اليمن.. معارك على عدة جبهات وغياب للدبلوماسية المحنكة
٢٠ فبراير ٢٠١٦توفي 16 شخصا بمرض أنفلونزا الخنازير منذ ظهور هذا الفيروس في اليمن مطلع العام الجاري. ولا يستطيع الأطباء فعل الكثير لمساعدة المصابين. ومنذ أن فرضت السعودية حصاراً على جارتها الجنوبية حال ذلك دون وصول المستحضرات الطبية. وتعاني البلاد من نقص في كل الأدوية تقريبا، كأدوية مرضى السكري وضغط الدم والسرطان. وإضافة إلى أكثر من ستة آلاف قتيل سقطوا في المعارك، فإن اليمنيين مهددون بأمراض يمكن السيطرة عليها، لولا وجود الحصار.
ورغم أنه يمكن لمصانع الأدوية في اليمن إنتاج هذه الأدوية، إلا أنها تفتقر إلى المواد الضرورية، لأن بعض المواد يمكن استخدامها لأغراض طبية وعسكرية أيضا. لهذا يشملها الحصار السعودي وتواجه رقابة صارمة من أتباع حكومة الرئيس هادي، خوفا من وقوع تلك المواد بأيدي الحوثيين.
الحصار كسلاح
قبل أيام أوقفت قوات التحالف، بقيادة السعودية سفينة قبالة السواحل اليمنية. وحسب أوراق تلك السفينة، فإن حمولتها تتكون من مواد طبية، لكن المراقبين العسكريين قالوا إنها كانت تحمل معدات اتصال لأغراض عسكرية. علما بأن السفينة كانت قادمة من ميناء بندر عباس بجنوب إيران.
فرض الحصار لا يخدم أهدافاً دفاعية فقط. فقبل فترة فرض الحوثيون حصارا على مدينة تعز، ثالث كبرى مدن اليمن والتي يسكنها ثلاثة ملايين نسمة. والمدينة تعاني من نقص ليس في المستلزمات الطبية فحسب، وإنما بالماء والغذاء أيضا.
دور إيران
مدى حجم الدعم، الذي تقدمه إيران للحوثيين الشيعة في اليمن هو من الأمور المختلف عليها. وحسب دراسة نشرتها مؤخراً "المجموعة الدولية لمعالجة الأزمات" عن دور إيران في اليمن، تبين أن إيران وحزب الله اللبناني يدعمان الحوثيين عسكرياً. لكن الدراسة تقول "هذا الدعم أقل كثيراً من دعم الدول الخليجية لأعداء الحوثيين، كما أن الدعم الإيراني للحوثيين وحزب صالح غير حاسم". وحسب الدراسة، فإن معظم أسلحة الحوثيين هي من معسكرات الجيش اليمني.
وتنقل الدراسة عن مسؤول إيراني فضل عدم الكشف عن اسمه: "في الحقيقة، يعرف السعوديون أن دور إيران يكاد لا يذكر. اليمن بعيد جدا عن سواحلنا ونحن لم نرسل أسلحة قبل الحرب، والآن أضحى إرسال السلاح أمراً مستحيلاً". ويضيف المسؤول الإيراني أن إيران تستفيد من هذه الحرب على المدى الإستراتيجي: "السعودية تغرق في اليمن والحرب تكلف المملكة ضريبة عالية، كما تسيء لسمعتها وتسبب لها ضائقة مالية شديدة".
جبهات متعددة
وفعلا، بعد 11 شهرا من الغزو السعودي فإنها لم تحقق مكاسب تذكر. وهذا يعود في جزء منه إلى أن المعارك لا تدور على جبهة واحدة وإنما على عدة جبهات. والصراع الرئيسي يدور بين الحوثيين وبين الرئيس منصور هادي، الذي التجأ إلى عدن. كما حدث انقسام في الجيش بسبب هذه الحرب والآن يقاتل قسم مع الرئيس والقسم الآخر مع المتمردين.
يضاف إلى ذلك صراعات أخرى: الجنوبيون ينادون بالحكم الذاتي وبعضهم يطالب حتى بالانفصال. وفي اليمن يوجد حضور قوي لتنظيم القاعدة وتنظيم "الدولة الإسلامية"، الذي يسعى لإقامة دولة الخلافة في اليمن أيضا إلى جانب سوريا والعراق وليبيا.
أخطاء الدبلوماسية
تخوض السعودية وإيران حربا بالوكالة في سوريا، وهذا يجعل العنف في اليمن يأخذ منحىً طائفياً أكثر فأكثر. وترى صحيفة "العربي الجديد" الصادرة في لندن، أن سياسة السعودية هي المسؤولة بالدرجة الأولى عن ذلك. ولو كانت الرياض حقا تسعى لحل النزاعات، لقامت بالفصل بين الجبهات المختلفة، لكن "بدلا من ذلك بدأت في آذار/ مارس من العام الماضي بشن غارات جوية". وللفصل بين هذه الجبهات لا بد من دبلوماسية محنكة، وقد أشارت الأمم المتحدة إلى أنها تنوي بالفعل تولي هذه المهمة.