Die Kasernen der Anderen: Ausländ. Truppen in Deutschland
٣ يوليو ٢٠٠٨أثارت خطط الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، التي أعلن عنها في شهر يونيو/حزيران الماضي، والرامية إلى إجراء إصلاحات واسعة في جهاز الجيش الفرنسي تثير بعض المخاوف في ألمانيا. فالاصلاحات المزمعة ستشمل تخفيض عدد القوات بمقدار 54 ألف جندي، وإنشاء قاعدة عسكرية في الخليج. مما قد يعني أن فرنسا ستسحب قواتها من ألمانيا قريبا!
لكن هل لفرنسا قوات متمركزة في ألمانيا؟ ولماذا ثارت مخاوف ألمانية من قرار الإنسحاب؟ محاولة الإجابة على هذه الأسئلة تقودنا إلى إرث الحرب العالمية الثانية، والتحولات التي جرت بعدها. ففرنسا ليست الدولة الوحيدة التي تملك قوات متمركزة على الأراضي الألمانية، بل هناك قوات لدول أخرى من دول الحلفاء لا تزال متمركزة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في ألمانيا. وبالرغم من عدم وجود أرقام محددة، إلا أن الخبراء يشيرون إلى وجود ما بين 2800 إلى 4000 جندي فرنسي في منطقة شرق نهر الراين، إضافة إلى وجود 60 ألف جندي أمريكي، و 22 ألف جندي بريطاني، و 2600 جندي هولندي، موزعين في مناطق مختلفة من ألمانيا.
من قوة احتلال إلى قوة دفاع مشترك
هذه القوات المتبقية هي جزء من إرث الحرب العالمية الثانية، وكانت مهمتها بعد إنتهاء الحرب ضمان عدم عودة الأفكار النازية إلى ألمانيا بعد القضاء عليها. لكن استقرار الديموقراطية الألمانية الوليدة وعملها على أن يصبح خطر عودة النازية خطرا غير واقعي، أدى إلى تغيير مهمة هذه القوات تغييرا جذريا، فأصبح لها دور آخر، وهو خدمة استراتيجية الدفاع المشترك لحلف الناتو.
ففي ثكنات قوات أعضاء حلف الناتو المتمركزة في الأراضي الألمانية يشترك الجنود الألمان مع زملائهم في إجراء تدريبات مشتركة. الباحث ماتيس ديمبينسكي من مؤسسة هيسن لأبحاث الصراع والسلام يعزو بقاء ثكنات عسكرية في ألمانيا إلى رغبة قادة وزعماء دول حلف الناتو بعد إنتهاء الحرب الباردة في التمسك بسياسية دفاع مشتركة وعدم العودة إلى سياسة دفاع قومية.
عداوة الأمس تصبح صداقة اليوم
لكن لماذا يثير تفكير فرنسا في سحب قواتها المتمركزة مخاوف ألمانية؟ الإجابة هي أن هذه القوات لا ينظر إليها حاليا كقوة إحتلال، بل كقوة حليفة، خاصة بعد التغير الذي طرأ على دورها. كما أن اقتصاد المناطق القريبة من مراكز هذه الثكنات يعتمد بشكل كبير على تقديم الخدمات لها. وبالتالي فإن رحيل هذه القوات يعني خسارة عدد كبير من أماكن العمل.
ولعل الكتيبة الفرنسية الألمانية خير مثال على الدور الجديد للقوات الأجنبية في ألمانيا. فالكتيبة المشتركة التي يبلغ قوامها 5000 جندي تتبع قوات التدخل السريع الأوروبية، ولا تندرج تحت إمرة لواء محدد في هيكل الجيش وإنما تتلقى أوامرها من قيادة الجيشين الفرنسي والألماني مباشرة. والكتيبة رمز لزمن جديد يتخطى فواجع الماضي واستراتيجية جديدة تضع الدفاع المشترك على سلم أولوياتها، لكن الإعلان عن الأفكار الفرنسية جعل مستقبل هذه الكتيبة في خطر. من ناحيتها أعلنت وزارة الدفاع الألمانية عن تمسكها ببقاء الكتيبة، موضحة أن إغلاق بعض الثكنات لا يعني تفكيك الكتيبة بأكملها.
ألمانيا نقطة ارتكاز رئيسية للقوات الأمريكية
لكن استراتيجية الدفاع المشترك ليست السبب الوحيد لبقاء القوات الأجنبية في ألمانيا بعد مرور نحو 20 عاما على نهاية الحرب الباردة، كما يقول الباحث ديمبينسكي. ويضيف أن تمركز القوات الأمريكية في ألمانيا يندرج أيضا في إطار استراتيجية نشر القوات الأمريكية في أماكن متفرقة من العالم.
فألمانيا تعد بالنسبة للولايات المتحدة نقطة ارتكاز استراتيجية، ولعبت دورا كبيرا كمعبر للإمدادات في حرب العراق على سبيل المثال. كما أن مركز القيادة العسكرية الأمريكية لمنطقة أوروبا (يوكوم Eucpm) هو مدينة شتوتجارت الألمانية، وهي المدينة التي أصبحت تضم مؤخرا القيادة العسكرية الأمريكية لمنطقة أفريقيا(افريكوم Africom) أيضا. مما يفسر التظاهرات الكبيرة التي شهدتها المدينة عام 2003 للاعتراض على الحرب على العراق.
العتاد النووي يثير اعتراضات
لكن بالرغم من التغير الجذري في وظيفة القوات الأجنبية في ألمانيا، وتحررها من إرث الحرب العالمية الثانية، تبقى نقطة واحدة تثير الخلاف فيما يتعلق بوجودها، ألا وهي وجود أسلحة نووية ضمن عتاد بعضها. لاسيما بعد ان أُعلن مؤخرا عن وجود عيوب في طريقة تخزين الأسلحة النووية الأمريكية في ألمانيا. وتعالت أصوات السياسيين من الحزبين المسيحي الديموقراطي والليبرالي منادية بسحب هذه الأسلحة، غير أن الحكومة الألمانية رفضت هذه المطالب، مجادلةً بأن بقاء الأسلحة في ألمانيا يبيح لها التدخل في قرار استخدامها.
أما المنظمات الناشطة في مجال حظر انتشار السلاح النووي فلها رأي آخر، حيث تخطط للقيام بمظاهرة أمام مركز القوات الأمريكية في بوشل التابعة لولاية راينلاند - بفالس(غرب ألمانيا) في أغسطس/ القادم من أجل الاعتراض على وجود مثل هذه الأسلحة النووية. مونتي شيدل من منظمة السلام الألمانية اتحاد الممتنعين عن أداء الخدمة العسكرية يقول إن ألمانيا ودول أخرى عديدة وقعت على اتفاقية حظر انتشار السلاح النووي، ووضعت على عاتقها القضاء على هذا الخطر، لذلك حان الوقت أن يتم التخلص من السلاح النووي الموجود في ألمانيا وإعدامه.