"الوضع في البحرين بحاجة إلى مبادرات سياسية كبيرة وجرئيه"
١٨ يوليو ٢٠١١بانسحاب جمعية الوفاق الوطني الإسلامية من "الحوار الوطني" الذي دعا إليه ملك البحرين حمد بن عيس آل خليفة على إثر أزمة سياسية كادت أن تعصف بالمملكة الخليجية الصغيرة، تكون عملية الحوار قد واجهت أولى العقبات في طريقها، كما يرى بعض المراقبين، لاسيما وأن جمعية الوفاق الشيعية من أبرز الحركات المعارضة في البلاد وتمثل جانبا كبير من الطائفة الشيعية. فبعد أكثر من أسبوعين على انطلاق عملية الحوار التي تهدف للبحث عن مخرج للأزمة السياسية التي تعيشها البحرين، حسمت جمعية الوفاق أمرها وأعلنت انسحابها من الحوار معتبرة أن الاستمرار فيه "غير مجدي"، وأن "أسباب ومعطيات تبين أن هذا الحوار لن ينتج حلا سياسيا جذريا للازمة البحرينية بل أن مخرجاته معدة سلفا وستزيد الأزمة تعقيدا".
لكن القائمين على الحوار، الذي أعربوا عن أسفهم للانسحاب، قللوا من أهميته، مؤكدين في الوقت نفسه استمراره " بغض النظر عن قرار أي مشارك بالمغادرة"، كما جاء على لسان المتحدث باسم هيئة الحوار عيسى عبد الرحمن.
وكانت جلسات الحوار قد أنطلق في الثاني من تموز/يوليو، لكن المعارضة الشيعية عبرت عن "تحفظها وتشاؤمها"، معتبرة أن المبادرة الحكومية للحوار لا تقوم على تمثيل حقيقي وقد تشهد إغراق المطالب السياسية في سلة من المواضيع الأقل أهمية.
كيف يجري الحوار إذن؟
من الناحية العملية يفترض أن عملية الحوار ـ أي حوار بين طرفين ـ أن يكون هناك مفاوضات تجلس فيها كافة الأطراف المعنية إلى طاولة الطاولة وتطرح مطالبها. فكيف يجري الأمر في البحرين؟ يقول الصحفي البحريني منصور الجمري، في حوار مع دويتشه فيله، إن المعارضة اعتبرت أن الأمر لا يعدو أن يكون بمثابة "ندوة إعلامية أكثر منه حوارا يفضي إلى حلول للقضايا الجوهرية"وأضاف الجمري، الذي شارك في الحوار بصفته الشخصية كما يقول، هناك "أجندة للحوار معدة سلفا" يتم مناقشتها من خلال أربع ورش عمل تتكون كل منها من نحو 80 شخصاً، مما يعني ـ وفقا للجمري ـ أن كل مشارك لدية نحو ثلاث دقائق لطرح وجهة نظره وهي غير كافية. ويطلق الجمري على هذا الوضع بأنه "نقاش وليس حواراً".
وفي الوقت الذي يعتبر فيه منصور الجمري، رئيس تحرير الوسط البحرينية المستقلة (متوقفة عن الصدور)، أن "بنود الحوار" كما تسميها لجنة الحوار الحكومية أو "الأجندات" كما يسميها هو، "مهمة"، إلا أنه يعتبر أنها لن تفضي إلى حلول جذرية للوضع السياسي المتأزم في البلاد، مشيرا إلى أنها تتناول قضايا وطنية كبير، لكنها لا تلامس الوضع السياسي في البلاد والذي كان سببا للأزمة الأخيرة. ويعتقد الجمري أن الوضع في البحرين بحاجة إلى "مبادرات كبيرة جدا وجريئة من قبل القيادة السياسية في البلاد"، لأن المطروح حالياً ـ كما يقول ـ هي مجرد حلول هامشية لا تعالج جوهر المشكلة.
هل يتجه الوضع نحو التصعيد مجدداً؟
بعد انسحاب فصيل معارض بارز ممثلا بجمعية الوفاق الوطني من الحوار فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو كيف سيكون مستقبل الحوار الوطني؟ وهل وصل إلى طريق مسدود؟ وما هي تبعات ذلك على الوضع في البلاد؟
الخبير الألماني في شؤون الشرق الأوسط، غونتر ماير، يعتقد ـ في حوار مع دويتشه فيله ـ أن حكومة البحرين في الأصل ليست مستعدة لتلبية مطالب المعارضة وفي مقدمتها المطالب الخاصة بتحقيق الديمقراطية في البلاد وهو لا يتوقع من هذه الحكومة الكثير كما يقول. وفي قرأته لمستقبل الوضع في البحرين يقول ماير، وهو مدير مركز بحوث العالم العربي بجامعة ما ينز الألمانية، إن هناك مخاوف حقيقة من عودة الوضع في البحرين إلى حالة تصاعد التوتر التي يعيشها الشارع البحريني بالفعل في الوقت الراهن، لكنه يعود ويقول إن الأمر مرهون بالطريقة التي سوف تتصرف بها السلطات البحرينية.
ويتفق الصحفي البحريني منصور الجمري مع الخبير الألماني في وجود توتر في الشارع البحريني، لكنه لا يرى أن الوضع سوف يتجه بالضرورة إلى حالة التصعيد، لكنه يستدرك بالقول إن هناك "بعض الشد في الشارع البحريني من قبل مجموعات لا تريد إصلاح الوضع في البلاد حفاظا على مكاسب تحققت لها خلال الفترة الماضية وترى في بقاء الوضع على ما هو عليه خدمة لمصالحها"، لكنه لم يذكر هذه الجهات بالاسم.
عبده جميل المخلافي
مراجعة: يوسف بوفيجلين