اليورو في الذكرى العاشرة لإدراجه كعملة أوروبية موحدة
٣٠ ديسمبر ٢٠١١دون الخوض في التطورات الاقتصادية التي ساهمت في تبلور فكرة إدراج عملة أوروبية موحدة تعود جذورها إلى الستينات، حين ألغى الرئيس الأمريكي الأسبق ريتشارد نيكسون الالتزام بصرف الدولار طبقا لسعر محدد مقابل الذهب، نشير إلى أن رئيس المفوضية الأوروبية الأسبق جاك دولور هو الذي وضع اللبنة الأولى لإقامة اتحاد اقتصادي ونقدي أوروبي، أدى في عام 1998 إلى إنشاء البنك المركزي الأوروبي. ونجح البنك حتى الوقت الراهن في حماية اليورو من أثر كل الاضطرابات النقدية.
وتدرك الأسواق المالية بدقة نجاعة الإجراءات التي يتخذها المسؤولون السياسيون لتقوية عملة نقدية من عدمها. فعندما قرر الساسة الأوروبيون السماح للايطاليين بأخذ ديون إضافية خلافاً لمعايير ميثاق الاستقرار النقدي الأوروبي، وتجاوزوا تلك الثغرة بغضهم النظر لاحقاً عن اليونان التي سمحوا لها رغم وضعها الاقتصادي بالانضمام إلى مجموعة الوحدة النقدية الأوروبية، تلاشت ثقة المستثمرين في اليورو.
المشكلة ليست في اليورو، وإنما في سياسات الدول المثقلة بالديون
وفي تشرين الأول/ أكتوبر من عام 2000 قال تيو فايغل وزير المالية الألماني الأسبق معلقاً على تطور اليورو: "المشكلة تكمن في اليونان، لم يكن يحق لليونانيين الانضمام إلى الاتحاد الاقتصادي والنقدي. الإيرلنديون أنجزوا عملاً اقتصادياً جيداً، غير أن البنية المنتفخة لقطاع البنوك تلتهم الكثير من الأموال. والبرتغاليون يجب عليهم بالطبع تغيير نموذجهم التجاري. هذه هي مشاكل بعض الدول الصغيرة وليست البلدان الكبيرة المستقرة في أوروبا". هذا ما صرح به وزير المالية الألماني الأسبق تيو فايغل الذي ساهم في التسعينات في المفاوضات الخاصة بإدراج اليورو.
والمعروف اليوم أن مشاكل المديونية أصبحت تهدد أيضاً الدول التي يفترض أنها مستقرة اقتصادياً في أوروبا. وهنا يؤكد وزير المالية الألماني الأسبق تيو فايغل على ضرورة التمييز بدقة في هذا السياق، حين يقول: "لدينا مشاكل مالية في بعض البلدان أفرزتها أكبر أزمة مالية طيلة السنوات الثمانين الأخيرة، وأيضاً بسبب أخطاء بعض البلدان. لكن ليس لدينا مشكلة عملة نقدية، بل مشكلة مع هذه الدول".
اليورو عملة قوية ومنطقة اليورو تعاني من أزمة ديون
وبعبارة أخرى يمكن القول بأنه ليس هناك أزمة يورو. فرغم أن العديد من بلدان منطقة اليورو تعاني من تراكم ديون كبيرة، فإن اليورو أثبت جدارته كعملة، إذ وفر المليارات على الشركات كتكاليف للتحويلات المالية. كما مكن الألمان من تحقيق نجاحات هائلة في الصادرات، وضمن للدول الصغيرة على فترات زمنية طويلة مستوى فوائد منخفض. كما أن اليورو تطور بعد الدولار إلى ثاني أهم عملة احتياط في العالم. ورغم كافة الاضطرابات في الأسواق المالية حافظ اليورو على قيمة مستقرة أمام الدولار.
والشخص الذي لا يصدر بضاعة في اتجاه منطقة الدولار أو يقضي فيها إجازة، قلما يهتم بالقيمة الخارجية للعملة الأوروبية الموحدة، فهو يهتم أكثر بالاستقرار الداخلي لعملته. ففي ألمانيا على وجه الخصوص وصف اليورو في البداية كعملة مكلفة، وحتى يومنا هذا يشعر الألمان بأنهم يشهدون تدهوراً في قيمة اليورو، رغم أن الإحصائيات تتحدث لغة أخرى: ففي السنوات العشر التي بات فيها اليورو عملة التداول الرسمية، ظل مستوى التضخم في منطقة اليورو أقل من مثيله خلال السنوات العشر الأخيرة للمارك الألماني.
رولف فينكل/ محمد المزياني
مراجعة: عماد غانم