المفوضية الأوروبية تريد جعل أوروبا أكثر إبداعاً وابتكاراً
يولي الإتحاد الأوروبي أهمية كبيرة لدعم البحث العلمي وتطوير الابتكارات الجديدة، ويسير ذلك الاهتمام في إطار الرؤية الإستراتيجية للوصول بالإتحاد الأوروبي إلى قوة اقتصادية أكبر ومنطقة إنجاز علمي أكثر أهمية بحلول عام 2010. ويضع رئيس المفوضية الأوروبية خوسيه مانويل باروسا البحث العلمي وتطوير الابتكارات الحديثة في مقدمة سلم أولوياته، اما الهدف الذي يطمح للوصول إليه بنهاية العقد فهو تخصيص نسبة 3 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة على حدة لدعم البحث العلمي وتطوير الابتكارات الجديدة، الأمر الذي سيعطي دفعة هائلة للإنجاز العلمي في أوروبا. ويأتي هذا الاهتمام في وقت تشهد فيه أوروبا تحقيق إنجازات علمية كبيرة منها: إطلاق الجيل الجديد من صواريخ اريانا إلى الفضاء الخارجي وإنجاز نظام الملاحة العالمي جاليليو اعتماداً على الأقمار الصناعية، وهو نظام شبيه بالنظام الأمريكي الخاص بتحديد المواقع الأمريكي "نظام الملاحة الكوني Global Navigation System"، إضافةً إلى الدفعة التي أعطتها شركة إيرباص الأوروبية لصناعة الطائرات بعد نجاحها في منافسة شركة بوينج الأمريكية.
دعم مضاعف
بعد تعيين عالم الاقتصاد السلوفيني يانيز بوتشنيك مفوضاً أوروبياً لشؤون البحث العلمي أعلن عن خططه لمضاعفة الميزانية المخصصة لدعم الأبحاث العلمية في الأعوام الأربعة القادمة لتصل إلى 70 مليار يورو، وبذلك تصبح ثاني أكبر ميزانية في الإتحاد الأوروبي بعد ميزانية الزراعة. وصرح بوتشنيك عن التزامه بالعمل لتسهيل حصول العلماء على منح مالية من أجل مواصلة أبحاثهم، والتقليل من البيروقراطية التي كانت تقف عائقاً أمام وصول الدعم إلى الجهات العلمية. ومن أجل هذا الغرض تم تأسيس مجلس البحث الأوروبي وهو مجلس يتكون من مجموعة من كبار العلماء مهمته وضع الأهداف العلمية التي يسعى الإتحاد الأوروبي لتحقيقها، ويحتفظ مجلس البحث باستقلاليته التامة عن التوجهات السياسية للمفوضية الأوروبية.
يقوم البرنامج الذي سيقدمه بوتشنيك للسنوات الخمس القادمة (2007-2013) على أربع نقاط رئيسية: التعاون، والمقصود بها تكثيف التعاون مع القطاع الصناعي والتكنولوجي على سبيل المثال الأبحاث الجزيئية ومصادر الطاقة البديلة. الأفكار، والمقصود بها تنظيم الأفكار الرئيسية. البشر، وتتمحور هذه النقطة حول دعم التبادل العلمي بين مراكز البحث المختلفة في الإتحاد الأوروبي وتسهيل سبل انتقال العلماء من أجل إكمال أبحاثهم. النقطة الرابعة هي رفع الكفاءة، والمقصود بها توسيع سعة مراكز البحث العلمي وتطوير بنيتها التحتية، والتنسيق مع مراكز البحث الخاصة بالشركات الصغيرة والمتوسطة للتعاون معها.
مركز متقدم
وبعد توسيع الإتحاد الأوروبي ليشمل 25 دولة أعلن مركز الإحصاءات الأوروبية في شهر فبراير / شباط الماضي أن متوسط الميزانية التي رصدتها دول الإتحاد الأوروبي لدعم البحث والتطوير ارتفعت في الفترة ما بين 1998 - 2002 لتصبح 1,93 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي بدلاً من 1,82 بالمائة، وبذلك يحتل الإتحاد الأوروبي المرتبة الثالثة بعد الولايات المتحدة التي خصصت 2,76 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي لدعم البحث والتطوير عام 2003، واليابان التي جاءت في المرتبة الأولى بنسبة 3,12 بالمائة.
تصدرت الدول الاسكندنافية قائمة الدول الأوروبية الداعمة للبحث والابتكارات، وجاءت النسب التي خصصتها من ناتجها المحلي الإجمالي على التوالي: السويد 4,27 بالمائة، فنلندا 3,51 بالمائة، الدانمرك 2,6 بالمائة، ثم تأتي ألمانيا بنسبة 2,5 بالمائة، وفي المرتبة الأخيرة بولندا بنسبة 0،59 بالمائة. وقد نجحت دولة سلوفينيا في تقديم مثالاً يحتذى للدول المنضمة حديثاً للإتحاد الأوروبي، إذ قامت برفع ميزانية البحث والتطوير لتصل إلى نسبة 1،53 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي، كما وصلت نسبة دعم القطاع الخاص للبحث العلمي والابتكارات الجديدة إلى 60 بالمائة وبذلك تكون أعلى من النسبة المتوسطة لدول الإتحاد الأوروبي التي تعادل 55 بالمائة، كما تقترب كثيراً من النسبة التي تطمح إليها الاستراتيجية الأوروبية وهي أن يمول القطاع الخاص ثلثي ميزانية البحث العلمي وتطوير الابتكارات.