الناتو.. تعزيز الجبهة الشمالية مع انضمام فنلندا للحلف
٤ أبريل ٢٠٢٣بانضمام فنلندا إلى حلف الناتو يكون عدد أعضاء الحلف قد وصل إلى 31 عضوا وطول حدوده مع روسيا أصبح 2600 كيلومتر. حيث يبلغ طول الحدود الروسية الفنلندية 1300 كيلومتر. ومعظم الخط الحدودي بين البلدين يمتد عبر الغابات ولا توجد تجمعات سكنية كبيرة بالقرب منها، والحدود غير محصنة.
والجيش الفنلندي حسب المسؤولين في المقر العسكري الرئيسي للناتو في بروكسل، يمكن أن يحمي هذه الحدود في الوقت الراهن بمفرده.
والقوات على الجبهة الشمالية الجديدة للحلف مؤهلة ومدربة بشكل جيد ومعنوياتها عالية. حيث لم تلغ فنلندا أبدا التجنيد الإجباري بالنسبة للرجال، ولديها إلى جانب 24 ألف جندي في الخدمة، 900 ألف احتياطي. وفي حال التعرض لهجوم والدفاع يمكن أن يصل عدد أفراد القوات البرية والبحرية والجوية إلى 280 ألف رجل وامرأة.
وهذا العدد من الجنود بالنسبة إلى دولة يبلغ عدد سكانها 5,5 مليون نسمة، يعتبر كبيرا نسبيا، حسب ياكوب فيستبرغ، الأستاذ في الجامعة السويدية للدفاع في ستوكهولم. وللمقارنة، يبلغ عدد أفراد الجيش الألماني الآن بعد إلغاء التجنيد الإلزامي 183 ألف و30 ألف جندي احتياطي، رغم أن عدد سكان ألمانيا أكثر من 82 مليون نسمة.
جيش قوي
"على عكس الدول الأخرى لم تخفض فنلندا ميزانية الدفاع بعد انتهاء الحرب الباردة" يقول الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، مشيدا بالعضو الجديد في الحلف. وبالطبع تضمن فنلندا الآن وقوف كل شركائها في الحلف العسكري الغربي إلى جانبها "كما أنها تقوي الناتو" حسب ستولتنبرغ. فعلى سبيل المثال تجلب فنلندا معها 60 طائرة حربية حديثة إلى منطقة دفاع الحلف.
"وهناك مستوى واستعداد عالي جدا بين الشعب حين يتعلق الأمر بالمقاومة والاستعداد للدفاع". وحتى خلال عقود كدولة "حيادية" بنت جيشا كبيرا، معتمدة على خبرتها في حرب شتاء 1939 – 1940، حسب رأي الخبير العسكري ياكوب فيستبرغ. وفي ذلك الحين فقدت فنلندا 10 بالمائة من مساحتها لصالح المهاجمين السوفييت.
موسكو تتخذ إجراءات مضادة!
يرى المسؤولون في مقر حلف الناتو الرئيسي في بروكسل أن الجيش الفنلندي بمستوى قواته تماما ويمكن أن يشارك في كل العمليات بدون أي مشكلة. لكن في أي وحدات قتالية للناتو على الجبهة الشرقية يمكن أن تشارك فنلندا وأي منشآت للحلف يمكن إقامتها في على أراضيها؟ لم يرد ستولتنبرغ على هذا السؤال خلال مؤتمر صحفي عقده حول انضمام فنلندا للحلف سابقا.
أما في موسكو، فقد أعلن ألكسندر غروشكو، نائب وزير الخارجية الروسي، أن بلاده ستعزز حضورها العسكري في شمال غربي البلاد بعد انضمام فنلندا للحلف. في حين أعلنت فنلندا أنها سترسل دبابات حديثة إلى أوكرانيا.
والتغيير الحكومي القادم في فنلندا بعد الانتخابات التي جرت يوم الأحد (الثاني من نيسان/ أبريل 2023) لن يغير شيئا في سياستها تجاه حلف الناتو، حسب ما نقلته، شبكة التحرير الإعلامية الألمانية عن خبيرة الشؤون الأمنية، مينا ألندر، الباحثة في المعهد الفنلندي للشؤون الدولية.
فهناك إجماع بين كل الأحزاب حول هذا الموضوع. "وسياسة الحكومة الفنلندية تجاه روسيا سترتكز على الردع بشكل متزايد، كبديل عما كانت عليه حتى الآن أي المبينة على الحوار مع موسكو" تقول ألندر.
متى تتبع السويد جارتها فنلندا؟
انضمام فنلندا كان الأسرع في تاريخ حلف الناتو منذ تأسيسه قبل 74 عاما. حيث قدمت فنلندا والسويد طلب الانضمام إلى الحلف معا في مايو/ أيار العام الماضي.
الأمين العام لحلف الناتو، ينس ستولتنبرغ، يأمل بأن تستطيع جارة فنلندا الغربية السويد أيضا الانضمام إلى الحلف قريبا. وقد جدد طلبه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأن يتخلى عن اعتراضه على انضمام السويد للحلف. ويقول ستولتنبرغ: إن السويد التزمت بكل وعودها التي قطعتها لتركيا. وتطالب تركيا السويد بتسليم معارضين أكراد تعتبرهم "إرهابيين".
وانضمام السويد إلى حلف الناتو ليس مكسبا من ناحية السياسة الأمنية وإنما من الناحية العسكرية أيضا، يقول الخبير الأمني ياكوب فيستبرغ، ويضيف لـ DW "سيكون الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لروسيا التحرك في بحر البلطيق. حيث تمتلك السويد خمس غواصات حديثة جدا، يمكن أن تكمل أسطولي بولندا وألمانيا".
الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي يحكم أهم بلد عضو في حلف الناتو، يؤكد دائما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي صدرت بحقه مذكرة اعتقال من المحكمة الجنائية الدولية، قد أخطأ في حساباته بغزو أوكرانيا.
وقال بايدن خلال زيارته إلى بولندا في شباط/ فبراير الماضي "أراد (بوتين) أن يجعل الناتو مثل فنلندا (حياديا)... لكنه بدل ذلك حصل على فنلندا عضو في الناتو". حيث سيصبح الحلف أكبر وليس حياديا كما كانت فنلندا على مدى عقود.
وبإلقاء نظرة على الخريطة سيلاحظ المرء أن الحلف بعد انضمام فنلندا قد اقترب أكثر من سان بطرسبورغ، ثاني أكبر مدن روسيا. حتى الآن كانت أستونيا في جنوب غربي سان بطرسبورغ هي العضو الوحيد في الناتو بالقرب من المدينة الروسية.
بيرند ريغرت/ عارف جابو