اليمنيون في ألمانيا...جدل سياسي حاد دون قطيعة
١٩ مايو ٢٠١٥"نظرا لحياتي في ألمانيا وفي بلاد الغرب فأنا أؤمن بإقامة دولة مدنية في اليمن"، يقول الشاب اليمني أحمد الذي يدرس ويعمل في ألمانيا منذ عام 2002. أحمد ينتمي إلى الأقلية اليمنية الزيدية (أحد المذاهب الإسلامية الشيعية القريبة من المذهب السني)، المقيمة بالجزء الشمالي الغربي من اليمن والتي ينتمي إليها الحوثيون والرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح. لكن أحمد - المقيم في برلين والذي التقت به DW عربية في مدينة بون الألمانية - لا يرغب في نشر اسمه الحقيقي ولقبه، لأنه يعتبر أن "الحوثي عدو أساسي لأي شيء اسمه دولة مدنية"، بحسب تعبيره، ويخشى أن تصاب عائلته بمكروه بسبب رأيه السياسي هذا، حيث إنها تسكن في مناطق يسيطر عليها الحوثيون في محافظتي حجة وصنعاء شمال غرب اليمن.
حينما يلتقي أحمد بأحد المواطنين اليمنيين – وهو لا يعرف الكثيرين منهم في ألمانيا - ويتحدث معه، فإنه يعرف من بداية الحديث الموقف السياسي لمحاوره، وإذا لاحظ خلال الحديث وجود تعارض في المواقف السياسية فإنه يتجنب الخوض معه في المواضيع الخلافية. "معظم من تحدثتُ إليهم في ألمانيا هم مثلي ضد الحوثيين"، كما يقول أحمد. ومع ذلك فإن حالة أحمد نادرة وتتسم بالمفارقة، بحسب تعبيره.
"استقطاب شمالي-جنوبي وزيدي-شافعي"
اتسم اليمنيون في ألمانيا بالوعي ولم تصدر عنهم في السابق كلمات تمييزية تجاه غيرهم من المواطنين، مثل أوصاف: "شمالي-جنوبي" أو "زيدي-شافعي"، لكن الحقد الأقليمي والطائفي بدأ يتسلل إليهم لأسباب سياسية وعسكرية مع "مجيء مسلحي الحوثيين من الشمال اليمني ومحاولتهم الدخول إلى مدن الجنوب مثل تعز وعدن بمساندة من قوات صالح "، كما يشرح رامي العريقي الذي أنهى دراسته في ألمانيا قبل 8 سنوات ويعمل مهندسا في قطاع المعدات الطبية. فهو من تعز ووالده يعيش في عدن، أما بقية أهله فيسكنون في صنعاء. ويضيف المتحدث أن "الذين كانوا أيضا مع الوحدة اليمنية قبل الزحف الحوثي إلى الجنوب باتوا يرفضون الوحدة"، ويطالبون بفك ارتباط شمال اليمن عن جنوبه والعودة إلى حالة ما قبل عام 1990.
جدل حاد بين مؤيدي الحوثي وخصومه
"اليمنيون في ألمانيا، مثل أي جالية، يعكسون صورة مجتمعهم في اليمن. والمشكلات قديمة وتتجدد"، يقول زكريا الوشلي لـ DWعربية، وهو يمني حوثي وطالب بجامعة برلين التقنية ومقيم في ألمانيا منذ عدة سنوات. وأشد ما يزعج زكريا هو التأييد الذي يقدمه يمنيون في ألمانيا لضربات التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن - والتي جاءت بتفويض من الرئيس هادي وحكومة الكفاءات اليمنية، اللذين يعترف بهما المجتمع الدولي ولا يعترف بها الحوثيون. وتستهدف الضربات مواقع الحوثيين وقوات صالح ، حيث تؤكدي الى سقوط مدنيين وإلى موجة نزوح. ويقول زكريا في هذا الصدد: "مع العدوان السعودي يُفترَض أن يتجاوز اليمنيون كل خلافاتهم".
وينفي زكريا أن يصل الخلاف بينه وبين المختلفين معه في الرأي من اليمنيين في ألمانيا إلى مستوى العنف، ويضيف: "أواجه هذا الكلام بالحجة وندخل في نقاش حاد". ويقصد بذلك: الجدل الحاد مع اليمنيين المختلفين معه في الرأي، والذين يرون أن ضربات التحالف العربي بقيادة السعودية تحمي مدنهم من قذائف القوات الحوثية وقناصة صالح.
ورغم ذلك يعتبر الشاب اليمني إن الاختلاف في المواقف السياسية لم يقطع العلاقة بينه وبين زملائه من الطلاب اليمنيين في ألمانيا، ويضيف في هذا السياق: "نحن زملاء في الدراسة والسكن ندخل في نقاشات حادة، لكن ظروف الحياة وهموم الدراسة في ألمانيا تفرض علينا التواصل. والتعاون موجود بيننا".ويرى زكريا أن الاختلافات في الاصطفافات السياسية لا يترتب عليها إعادة بناء العلاقات داخل الجالية في ألمانيا، لكنه يصر على الموقف المنطلق من "أن الحوثيين سيقومون بتطهير الجنوب من عناصرالقاعدة".
غير أن الأستاذة الجامعية اليمنية عميدة شُعلان تنزعج من مثل هذه التصريحات وتقول في حديثها لـ DWعربية: "لا نقبل أن يقول صالح والحوثيون إنهم يحاربون القاعدة والدواعش في الجنوب" وخاصةً في عدن وتعز اللتين تتسمان بخصائص التعليم والثقافة." ويرى يمنيون في ألمانيا أن مثل هذه الادعاءات "كذبة كبرى" ابتدعها الحوثيون وصالح لتبرير زحفهم العسكري
الرغبة في السيطرة ومشروع الدولة
من ألمانيا كان أحمد في السابق يناقش عائلته ويتواصل معها بشأن الوضع السياسي القائم في اليمن. وكان يقول إنه ضد الحوثيين ومع إنهاء عمل القوات هناك. لكن التعبير عن رأيه الشخصي أصبح يشكل مشكلة بينه وبين عائلته فلم يعد يتحدث مع أفرادها في السياسة بكل حرية، وإنما يسأل عن حالتهم الاقتصادية والانسانية. ويعتبر أحمد أن الحرب في اليمن هي حرب عبثية ولا معنى لها، وهو "يحمّل مسؤوليتها لكل السياسيين اليمنيين بلا استثناء"، ويرى أن الحوثيين "عائلة صغيرة استغلت الدين استغلالاً تسلطياً على الشعب، كما يجب العمل على نزع أسلحتهم".