المعارضة الألمانية تلعب ورقة "الجالية الإسلامية" في الانتخابات
منذ تفجيرات الحادي عشر من سبتمبر في الولايات المتحدة الأمريكية 2001، ومرورا بتفجيرات مدريد 2004، ومؤخرا تفجيرات لندن والهاجس الأمني يحتل الأولوية القصوى على أجندة الحكومات الأوروبية مجتمعة أو كل على حده. وفي ألمانيا ـ موضوع حديثنا هناـ أصبح هذا الملف مادة انتخابية على أجندة الأحزاب والقوى السياسية الداخلية وفي وبرامجها وموضوعا للمعارك السياسية بين القوى والأحزاب على اختلاف توجهاتها. وتوظف بعض القوى والأطراف السياسية والدينية، والسياسية/الدينية "المحافظة" الملف الأمني لإدارة معاركها السياسية وكسب ود الناخب من خلال استغلال أجواء الخوف من أي هجمات إرهابية محتملة. غير أن كثير من المحللين يرون أن تضييق الحريات الدينية والشخصية تحت مبررات مثل حماية امن وقيم المجتمع الديموقراطي المسيحي يضر بالتعايش السلمي بين أفراد المجتمع، ويتنافى مع قيم المجتمع "الديموقراطي" ومنظومة الحقوق والحريات السائدة.
تجنيد مخبرين على الجالية الإسلامية
تسعى أحزاب المعارضة الألمانية "اليمنية المحافظة" ممثلة بكل من الحزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والحزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي، وهما ـ وفق لاستبيانات الرأي ـ الحزبان المرشحان الأكثر حظا للعودة إلى الحكم في الانتخابات التي من المتوقع أن تجرى في سبتمبر القادم، إلى تشديد الإجراءات الأمنية على الجالية الإسلامية في ألمانيا وإتباع وسائل مراقبة صارمة تحت مبرر الاحتياطيات الأمنية الوقائية من حدوث تفجيرات إرهابية. وفي هذا الصدد اقترح وزير داخلية ولاية بافاريا، غونتر بكشتاين، وهو محافظ بارز من الحزب المسيحي الاجتماعي، أن تلجا السلطات الألمانية إلى السجن الاحتياطي أو الترحيل للأجانب، الذين قد يمثلون خطرا إرهابيا، حتى دون محاكمة أو ثبوت إدانتهم بجريمة. ومن الإجراءات الوقائية التي يقترحها بكشتاين، وهو المرشح القوي لتولي منصب وزير داخلية ألمانيا في حالة فوز حزبه، تشديد الإجراءات على المتشددين الإسلاميين وتجنيد مخبرين يعملون في أوساط الجمعيات الإسلامية لجمع المعلومات عن نشاطاتها" يجب ان نكون على علم بما يدور في كل مسجد" وأضاف، في مقابلة مع صحيفة برلينر تسايتونج ،Berliner Zeitung "هنا، في هذه ألاماكن التي يتم فيها تنمية الأفكار المتطرفة، يتوجب أن يكون لنا وسائلنا الاستخباراتية".
فاعليات الإجراءات الأمنية
لكن بغض النظر عن تعارض هذه الإجراءات مع الحريات الدينية والشخصية المقفولة في القوانين ومع حرمة دور العبادة يبقى السؤال الأهم هو ما هي فعالية مثل هذه الإجراءات الأمنية الاستباقية وماذا كانت فعلا كفيلة بمنع أي هجمات إرهابية قبل حدوثه، خصوصا وانه أقد ثبت في كثير من الأحوال صعوبة التنبؤ بـ أو معرفة زمن ومكان وهدف هجوم إرهابي الأبعد حدوثه.
بداية يعتقد البعض بان ألمانيا ليس هدفا مباشرا لهجمات إرهابية، على الأقل قي الوقت الحاضر، ويدلل هولا على إن ألمانيا لم تتورط في الحرب على العراق وبالتالي فهي ليست على سلم اولويات المنظمات الإسلامية "الإرهابية". غير أن هذا لا يعني بطبيعة الحال غض النظر تماما، ويلتقط البروفسور كاي هيرشمان، الخبير في شؤون الإرهاب ونائب مدير معهد بحوث الارهاب، في مقابلة مع موقع الدويتشه فيلة بالعربي، إشارة وردت في خطاب لبن لادن عام 2004 لكل من ألمانيا وفرنسا بان تسحبا قواتهما من أفغانستان والا...ويعتبر هيرشمان أن الإشارة الثانية كانت تفجيرات جربة في تونس، والتي سقط فيها سواح ألمان، كما انه قد ثبت تجنيد القاعدة لإرهابيين على الأراضي الألمانية. لكن ـ والكلام ل هيرشمان ـ لا يجب أن نتعامل مع كل المسلمين على أنهم إرهابيين محتملين ولا مع كل الجمعيات الإسلامية والمساجد على أنها أماكن مشبوهة لتجنيد الإرهابيين، يعطي، هيرشمان، أهمية على تعاون الجالية الإسلامية و الجمعيات الإسلامية ودور العبادة مع السلطات الأمنية، اكبر من فعاليات المراقبة والتجسس على هذه المؤسسات" فالمسلمون أنفسهم هم من يجب أن يراقب بنفسهم والتبليغ"، إذا إن تجنيد إرهابيين قد يتم في أماكن أخرى تماما بعيده عن الشبهة، كما أنهم يبدلون استراتيجياتهم وفقا للمعطيات، ويدلل، هيرشمان في مقابلة مع مجلة Spiegel، على ذلك بمنفذي تفجيرات لندن الذين تم تجنيدهم بوقت قصير ومن الأوساط غير المعروفة بارتباطها بالقاعدة أو المشكوك فيها امنيا.
رأي الجالية الإسلامية
أما عن مدى تأثير هذا الإجراءات على الحريات الشخصية والدينية للعرب للمسلمين فيقول السيد قاسم الشلبي، الناشط الاجتماعي والمنسق بين السلطات الألمانية والجالية العربي، "لاشك أن هذه الإجراءات، إذا ما نُفذت، ستحد من الحريات الشخصية والدينية" ويفضل السلبي الحوار المباشر والتعاون لما فيه مصلحة الطرفيين "فليس لدينا ما نخفيه، ولكن هناك من يحاول من القوى الحافظة أن يلصق بالمسلمين والإسلام تهما تلفيقية للتضييق على المسلمين" ويقلل الشلبي من أهمية تجنيد عملا يتجسسون على المقار الإسلامية " إذ أن المجندون في الصفوف والتجسس على الجالية الإسلامية موجود أصلا منذ ال11 من سبتمبر 2001 ولن يأتون بجديد".
عبده جميل المخلافي