المناطق الكردية في تركيا .. الموت خلف كل زاوية
١٩ فبراير ٢٠١٦"هل كل شيء لديك على ما يرام؟" كتبتُ إلى بيريفان سييت (اسم مستعار) بعد تفجير أنقرة. الكردية ذات الحادية والعشرين ربيعاً تدرس منذ سنة في أنقرة. حين التقينا قبل سنة في مدينة ديار بكر، معقل الأكراد، قالت إنها تريد الالتحاق بالجامعة. آنذاك كانت بيريفان تأمل بأن تعود مباحثات السلام بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني بالازدهار على المناطق الكردية، وأن تعود وتساهم في بناء وطنها.
إلا أن جوابها على سؤالي كان: "توقفت عن الدراسة وغادرت أنقرة وعدت إلى ديار بكر"، التي تشن القوات التركية في أجزاء منها حرباً لا يسمع عنها الأتراك في غرب البلاد.
جثث لأيام في الشوارع
أرام تستكين، مثل بيريفان، لا يريد مغادرة ديار بكر. ويقول الشاب، البالغ من العمر 27 عاماً ويعمل ممثلاً مسرحياً: "اليوم حدث انفجار في المدينة". أرام يتواجد في الأشهر الأخيرة في المحكمة أكثر مما يتواجد على خشبة المسرح، موضحاً: "يتهمونني بقيادة منظمة إرهابية"، وهو ما ينفيه.
أرام التقط صوراً لمظاهرة ثم أوقف لعدة أيام وعذّب. وحول الوضع حالياً، يقول: "الوضع الآن في المنطقة حرج ومعقد جداً وأنا لا أخشى من اعتقالي. ما أخشاه هو أن يحدث في ديار بكر مثلما حدث في تشيزره".
يقصد الشاب الكردي بذلك منع التجول لمدة 67 يوماً في مدينة تشيزره، والذي استمر من الرابع عشر من ديسمبر/ كانون الأول وحتى الحادي عشر من فبراير/ شباط. خلال هذه الفترة، وحسب مصادر كردية، قُتل حوالي 80 مدنياً. واشتهر من هؤلاء الضحايا طريقة قتل المرأة المسنة طيبة إنان، والتي تناولتها وسائل الإعلام. خرجت هذه السيدة من بيتها رغم منع التجول وقتلها قناص. وقد بقيت جثتها ملقاة في الشارع لسبعة أيام، لأن عائلتها لم تتمكن من مغادرة المنزل. ولاحقاً قال أطفالها إنهم كانوا يراقبون جثتها من النافذة لمنع الحيوانات المفترسة من الاقتراب منها.
"نحن معتادون على الموت"
"ماذا يمكن أن يحصل لنا أكثر من هذا؟"، تتساءل بيريفان من ديار بكر، والتي شاركت قبل أيام في تشييع جثمان صديق لها من مدينة تشيزره تم حرق جثته. وبعد أحداث تشيزره، اتهم الحزب الديمقراطي للشعوب السلطات التركية بارتكاب مجزرة بحق 60 شخصاً على الأقل. وتضيف الشابة الكردية: "نحن معتادون على الموت، ولكننا نخشى الكثير من الوفيات في المستقبل القريب".
هذا وقد رصدت منظمة "IHD" لحقوق الإنسان من ديار بكر نحو 18 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في عام 2015، محذرة من تعسف السلطات وقمع الأكراد في جنوب شرق تركيا.
توقع احتدام المعارك في الربيع
وسط هذه الأوضاع الخطيرة التي يكتنفها الغموض، يفر الكثير من الأكراد من ديارهم ومدنهم في جنوب شرق البلاد. لهذا، طلبت وزارة التربية من جميع المعلمين في تشيزره وسيلوبي، والبالغ عددهم حوالي 3000، وقف التدريس للمشاركة في تدريب مزعوم.
لكن رغم هذا القمع، أو ربما بسبب هذا القمع، يغادر الكثير من الشباب، مثل بيريفان، مدن غرب تركيا ويعودون إلى مدنهم. حول ذلك تقول بيريفان: "أنا لست الوحيدة التي عادت للمشاركة في كفاحنا المشروع ... الناس هنا ينتظرون ردّاً من المقاتلين الأكراد الموجودين في الجبال". وعندما يأتي الربيع، سيذهب شبان كثيرون إلى الجبال ويلتحقون بالمقاتلين.