اليمن – السلطة غائبة بعد رجم"القاعدة " إمرأة حتى الموت
١٠ يناير ٢٠١٦قيام تنظيم القاعدة برجم امرأة بالحجارة حتى الموت في مدينة المكلا يوم الأحد الماضي، واجهردود فعل قوية، اتسمت باستنكار واسع للأهالي المتخوفين من استمرار تمدد الجماعات المسلحة في ظل الحرب المشتعلة بالبلاد, كما أعادت الحادثة إلى الأذهان جرائم القاعدة المروعة المرتكبة عام 2014، عند تم ذبح 14 جنديا في شبوة.
وذكرت مصادر محلية أن تنظيم القاعدة دعا المواطنين لحضور عملية ما اعتبروه "اعداما" في ساحة المؤسسة الاقتصادية بالمدينة، كما قام جهاديو القاعدة بتصوير فيديو للحادثة ونشره عبر مواقع الانترنت. حادثة قتل المرأة اليمنية رمياً بالحجارة، والأولى من نوعها في تاريخ اليمن، قوبلت بمشاعر السخط في مواقع التواصل الاجتماعي، حيث وصفت نساء هذا العمل "بالوحشية البشعة"
وقالت الطالبة الجامعية أميرة حسن إن مفهوم الجماعات الإسلامية المتشددة مثل القاعدة و"داعش" من الإسلام هو القتل والذبح والرجم وقطع الايدي، مضيفة أن هذه الجماعات لا تستند في ذلك على أي موقف شرعي حقيقي . وتتابع المتحدثة لموقع DW عربية قائلة: "هذه عصابات مجرمة تسعى إلى شرعنه جرائمها"
أما الشابة نهاد مقبل من سكان مدينة المكلا التي ينتشر فيها عناصرالقاعدة فتوضح أن "الدين الإسلامي ليس دين قتل وإرهاب وإنما فيه التوبة والرحمة والغفران، وما اقترفه هؤلاء المسلحون هي جريمة ويجب أن يحاسبوا عليها".
"زانية دون زان"
من جهتها تتسائل السيدة كفاح العجي: "إذا كانت القاعدة تدعي أنها تطبق الشرع الإسلامي، فكيف يتم اتهام امرأة بالزنا دون وجود زان؟ وكيف ترجم امرأة بالحجارة حتى الموت دون تطبيق الحكم على الرجل الزانى؟ " في حين تتحدث نبيلة حمود قائلة:" ليس هذا من شرع الله؟ من أعطى هذه الجماعات حق تطبيق الحكم؟" كما تضيف في حديث لموقع DWعربية:" أليس هناك شروط لتطبيق حكم الزنى؟ هل استوفت الشروط؟". بالنسبة للسيدة حمود ليس الأمر كذلك" وتواصل حديثها قائلة: "من الصعب توفر أربعة شهود عدول كشهود على حادثة الزنا." وتعتبر المتحدثة كفاح أنه "خلال حياة النبي محمد والخلفاء الراشدين كان تطبيق حكم الرجم في الزنى نادراً جداً وذلك نظراً لصعوبة توفر شروطه".
داعش والقاعدة ولا بديل
يتوجه العديد من النساء اللوم والمسؤولية في بروز الجماعات المتشددة وتوسعها في المناطق اليمنية وخصوصاً في المناطق الجنوبية إلى الحكومة الشرعية الممثلة بالرئيس هادي حيث تقول السيدة مزيونة في حديث لموقع DWعربية "حُكامنا تركونا للجماعات المسلحة وذهبوا إلى العاصمة السعودية الرياض لتناول "الكبسة والهامبورغر".
وتعبر سيدة أخرى عن غضبها قائلة: " لدينا رئيس حكومة خارج الوطن والعديد من وزرائه لا يملكون القدرة على العودة إلى البلاد، في الوقت الذي يتم فه الإعلان عن تحرير المناطق الجنوبية من المسلحين الحوثيين وقوات "صالح ". لقد سلمونا في الحقيقة لعصابات القاعدة، وعجزوا عن فرض الأمن رغم مساندة قوات التحالف العربي".
الجماعات الإسلامية المسلحة في اليمن تمكنت مؤخراً من فرض سيطرتها على عدد من المناطق التي يضعف فيها تواجد السلطة الرسمية في الجنوب، مثلا في مدينتي المكلا وزنجبار، مستغلة في ذلك ضعف سلطة الدولة وانهيار مؤسساتها كما تقول الدكتورة سيلين إلهام جريزي المختصة في الشؤون جيو- السياسية ومحللة الشؤون اليمنية في باريس. واعتبرت المتحدثة أن الأماكن التي تغيب فيها سلطة الدولة في اليمن تنتشر فيها عناصر القاعدة.
وتواصل المتحدثة حديثها مع موقع DWعربية وتقول " ما كان متوقعا من إدارة الحكم في المناطق التي يضعف فيها تواجد الدولة ، إلا أنه من الملاحظ انضمام مشايخ ومكونات قبلية إلى القاعدة مثل: العوالق في شبوة والذهب في البيضاء ورداع والفضلي في أبين حيث أصبحت هناك ولاءات مختلفة للقاعدة وداعش وهو ما يتوافق مع مخاوف السقوط في دولة بأكملها في أيدي الجماعات المسلحة عند انهيارها".
إلى ذلك تقول الهام مانع أستاذة العلوم السياسية في معهد العلوم السياسية بجامعة زيورخ وعضوة اللجنة الفدرالية السويسرية لحقوق المرأة "إن غياب الدولة فتح الأبواب على مصراعيه لمثل هذه المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها تنظيم القاعدة وداعش، كي تفرض نظامها المرعب على سكان تلك المناطق، مشيرة إلى أن حادثة الرجم البشعة التي ارتكبتها القاعدة بحق امرأة يمنية بمدينة المكلا مؤخراً تؤكد تخوفات المراقبين من تداعيات الحرب القائمة في اليمن، والتي انعكست على غياب الدولة في مناطق كثيرة في اليمن".
مستقبل حقوقي قاتم للنساء
وفي هذا الصدد تحدث الدكتورة الهام مانع قائلة:" إن أول من يعاني من سلطة الجماعات المتشددة هي المرأة، لاسيما وأن التفسير الديني لهذه الجماعات يظل مهووسا بجسد المرأة والسيطرة عليها والتضييق على حياتها.
وتتابع قائلة "كيف لنا أن نتحدث عن مستقبل المرأة في اليمن في ظل حرب أهلية شرسة، وتنامي قوى الجماعات الاسلامية المتطرفة، وفي غياب للدولة؟ قبل الحرب كان واقع المرأة اليمنية صعباً، جعل اليمن تحتل المرتبة الأخيرة في مؤشر الجندر الدولي، لأسباب تتعلق بالفقر والعادات والتقاليد وتفسيرات دينية رسخت مفاهيم دونية المرأة".
من جهتها تشير الدكتورة سيلين إلى تزايد الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة اليمنية خلال مرحلة ما بعد ثورة 2011 وتقول: "لوحظت انتهاكات قوية وكثيرة ضد النساء منذ بداية الثورة في اليمن عامة وفي تعز والجنوب خاصة. ولازلنا نسمع عن شبه احداث يومية عن نساء يتعرضن لتعسفات وسوء المعاملة، وللقتل والرمي بالرصاص، وللضرب بأعقاب البنادق ضد ناشطات أو حتى ربات بيوت".
إلى ذلك تقول السيدة لطيفة أمين وهي أحدى سكان مدينة المكلا في اتصال هاتفي مع موقع DW عربية: " لقد وصل مسلحو القاعدة وداعش إلى قلب مدينتا، ماذا تبقى أمامهم ؟ إنهم يحكمونا الآن، ولديهم سجون ومحاكم، فهم يعتقلون ويعذبون ولا وجود لأي سلطة بديلة".