المغرب يعيد النظر في سياسته إزاء المهاجرين غير الشرعيين
١٤ سبتمبر ٢٠١٣عاد موضوع المهاجرين غير الشرعيين في المغرب ليطفو إلى السطح بعد إعلان البلاد نيتها بلورة سياسة شاملة جديدة تنظم أوضاعهم. وأُعلن عن المبادرة خلال جلسة عمل ترأسها الملك محمد السادس بحضور رئيس الحكومة وعدد من الوزراء وكبار المسؤولين، خصصت لتدارس مختلف الجوانب المرتبطة بإشكالية الهجرة.
ولطالما شكل موضوع المهاجرين غير الشرعيين، وبالخصوص القادمين من دول جنوب الصحراء، جدلا إعلاميا وحقوقيا في المغرب سواء بسبب الحوادث والانتهاكات التي يتعرض لها هؤلاء، والتي وصلت إلى حد القتل والاغتصاب، أو بسبب التحديات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية التي يفرضها هؤلاء المهاجرون.
المغرب قبلة جديدة للمهاجرين
عدد المهاجرين الأفارقة في المغرب يتضاعف حسب المعطيات الرسمية. ويتراوح عدد الذين يقيمون فيه بطريقة غير قانونية ما بين 15 و 20 ألفا. هذا التزايد ترتفع معه ظواهر مرتبطة بهذا النوع من الهجرة ومنها انتشار المتسولين الأفارقة بشكل كبير في شوارع المدن الكبرى بالمملكة. بعضهم جاء بحثا عن واقع أفضل أو هربا من الحروب في بلدانهم بينما يتخذ البعض الآخر المغرب محطة مؤقتة في انتظار الهجرة إلى أوروبا. ويشير التقرير الذي أصدره مؤخرا المجلس المغربي لحقوق الإنسان إلى أن الحكومة لا تراعي المقتضيات الدستورية في مجال حقوق الإنسان وحقوق الأجانب ولا الالتزامات الدولية للمغرب.
ويقول مصطفى الخلفي، وزير الإعلام والناطق باسم الحكومة المغربية، إن المغرب اعتمد منذ سنوات سياسة للهجرة في إطار التزاماته الدولية أثمرت دستوريا على التنصيص على هذا الأمر. مع المبادرة الملكية الجديدة، يقول الخلفي خلال حوار أجرته معه DW عربية، إن المغرب بهذه المبادرة يدخل مرحلة جديدة في تعامله مع هذا الملف، ويضيف "تشمل التراكمات السابقة في هذا المجال وتنطلق من تقييمات وتشخيصات المؤسسات المعنية مثل المجلس الوطني لحقوق الإنسان وتحترم التزامات المغرب الدولية التي تم تحصينها في الدستور الجديد".
ويرى عبد العالي حامي الدين، القيادي في حزب العدالة والتنمية، أن التفكير في وضع سياسة شاملة لمعالجة هذا الموضوع كان ضروريا بالنظر للتحديات التي أصبح يفرضها هذا النوع من الهجرة ولأن المغرب أصبح بشكل متزايد قبلة للكثير من المهاجرين ومنهم مؤخرا ضحايا الأزمة في سوريا.
العنصرية تزيد الطين بلة
وإذا كان المغرب أصبح أرضا لاستقبال مهاجرين من جنسيات مختلفة بمن فيهم مهاجرين أوروبيين بسبب الأزمة الاقتصادية، فإن حصة الأسد من المعاناة تبقى من نصيب مهاجري دول جنوب الصحراء بسبب التمييز العنصري ضدهم سواء من طرف السلطات أو المواطنين على حد سواء. وتقول خديجة عيناني، نائبة رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان والمكلفة بقضايا الهجرة، إن المغرب يفتقد لإرادة سياسية فيما يتعلق بمعالجة قضية المهاجرين غير الشرعيين في المغرب، وهو ما يتجلى من خلال قيام السلطات نفسها بانتهاك حقوقهم والاعتداء عليهم في مناسبات متعددة.
وتضيف الناشطة الحقوقية المغربية خلال حوار مع DW عربية أن هناك تحريضا على معاملة هؤلاء المهاجرين بطريقة سيئة سواء من خلال الخطابات التي يروجها الإعلام وبعض السياسيين المغاربة أو التسامح مع المعتدين على المهاجرين. وتضرب عيناني مثالا بالحادثة التي عرفتها الرباط الشهر الماضي عندما قتل مهاجر سنغالي على يد جندي مغربي، ولم تتم حتى الآن معاقبة القاتل على فعلته. وتضيف عيناني أن معاناة المهاجرين الأفارقة مضاعفة بسبب التمييز العنصري، فبينما يتم الترحيب بالمهاجرين الأوروبيين يعامل الأفارقة أسوء معاملة.
2013 سنة سوداء
وكانت حادثة مقتل المهاجر السينغالي بالإضافة إلى حادثة اغتصاب مهاجرة من دولة إفريقية على يد أفراد من الحرس المغربي (القوات المساعدة) قد أثارتا جدلا إعلاميا كبيرا خلال الصيف الحالي، وأشار حقوقيون إلى أن هذا الجدل والانتقادات هو ما حدا بالمغرب إلى الإسراع بطرح مشروع لوضع سياسة خاصة بهذا المجال. لكن الخلفي يقول إن التنامي العددي للمهاجرين المغاربة وتشخيص أوضاعهم وتحول المغرب خلال السنوات الأخيرة إلى قبلة للمهاجرين وليس مجرد محطة عبور، أدى إلى التفكير في ضرورة وضع سياسة تعالج إشكاليات الهجرة في المغرب.
بلاغ الديوان الملكي حول الموضوع بدا راضيا عن تقرير المجلس المغربي لحقوق الإنسان. ورغم انتقاداته لوضع المهاجرين بيد أنه لمح إلى أن هناك من يحاول استخدام ملف المهاجرين للإساءة لصورة البلاد. إلا أن عيناني تعتبر أن سياسة الدولة المغربية موجهة للخارج أكثر مما هي موجهة للمغاربة وأن المغرب يتحرك فقط عندما يشعر أنه تم المساس بصورته خارجيا.
وتقول الناشطة الحقوقية "هناك هوة كبيرة بين الخطاب الرسمي وبين ما يحدث على أرض الواقع خاصة فيما يتعلق بمجال حقوق الإنسان". وتضيف أن سنة 2013 هي سنة سوداء بالنسبة للمهاجرين القادمين من دول جنوب الصحراء، فقد عرفت على الأقل مقتل ثلاثة مهاجرين منهم، بالإضافة إلى أن عددا كبيرا منهم يعيش في ظروف غير إنسانية، فبعضهم انتقل للعيش في الغابات وآخرون يتم ترحيلهم للحدود المغربية الجزائرية وتركهم في الصحراء". وتعتبر الناشطة الحقوقية أن عدد المهاجرين غير الشرعيين بالمغرب ليس كبيرا لهذا الحد ليخلق أزمة للمغرب كما يتم الترويج له.