النساء يقدن قطار ازدهار مجال الشركات الناشئة في السعودية
٨ أبريل ٢٠٢٤يستعبد خبراء الاقتصاد حدوث ثورة اقتصادية في السعودية بعيدا عن الاعتماد على الإيرادات النفطية من دون ازدهار مجال الشركات الناشئة وتدشين مشروعات تجارية بقيادة رائدات أعمال سعوديات.
بيد أن الوضع كان مختلفا قبل عشر سنوات وهو ما أشارت إليه رائدة الأعمال السعودية مها شيرة بقولها في مقابلة مع DW إن السعودية كانت تفتقر إلى وجود بيئية للشركات الناشئة.
وكانت السعوديات قبل سنوات يعانين من صعوبات في تدشين مشروعات تجارية فيما قالت مها شيرة إنه في عام 2014 عندما افتتحت أولى مشاريعها في بلدها، كانت القوانين لا تزال تقيد مشاركة المرأة في العديد من المجالات الصناعية والاقتصادية.
لكن بعد أقل من عشر سنوات، نشرت وزارة التجارة السعودية قائمة شاملة بشأن فرص ومجالات العمل المخصصة للنساء فيما قادت السعوديات مشهد الشركات الناشئة المزدهرة في أكبر مُصدّر للنفط في العالم.
وفي ذلك، ذكر "تقرير المرأة وأنشطة الأعمال والقانون" الصادر عام 2024 عن البنك الدولي إن "السعودية تحصل على الدرجة الكاملة حيث سجّلت مئة درجة من أصل مئة وذلك عندما يتعلق الأمر بالقوانين التي تؤثر على قرارات المرأة في المشاركة في العمل وأيضا القوانين التي تؤثر على أجور المرأة وأيضا القيود المفروضة على النساء في بدء الأعمال التجارية وإدارتها والقوانين التي تؤثر على حجم جملة المعاشات التي تحصل عليها المرأة".
وذكر تقرير المرأة السعودية لعام 2021-2022 أن 95% من السعوديات أدرجن مجال ريادة الأعمال كخيار مهني جيد. ورغم عدم نشر بيانات وإحصائيات حول مشاركة السعوديات في القوى العاملة وفي مجال ريادة الأعمال، إلا أن المسار جلي.
وفي هذا الصدد، كتب تيم كالين، الزميل الزائر في "معهد دول الخليج العربية" البحثي ومقره واشنطن، مطلع العام الجاري أنه ما بين عامي 2017 و2021، "تضاعف معدل المشاركة الإجمالية للمرأة في القوى العاملة السعودية من 17.4% إلى 35.6% بما يتجاوز هدف "رؤية 2030" المتمثل في نسبة 30 بالمئة".
وتضم "رؤية 2030" إصلاحات اجتماعية واقتصادية واسعة طرحها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان عام 2016 في إطار جهوده الرامية إلى جعل السعودية أكثر حداثة وتقليل اعتمادها على النفط كمحرك رئيسي للاقتصاد، إضافة إلى جعلها بيئة قادرة على استقطاب السياحة والأعمال التجارية.
ويقول خبراء إن هذه الإصلاحات الاقتصادية الشاملة يجب أن تتضمن بشكل رئيسي إدراج المرأة في القوى العاملة ومعالجة قضية البطالة والضغط من أجل تنويع عائدات النفط وفتح البلاد أمام السياح.
مشهد الشركات الناشئة في السعودية
وفي تعليقها على الوضع الراهن، قالت رائدة الأعمال السعودية مها شيرة "مازالت أتذكر أنه قبل عام 2017، لم يكن هناك سوى عدد قليل جدا من الدورات التدريبية في المدارس أو الجامعات التي كانت تركز على الشركات الناشئة أو مجال ريادة الأعمال".
وأضافت أن خيار تدشين المشروعات التجارية كان منحصرا في أيدي الطبقة الثرية فيما كان يُعتبر الأمر "وصمة عار" لفئات المجتمع السعودية الاخرى، لكنها قالت إنه "بفضل المبادرات الحكومية في الوقت الحاضر، فإنه يمكن لأي شخص في الوقت الراهن يمتلك فكرة قوية أن يصبح رائد أعمال بما في ذلك النساء".
ويقول خبراء إن الحكومة السعودية باتت بمرور الوقت من أكثر المحفزين على دعم الشركات الناشئة المحلية إذ سجل المؤتمر التقني الدولي "ليب 24" الذي انعقد في مارس/آذار الماضي قيام وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية بضخ استثمارات كبيرة بقيمة 11.9 مليار دولار.
وعلى وقع ذلك، ترى مها شيرة أن قطار الشركات الناشئة يسير بشكل جيد في السعودية، داعية إلى ضرورة زيادة رقعة حاضنات الشركات الناشئة التي تدعم هذه الشركات في مراحلها المبكرة من مجرد فكرة إلى مشروع تجاري حقيقي فضلا عن وجود آليات لدعم الشركات القائمة.
الحاضنات؟
وفي ذلك، تشدد رائدة الأعمال السعودية مريم موصلّي، التي ترأس منصة "تحت العباءة"، على أهمية تقديم المشورة للسعوديات اللاتي يرغبن في طرق باب المشروعات الناشئة.
ولسنوات، كانت مريم تدافع عن تمكين السعوديات فيما قامت في عام 2024 بإطلاق شركة "C-Suite Advisory" الاستشارية التي تنشط في مجال الشركات الناشئة.
وفي مقابلة مع DW، قالت مريم موصلي "بصفتي سيدة أعمال، أعرف بشكل مباشر التحديات التي تواجهنا. لقد حان الوقت لوضع أموالي في مكانها الصحيح".
وتدرك السعوديات أن الفشل لن يكون سوى جزء من الرحلة فيما قال سيباستيان سونز، كبير الباحثين في مركز البحوث التطبيقية بالشراكة مع الشرق (كاربو)، إن "مفهوم الفشل كان مرفوضا في السابق في السعودية".
وفي مقابلة مع DW، أضاف "تغير هذا الأمر في الوقت الراهن حيث أدرك العديد من الشباب أن الفشل يمكن أن يكون جزءًا من خبراتهم في مجال الأعمال، وهم الآن على استعداد لتحمل تبعات المخاطرة".
الشركات الناشئة.. "تسويق صورة السعودية الجديدة"
وأشار سونز إلى أن نجاح الشركات الناشئة لن يصب في صالح المجتمع السعودي فحسب وإنما أيضا في صالح الحكومة، قائلا: "التركيز الحالي ينصب على التنويع الاقتصادي في ضوء أن الدولة لم تعد قادرة على استيعاب العديد من الموظفين في القطاع العام، لذا بات من الضرورة تعزيز القطاع الخاص فضلا عن التداعيات الخارجية والداخلية لدعم الشركات الناشئة."
وقال إن الحكومة تقول إنها تروج للمبادرات الشخصية عبر دعم الشركات الناشئة كجزء من خطة "تسويق صورتها الجديدة"، مضيفا "هذا الأمر يدخل أيضا في إطار تعزيز سلطة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في البلاد".
ورغم التقدم في مجال انخراط السعوديات في مجالي الشركات الناشئة وريادة الأعمال، إلا أن وضع المرأة في المملكة ليس مثاليا بشكل عام حيث ذكر التقرير السنوي الصادر عن منظمة "هيومن رايتس ووتش" عام 2024 أن "القمع الواسع في ظل الحاكم الفعلي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان يقوّض بشدة الإصلاحات القانونية المعلنة."
وأضاف التقرير أن "المدافعات عن حقوق المرأة، ومنهن لجين الهذلول، ونسيمة السادة، وسمر بدوي، ما زلن أيضا ممنوعات من السفر وخاضعات لأحكام بالسَّجن مع وقف التنفيذ".
أعده للعربية: محمد فرحان