الهندسة الوراثية في الزراعة- معالجة النباتات بتقنية عالية
٢٣ أبريل ٢٠١١في مختبرات معهد العلوم النباتية في مركز يوليش للأبحاث في ألمانيا، يمكن لعلماء الأحياء متابعة ودراسة كل التفاصيل الدقيقة تقريبا لعملية نمو النباتات المختلفة لحظة بلحظة. لقد أصبح ذلك ممكنا بفضل التجهيزات التقنية العالية التي يتوفر عليها المعهد، ومنها أجهزة روبوت والمجسات وغيرها من التجهيزات التقنية المتطورة.
وقد أسهم الباحثون في مركز يوليش بأنفسهم في تطوير أو تعديل عدد من هذه التقنيات، ومنها على سبيل المثال جهاز الرنين المغناطيسي النووي الذي يستخدم أساسا في مجال الطب. وكما توضح عالمة الأحياء بمركز يوليش أنيكا فيزه كلينكنبيرغ، فإن هذه التقنية تسمح برؤية النبات حتى جذوره في الأرض ورؤية بنيته الداخلية كذلك.
تكنولوجيا متطورة لدراسة النباتات
إن إجراء التجارب على النباتات كان يعني في الماضي تعريضها للدمار، إلا أن التقنيات المستخدمة في المعهد تجعل إجراء الدراسات والتجارب على النباتات أمراً ممكنا دون إلحاق الضرر بها. وهناك تقنيات قياس خاصة تسمح بمعرفة معلومات دقيقة عن امتصاص النبات للمواد الغذائية والضوء والماء. وباستخدام غرف التحكم التلقائي يمكن محاكاة الظروف المناخية المختلفة التي قد تتعرض لها النبات، ومنها مثلا مواسم الجفاف والأمطار والبرودة والحرارة، وذلك بأسلوب يصفه العلماء بأنه شبيه بذلك الذي يحدث في الطبيعة.
وبتكليف من المؤسسات الزراعية والمشاتل يعكف العلماء في المركز على البحث عن الجينات التي تمنح النباتات خصائص معينة، ومنها مثلا خاصية مقاومة الجفاف. ويعتبر ذلك من الأمور التي تزداد أهمية، بالنظر إلى ظاهرة التغير المناخي وتبعاتها. وكما يقول مدير المعهد أولي شنور، فإن زيادة عدد سكان العالم وارتفاع استهلاك اللحوم ينعكس على ازدياد الطلب باستمرار على إنتاج النباتات. ويضيف “يتوجب علينا إنتاج المزيد من المحاصيل في المساحة نفسها من الأرض، وذلك تحت ظروف مناخية قاسية ومن هنا تكتسب زراعة وتنمية النباتات معنى جديدا تماما.”
ويفوق عدد الباحثين في المعهد 100 باحث ينتمون إلى أكثر من 17 بلدا، حوالي نصفهم متخصص في علم الأحياء. ويفخر المدير أولي شنور بتعدد الاختصاصات في معهده، حيث يقول: “لدينا علماء الأحياء وهم قادرون على فهم علماء الفيزياء والكيمياء، وهؤلاء بدورهم على درجة من الإلمام بالنباتات. هذا أمر غير مألوف بالنسبة لمعهد متخصص في علم الأحياء، لكنه أمر له قيمته العالية بالطبع.”
ويمثل هذا أحد الأسباب التي جعلت المعهد يلعب دورا عالميا رائدا في مجال تحليل البنية النباتية ووظائفها. ولدى المعهد عدد من المشاريع في مناطق متفرقة من العالم، ومن بينها البرازيل والصين، فضلا عن مشروع تم إنشاؤه مؤخرا في الهند. وكثيرا ما يتلقى المعهد طلبات من شركات أمريكية كبرى تعمل في مجال التكنولوجيا الحيوية الزراعية. ومن هنا كان من الطبيعي أن يضع المعهد خططا بشأن توسيع أقسامه المختلفة، إذ سيبدأ قريبا بتنفيذ خطط تعطي أولوية لتوفير مساحة أكبر لبناء البيوت الزجاجية المزودة بتحكم آلي كامل، وذلك لتربية المزيد من النباتات ومراقبتها عن كثب أثناء نموها.
سونيا فلنيكار/ نهلة طاهر
مراجعة: طارق أنكاي