رئيس الوزراء ألكسيس تسيبراس على ولوج حقل سياسي خطير. وللتذكير نشير إلى أنه في فترة الحملة الانتخابية كان الحزب اليساري لتسيبراس قد هاجم بشدة سياسة اللجوء المتشددة التي نهجها آنذاك رئيس الحكومة المحافظ أنتونيس سماراس. وبعدها بأسابيع من الفوز الكاسح لليساريين في اليونان تم إغلاق أكبر مخيم للاجئين في ضاحية أثينا. وكانت منظمات غير حكومية قد وصفت ذلك المخيم، الذي تم تحصينه بأسلاك شائكة، بأنه "غوانتانامو اليونان". وكان وزير الحماية المدنية يانيس بانوسيس قد وعد بإقامة "مراكز ترحيب" جديدة تعم فيها "ظروف إنسانية أفضل".
ويعتقد خرغوس تسوغبولوس من أحد المعاهد السياسية بأثينا في لقاء مع DW أن رئيس الوزراء اليوناني ينهج الآن تحولا في السياسة الواقعية من خلال فتح مخيمات لاجئين جديدة. وأشار إلى أن رئيس الوزراء اليساري ليس لديه خيار آخر سوى القيام بذلك. ويستبعد هذا الخبير أن تؤدي هذه السياسة الجديدة إلى حدوث احتجاجات داخل الجناح اليساري لحزب رئيس الوزراء، كما حصل صيف 2015 عندما تمرد الجناح اليساري في حزب سيريزا رافضا سياسة التقشف التي تبناها تسيبراس".
رفض السكان لبناء مخيمات مجاورة
في نهاية الأسبوع الماضي أخلت الشرطة في أثينا لأول مرة ساحة فيكتوريا المركزية التي تحولت في الأشهر الأخيرة إلى مخيم مفتوح ونقطة لقاء للاجئين والمهاجرين من مختلف بقاع الأرض. وأفادت مصادر حكومية أن عملية الشرطة هدفت إلى العمل على وأد أنشطة مهربي البشر، وقد تم نقل عائلات بكاملها إلى مخيمات. وكان عمدة مدينة أثينا الاشتراكي خورغوس كمينيس قد اشترط إخلاء ساحة فيكتوريا لأقامة مآوى للاجئين. وهناك الآن خطط لإقامة مراكز إيواء وأخرى لتسجيل الاجئين في مختلف مناطق البلاد. لكن يبدو أن تطبيق ذلك ليس بالأمر الهين.
عندما انتشر في قرية أتيرون بشمال اليونان الخبر أن السلطات المحلية بصدد تخصيص مساحة عشرة هكتارات لإقامة مخيم للاجئين، أسرع سكان محليون للقيام بعملية احتجاجية غير معتادة، إذ قاموا بعد غروب الشمس بحرث تلك الأرض التي لم تعد صالحة للبناء. وحتى في ضاحية بالقرب من أثينا حيث كان من المقرر إقامة مخيم للاجئين لإيواء 1000 شخص اعتبرت السلطات المحلية أن تلك الأرض غير صالحة لمشاريع بنائية. لكن هناك أمثلة معاكسة: ففي مدينة كوزاني في غرب مقدونيا قام عمدة المدينة في منتصف فبراير ببناء مخيم لإيواء 150 شخصا في وقت وجيز. كما ذكر العمدة في لقاء تلفزيوني آخر "استطعنا في غضون ساعات من إيجاد فرص سكن داخل قاعة للرياضة وإيواء اللاجئين الأوائل".
تركيا في صلب الاهتمام
وتأمل الحكومة اليونانية في تخفيف الضغط عليها عن طريق تعاون أفضل مع تركيا، لاسيما في عملية إعادة المهاجرين غير الشرعيين إلى تركيا. وقد جدد رئيس الوزراء التركي أحمد داوود أوغلو فعلا الثلاثاء (8 مارس/آذار) استعداد بلاده لقبول المهاجرين الذين تتم إعادتهم من دول الاتحاد الأوروبي إلى تركيا. وقال أوغلو عقب لقاء نظيره اليوناني الكسيس تسيبراس مساء الثلاثاء في مدينة إزمير التركية الساحلية: "إن تركيا ستستعيد المهاجرين.
وأشار أوغلو إلى أنه سيتم إعفاء المواطنين الأتراك من تأشيرة دخول دول اتفاقية شينغن اعتبارا من شهر حزيران/يونيو المقبل. وحتى الآن لم يتم أي اتفاق بشكل نهائي مع دول الاتحاد الأوروبي على النقاط التي صرح بها أوغلو. ومن المتوقع أن تقرر دول الاتحاد الأوروبي ذلك خلال قمتها المقررة منتصف مارس/آذار الجاري.