المفوضية الأوروبية تحذر من المبالغة في النقاش حول الهجرة
١٥ يناير ٢٠١٤بالنسبة للانسلو أندور، المسؤول عن الشؤون الاجتماعية داخل المفوضية الأوروبية، هناك العديد من الجوانب المفتعلة في النقاش الدائر حول هجرة مواطني دول الاتحاد الأوروبي من دولة عضوة إلى أخرى، معتقداً أن "حدة النقاش تحددها الأجندة السياسية الداخلية لكل دولة على حدة في إشارة إلى اقتراب الانتخابات التشريعية لولاية بافاريا جنوب ألمانيا. فعبر شعاره الانتخابي "من يتحايل، سيرحل" أشعل الاتحاد المسيحي الاجتماعي جدلا حادا حول ما بات يعرف بـ"الهجرة بدافع الفقر" وهو المصطلح الذي برز على وجه الخصوص عندما أزيلت القيود عن مواطني رومانيا وبلغاريا للتنقل والعمل بحرية في جميع دول الاتحاد الأوروبي مع حلول العام الجاري 2014.
وبعد أن نشرت صحيفة زودوتشه تسايتونغ في عددها الصادر في العاشر من يناير/ كانون الثاني 2014 أن المفوضية الأوروبية تعتزم مطالبة ألمانيا بتقديم مساعدات اجتماعية لمواطني الاتحاد الأوروبي، ثارت ثائرة قيادات ذلك الحزب خاصة زعيمه هورست زيهوفر الذي انتقد "جهل المفوضية الأوروبية التام بالواقع الحياتي للناس داخل أوروبا".
جدل قانوني
بيد أن لانسلو أندور رد باتهام بعض وسائل الإعلام وبعض الأحزاب بما في ذلك الاتحاد المسيحي الاجتماعي في ألمانيا بأنهم يتعمدون "قلب الحقائق"، نافيا أن تكون المفوضية تمارس أي ضغوط على الدول لمدّ كل شخص بمساعدة اجتماعية فور أن تطأ أقدامه أراضيها، ويوضح المسؤول أن "كل ما تقوم به المفوضية هو التأكيد على ضرورة دراسة كل حالة على حدة، وأن رفضا شاملا لتقديم المساعدات الاجتماعية لمواطني الاتحاد الأوروبي في الأشهر الثلاثة الأولى من إقامتهم هو إجراء إشكالي من المنظور القانوني".
ويتوقع الخبراء نشوب جدل قانوني بين المؤسسات القانونية الألمانية المختصة بالقضايا الاجتماعية وبين القوانين الأوروبية الفائقة التعقيد، وهذا ما أكدته محكمة ألمانية متخصصة في قضايا العمل، عندما استشارت المحكمة الأوروبية العليا في لوكسومبرغ للنظر في أحد القضايا.
من جانبه، صرح رئيس قضاة الشؤون الاجتماعية، هاينس-بيتر يونغ لإذاعة ألمانيا Deutschlandfunk"أن محاكم الشؤون الاجتماعية سيجبرون مستقبلا على لعب أدوار سياسية، لا يرغبون فيها أصلا؛ وهذا ما حدث بالفعل حين تمّت الموافقة على عضوية رومانيا وبلغاريا داخل الاتحاد الأوروبي". وكان على الساسة في ذلك الوقت النظر إلى الفوارق الهائلة بين مستوى العيش في هذه البلدين من جهة وبين ألمانيا من جهة أخرى. وما زاد الطين بلة، يقول القاضي، إن "القانون الألماني معقد جدا ويجب تأويله اليوم حسب المنظومة القانونية الأوروبية، وهذا ما يستدعي اجتهادات جديدة".
شروط الحصول على المساعدة الاجتماعية
التعقيدات لا تخص القوانين الألمانية فحسب، وإنما الأوروبية أيضا، وهو ما دفع المفوضية في الثالث عشر من الشهر الجاري إلى إصدار دليل قانوني يساعد المرء على الغوص في التشعبات القانونية لنصوص القانون الاجتماعي. وللحصول على المساعدة الاجتماعية في إحدى الدول الأوروبية الأعضاء، يجب توفر عدد من الشروط الأساسية على رأسها أن يكون الشخص مقيما في هذا البلد بشكل شرعي ولمدة طويلة. ومن لم يجد عملا في الدولة المضيفة بعد ثلاثة أشهر فلا يمكنه الحصول على مساعدة اجتماعية من قبل هذه الدولة حتى وإن كان لا يتوفر على دخل. لكن من يقدم وثائق تفيد بأنه بصدد البحث عن عمل ولديه مؤهلات لإيجاده، فبإمكانه البقاء في هذا البلد ستة أشهر كاملة.
وأخيرا، من عاش لخمس سنوات متواصلة في البلد المضيف، فله حق الحصول على مساعدة اجتماعية. وعبر هذه الشروط أرادت المفوضية، كما يوضح لانسلو أندور، توفير "الحماية من الاستغلال السيئ لنظام المساعدات الاجتماعية في الدول الأوروبية المضيفة".
أما من يعمل في أحد البلدان الأعضاء الثمانية والعشرين بشكل قانوني فله بطبيعة الحال الحق في الحصول على المساعدات الاجتماعية تماما مثل باقي مواطني تلك الدول، لأنه يدفع أيضا الضرائب المفروضة والتأمينات الاجتماعية ذاتها التي يدفعها كل موظف آخر.
ويحذر القاضي هاينس-بيتر يونغ من إطلاق مصطلح "الهجرة بدافع الفقر" إجحافا على جميع مواطني رومانيا وبلغاريا لأن هناك من هو حاصل على شهادات عالية ومؤهلات تساعده على الحصول على عمل بسرعة. في حين تشير الأرقام الرسمية التابعة للمفوضية الأوروبية إلى حقائق أخرى، مفادها أن غالبية مواطني الاتحاد الأوروبي (550 مليون شخص) يعملون، وأقلية صغيرة فقط منهم يحصلون على المساعدة الاجتماعية.